معضلة الملاعب تطل برأسها مجدداً... والأنصار اكتسح العهد
في عالم كرة القدم، ليست الملاعب مجرّد مساحات خضراء تُقام عليها المباريات، بل هي البنية التحتية التي يولد منها الاحتراف. وحين تغيب الملاعب "المحترفة"، تصبح البطولات فوضوية وعبثية، ويختفي التطوّر من أساسه. هذه القاعدة تنطبق حرفياً على كرة القدم اللبنانية، اللعبة الشعبية الأولى، التي تعيش منذ سنوات حالة تدهور بطيء وثابت، يقوده عامل واحد: أزمة هيكليّة في إدارة الملاعب.
فاللعبة تقع بالكامل تحت رحمة إدارات المنشآت، حيث العشوائية هي العنوان العريض من دون خطط تشغيلية واضحة، أو جداول ثابتة، ولا احترام للعقود والالتزامات؛ وحدث المرحلة الثامنة من الدوري الـ66 كان المثال الصارخ، إذ اضطرت لجنة المسابقات إلى نقل قمة العهد والأنصار من ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب في جونية إلى ملعب "الإمام الصدر" في بلدة أنصار الجنوبية، بحجة استضافة بطولة الفنون القتالية المختلطة. قرار جاء قبل وقت قصير، وكرّس واقعاً ثابتاً: الملاعب في لبنان تتحكّم بالدوري… لا العكس.
وما يزيد الصورة قتامة أن اتحاد اللعبة، الذي لم يألُ جهداً في حلّ هذه المعضلة، لا يملك سلطة على أي ملعب، فهو ينظّم بطولات وطنية بلا ملاعب وطنية، ويخوض موسماً كاملاً بلا بنية تحتية تضمن الاستمرارية. لا خطط بديلة، لا رُزنامة ثابتة، ولا قدرة على فرض معايير على البلديات التي تدير معظم الملاعب وفق أهواء سياسية وطائفية ومناطقية، لا وفق معايير رياضية، علماً بأن الاتحاد بشخص رئيسه المهندس هاشم حيدر سعى في أكثر من مناسبة إلى طرح حلول وتأمين تمويلها من الاتحادين الدولي والآسيوي إلا أن هذه الجهود اصطدمت بالقوانين التي مرّ عليها الزمن.
غياب مشروع "ملعب وطني" بمواصفات حديثة يبقى أصل المشكلة. فالملاعب المتوافرة إمّا اصطناعية مُجهدة، وإمّا طبيعية، لكنها متآكلة، وتعاني من ضعف الصيانة لأسباب "بشرية". أما السيطرة الحقيقية على هذه المرافق فهي بيد البلديات التي يمكن أن تُقرّر فتح الملعب أو إغلاقه وفق مزاج سياسي أو حساب محليّ، في ظلّ غياب تام للحوكمة الرياضية.
مع ذلك، يعلّق الاتحاد اللبناني آماله على خطوة مرتقبة هي إعلان الدولة اللبنانية تخصيص أرض لبناء ملعب جديد بتمويل من الاتحاد الدولي الـ "فيفا"، وذلك بعدما طرح رئيس الفيفا جياني إنفانتينو هذا المشروع خلال لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قبل أسبوعين. خطوة تحتاج إرادة سياسية حقيقية لا مجرّد وعود، لأن مستقبل الكرة اللبنانية لم يعد يحتمل المزيد من الدوران في الحلقة المفرغة نفسها.
بالعودة إلى المباراة، ضرب الأنصار بقوة، واكتسح العهد 5-1 ليضع قدماً في الصدارة، بانتظار نتيجة المبارة المؤجّلة مع البرج.
وقدم فريق المدرب الصربي دراغان يوفانوفيتش عرضاً قوياً بقيادة نجميه الجزائري هشام خلف الله والفلسطيني محمد حبوس وبقية التشكيلة، حيث لم يقوَ "المارد الأصفر" على إيقاف المدّ الهجومي. وكان العهد قد تلقّى خسارة فادحة أمام الغريم اللدود النجمة بسداسية.

وصعد جويا إلى الصدارة برصيد 19 نقطة، وبفارق الأهداف عن النجمة، بعدما تغلّب على الحكمة بيروت بصعوبة 2-1 على ملعب بلدة العباسية. واستغلّ الفريق الجنوبي تعثّر النجمة بالتعادل مع المبرة 2-2 على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية.

وبقي الحكمة خامساً برصيد 13 نقطة، والمبرة تاسعاً بخمس نقاط.
وهذه المرة الأولى في هذا الموسم التي تُقام فيها مباريات على أكبر ملاعب لبنان، بعد صيانة الأرضية التي غابت عن عشبها مياه الريّ لأسباب "مقصودة" بحسب إدارة المنشأة.
وواصل الصفاء صحوته بتغلّبه على ضيفه الرياضي - العباسية 2-1 على ملعبه في وطى المصيطبة. ورفع "العميد" رصيده إلى 11 نقطة في المركز السادس، والعباسية في المركز ما قبل الأخير بأربع نقاط.
وارتقى التضامن - صور إلى المركز الثامن بتسع نقاط، إثر تغلبه على الراسينغ بيرون متذيّل الترتيب بنقطة يتيمة، 1-0 على ملعب العهد.
وتغلب شباب الساحل السابع (9 نقاط) على البرج العاشر (4 نقاط) 1-0.
نبض