فيليبي لويس مشروع مدرب وُلد من عقل لاعب
فيليبي لويس لم يكن مجرد اسم جديد في عالم التدريب بالبرازيل، بل تحول إلى رمز لعقلية تكتيكية فريدة أحدثت نقلة نوعية منذ أن وطأت قدماه خط التماس لأول مرة.
انطلق من كونه لاعباً عاش أروع لحظات الكرة الأوروبية، ليصبح مدرباً قاد فلامنغو نحو استعادة أمجاده، مثبتاً أن التخطيط الهادئ والرؤية العميقة يتفوقان على الصخب والضوضاء.
في عام 2023، أعلن فيليبي اعتزاله كلاعب كرة قدم، إلا أن نادي فلامنغو حرص على الاستفادة من خبراته بمنحه فرصة تدريب فريق تحت 17 عاماً.

بدأ رحلته في عالم التدريب مسطراً نجاحات أهلته لتولي فريق تحت 20 عاماً، حيث واصل تألقه وأثبت إمكانياته كمدرب واعد.
ومع تفاقم الأزمة التي ضربت الفريق الأول في عام 2024، وجهت إدارة النادي أنظارها إليه ومنحته القيادة في وقت حساس، ورغم الظروف الصعبة التي أحاطت بالمهمة، استطاع سريعاً إعادة ترتيب الأوضاع وبث روح جديدة في الفريق، ما أعاد فلامنغو إلى المسار الصحيح واستعاد توازنه.
خلال عام وشهرين فقط، نجح فيليبي في بث الحيوية داخل أروقة النادي، حيث اقترب فلامنغو من تحقيق لقب الدوري البرازيلي بفارق نقطة واحدة فقط، وهو إنجاز طال انتظاره منذ عام 2020.
إنجاز وضعه ضمن قائمة المميزين
ولم يكتف بذلك، بل توج عمله بالفوز بكأس ليبرتادوريس بعد الانتصار المثير على بالميراس، ليهدي ناديه لقبه القاري الرابع، وهذا الإنجاز وضعه ضمن الـقائمة المميزة للمدربين، حيث أصبح ثاني برازيلي يتوج بهذا اللقب كلاعب ومدرب.
أحد أبرز اللحظات المؤثرة في رحلته؛ كانت لحظة دموعه بين ذراعي مساعده رودريغو كايو، الذي عايشه كلاعب حين رفعا الكأس معاً، وعاد ليشاركه النصر كمدرب، وهذه اللحظة لم تكن مجرد فرحة عابرة، بل رمزاً للوفاء الذي يجسدها صورة ستخلد ضمن أشهر مشاهد تاريخ كرة القدم.
قصة نجاح فيليبي لم تكن وليدة الصدفة، فمنذ أيامه كلاعب برع في تسجيل الملاحظات التكتيكية مستفيداً من مدارس تدريبية عظيمة تحت قيادة مدربين أمثال مورينيو وسيميوني، وسنواته الأخيرة كلاعب مع فلامنغو لم تكن مجرد نهاية مشواره الرياضي، بل كانت بمثابة فترة إعداد لتحوله إلى مدرب متميز، حيث حصل على الشهادات المطلوبة وصقل مهاراته التعليمية لبداية احترافية دون تعثر.
لم يسلم فيليبي من الانتقاد بسبب هدوئه الواضح أثناء المباريات على خط التماس، لكنه رد بوعي يعكس فلسفته، قائلاً: "لو كان الصراخ خارج الخط قادراً على تحقيق الانتصارات، لما كان كارلو أنشيلوتي أكثر المدربين تتويجاً في تاريخ دوري أبطال أوروبا، وفي اليوم الذي يظن فيه أن عليّ تقديم عرض للجماهير، فحينها لست الشخص المناسب لهذا المكان".
منذ قيادته الفريق الأول في تشرين الأول/أكتوبر 2024، تمكن من تحقيق أربعة ألقاب رئيسية ويقترب الآن من حصد لقب الدوري البرازيلي الذي طال انتظاره، وسجل الفريق تحت قيادته نتائج مذهلة خلال 84 مباراة، حيث حقق الفوز في 54 لقاءً، وتعادل في 21 مباراة مقابل تسع هزائم فقط، وفي أول سنة فقط على مستوى التدريب الاحترافي أحرز بطولة السوبر المحلي بجانب لقبين وكأس قارية عظيمة.
اليوم، يحتل فيليبي لويس مكانة بارزة بين أفضل مدربي القارة وهو لم يستكمل الأربعين من عمره بعد، وفلامنغو يعانق لقب بطل أميركا الجنوبية مجدداً، بينما يواصل فيليبي كتابة فصل جديد من أسطورته التي ترسخ اسمه كرمز للذكاء والانضباط التكتيكي.
هذه الرحلة تؤكد أن فيليبي لم يعد مجرد مدرب ناجح فحسب، بل أصبح نموذجاً ملهماً يجسد أن الإعداد المتقن والتخطيط المحكم والهدوء العميق يمكنها أن تغير المعادلات وتصنع التاريخ، والتفاصيل الدقيقة التي ركز عليها منحته بجدارة مكانة متميزة بين عمالقة كرة القدم على مستوى العالم.
نبض