"بيتي هُدم وعائلتي تعيش في خيمة"... مدرب فلسطين يتكلم عن وجعه في كأس العرب
لا يستلم إيهاب أبو جزر، مدرب المنتخب الفلسطيني، من والدته المقيمة في خيمة في قطاع غزة روح الإصرار والعزيمة فقط، بل بعض النصائح الفنية والتكتيكية أيضاً على أعتاب قيادته "الفدائي" إلى إنجاز غير مسبوق ببلوغ ربع نهائي كأس العرب لكرة القدم في الدوحة.
سيكون التعادل كافياً لفلسطين وسوريا للتأهل سوياً إلى دور الثمانية عندما يلتقيان الأحد في استاد المدينة التعليمية في الدوحة ضمن الجولة الثالثة الأخيرة للمجموعة الأولى.
يروي أبو جزر (45 عاماً) لوكالة "فرانس برس" حرص والدته على الحديث معه هاتفياً من غزة حصراً في أمور المنتخب: "لا تتحدث معي عن شيء سوى عن المنتخب، فهي تريد أن يبقى التركيز محصوراً بشأن البطولة".
ويُضيف: "تسألني الوالدة عن اللاعبين. من سيلعب أساسياً ومن سيغيب، وعن التكتيك ومعنويات الشباب والظروف المحيطة بهم".
"هدموا بيت العمر"
يُشير أبو جزر، الذي تولى قيادة "الفدائي" أواخر عام 2024، إلى المأساة التي تعشيها عائلته بعد الحرب: "بيتي هُدم، وبيوت أهلي هُدمت، البيت الذي بنيناه طوبة طوبة (حجراً حجراً) هدم، كان بيت العمر...".
ويتابع: "والدتي وأشقائي يعيشون في خيمة، ويعانون كثيراً لكي يتابعوا مبارياتنا على التلفزيون، يفكرون كيف يتدبرون أمر المولد الكهربائي وشراء الوقود لتشغيله... وشبكه على التلفزيون".
لكنه يردف قائلاً: "كل هذه الظروف تدفعنا للقتال على أرض الملعب لآخر نفس وهذا ما يجعلنا نقف على أقدامنا دائماً ويمنحنا الدافع حتى نفرح أهلنا في غزة".
وإذا ما شكلت هذه الظروف عبئاً عليه، يقول أبو جزر الذي أنهى مسيرته كلاعب عام 2017 وانتقل إلى التدريب عام 2020 بتوليه قيادة منتخب دون 23 عاماً: "في فترة من الفترات كانت عبئاً تحديداً في بداية الحرب. لنكن واقعيين، لم نكن نستوعب ما يجري، ولكن نحن نمتلك جينات عدم الاستسلام".
"إذا رضخنا سوف نندثر"
ويتابع: "إذا استسلمنا ورضخنا لهذه الأمور فإننا كشعب سوف نندثر وقضيتنا ستذوب. نمتلك من الإصرار والعزيمة ما يكفي لكي نقف مجدداً، وهنا لا أتحدث عن شعارات بل عن واقع".
ويؤكد أبو جزر أنّ "منتخب فلسطين يحمل إرثا كبيراً من الشهداء والجرحى والأسرى والمبعدين والشتات، وهو منتخب يحمل أيضاً إرثاً من المعاناة والعذابات، كما يحمل رسالة شعب حي، يريد أن يعيش كما بقية شعوب العالم".
ويضيف: "شعب حيوي إذا هيئت له الظروف يبدع في كل المجالات".
ويترقب "الفدائي" (4 نقاط) تأهلاً غير مسبوق بعد خمس مشاركات سابقة ودّع خلالها من الدور الأول للبطولة التي انطلقت عام 1963 في بيروت، فيما حلت سوريا وصيفة ثلاث مرات (1963، 1966، 1988) في مشاركاتها الثماني السابقة.
وقياساً إلى عروضه في المباراتين السابقتين اللتين أسفرتا عن فوزه على قطر، صاحبة الضيافة، افتتاحاً بهدف في الرمق الأخير، ثم تعادله المثير مع تونس (2-2)، بعدما كان متأخراً بثنائية نظيفة، تبدو الطريق مُشرعة أمام أبناء أبو جزر، بعدما قدم إبن مدينة غزة منتخباً قوياً يتميز بروح عالية ولياقة بدنية ممتازة.
"المعاناة تنعكس ضغطاً إيجابياً"
عن هذه الروح يقول أبو جزر: "نحن نقول دائماً أننا أسرة فلسطينية صغيرة تمثل الأسرة الكبيرة وهي كل الشعب الفلسطيني في الداخل أو في الشتات".
يتابع: "نحاول أيضاً أن نوصل الرسالة التي تصلنا من الداخل و من قطاع غزة والمحافظات الشمالية. لا شك أنها تشكل ضغطاً علينا لكنه ضغط إيجابي".
ويؤكد أبو جزر الذي بدأ مسيرته لاعباً مع نادي شباب رفح قبل أن ينتقل إلى هلال القدس والأمعري وشباب السموع، أنّ طموحات منتخب بلاده تكبر تدريجياً في البطولة، "نخوض البطولة مباراة مباراة. من أول ما وصلنا إلى قطر كنا نفكر في مباراة ليبيا (في التصفيات). ثم بدأنا التفكير في قطر وبعدها تونس".

"تحقيق إنجاز نسحقه"
وعن مواجهته مع سوريا، الأحد، يقول المدرب: "نحن كجهاز فني لا نتكلم في تفاصيل من سيفوز ومن سيتعادل. لدينا تسعون دقيقة وتفكيرنا محصور بها".
وإذا ما كان الاكتفاء بالتعادل للتأهل يشكل عبئاً على لاعبيه، يقول أبو جزر: "ليس عبئاً... هي سيناريوهات مباراة. من الممكن أن نتعادل مع سوريا وتتعادل قطر مع تونس".
ويختم: "نحن سنركز في الدقائق التسعين ولدينا الرغبة في التأهل لكي نحقق إنجازاً نستحقه".
نبض