الأهلي المصري... خطٌ مزدحم وظهرٌ مكشوف
في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بتدعيم خط دفاع الأهلي بصفقات من العيار الثقيل، تكشف المباريات واحدة تلو الأخرى أنّ الأزمة لم تعد مجرّد خلل عابر، بل نقطة ضعف أصيلة تبدأ من الخط الخلفي وتمتد إلى عمق المنظومة.
رغم أنّ الميركاتو الأخير كان أحد أضخم أسواق الانتقالات في تاريخ النادي، فإنّ الإدارة تجاهلت تدعيم الدفاع، ووجهت تركيزها الأكبر إلى الوسط والهجوم، كأنّ الفريق يمتلك اكتفاءً ذاتياً في الخط الذي يعاني فعلياً من أكثر النقاط هشاشة.
الأداء المهزوز والنتائج المتذبذبة أعادا الملف إلى الواجهة، خصوصاً مع إصرار الإدارة على أنّ ازدحام الخط الخلفي بالأسماء كافٍ لإغلاق هذا الجرح القديم. فالفريق يضم ستة لاعبين في قلب الدفاع، ياسر إبراهيم، ياسين مرعي، مصطفى العش، أشرف داري، أحمد عابدين، بالإضافة إلى الصفقة الوحيدة في هذا المركز أحمد بيكهام، إلى جانب ظهيرين دفاعيين في كل طرف: محمد هاني، عمر كمال، كريم فؤاد يميناً، وأحمد نبيل كوكا ومحمد شكري يساراً. على الورق تبدو القائمة مكتملة، لكن الملعب يقول شيئاً آخر تماماً.
الفريق أمام مرآة دفاعه
رغم هذا العدد، يفتقد الأهلي إلى الحد الأدنى من الانسجام والتنظيم. الأخطاء الفردية تتكرّر بصورة تثير القلق: بطء في اتخاذ القرار، تراجع غير منسق، تغطية عكسية متأخرة، ومساحات واسعة تُمنح للخصوم بلا مبرّر. هذا التصدّع الواضح يسمح للمنافسين بخلق فرص حقيقية تُترجم في كثير من الأحيان إلى أهداف. والمحصلة أنّ خط الدفاع تحوّل إلى مرآة تكشف هشاشة الفريق، على عكس الهجوم الذي كثيراً ما ينجو من النقد بتسجيله للأهداف أو حتى وصوله إلى المرمى كثيراً.
الأرقام تُبرز حجم الأزمة بوضوح؛ فمنذ بداية موسم 2025-2026، لعب الأهلي 19 مباراة في مختلف البطولات، استقبل خلالها 20 هدفاً، وخرج بشباك نظيفة في 7 فقط. وفي الدوري تحديداً، استقبل 13 هدفاً في 12 مباراة، بمعدل يتجاوز هدفاً في كل لقاء، وهو رقم لا يليق بفريق ينافس على البطولات. هذه الفجوة بين الأداء الفعلي والمتوقع تعكس مشكلة منهجية لا تُعالج بمجرّد تغيير أسماء.

كوارث الحراسة لا تبرئ الدفاع
صحيح أنّ الحارس محمد الشناوي يتحمّل جزءاً من المسؤولية بسبب أخطاء مؤثرة، إلا أنّ الأزمة أعمق بكثير من مجرّد إخفاقات فردية بين القائمين. فالدفاع بلا تنظيم أو قائد واضح، والتناغم بين خطوطه شبه غائب، والثقة بين لاعبيه تهتز مع كل محاولة خطيرة يتعرّض لها الفريق.
وأمام هذا الواقع، يصبح من الواضح أنّ الأهلي بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة للخط الخلفي. هناك أسماء لم تعد تضيف شيئاً، مثل داري الذي تعوقه الإصابات المتكرّرة، والعش محدود الإمكانات، وعابدين الذي يحتاج إلى وقت وخبرة لا يمكن توفيرهما داخل بيئة ضاغطة كالأهلي، فضلاً عن بيكهام الذي لم يثبت جدارته في أي من تجربتيه مع الفريق. أما مركزا الظهيرين فباتا نقطة ضعف مكشوفة للمنافسين، وأصبح لا بد من التدعيم الفوري.
يمتلك الأهلي اليوم الأسماء لكنه يفتقد الدفاع الحقيقي؛ ستة مدافعين بلا تناغم يعني صفر ثبات. الإصلاح يبدأ من الاعتراف بالأزمة، ويمتد إلى بناء منظومة دفاعية صلبة، وليس مجرّد تغيير في الأفراد. فثمن الظهر المكشوف قد يكون أثقل بكثير مما يتحمله موسم يبحث فيه الأهلي عن استعادة هيبته.
نبض