التجنيس يغزو الكرة الآسيوية... فرص لبنان في المهجر

رياضة 17-11-2025 | 14:21

التجنيس يغزو الكرة الآسيوية... فرص لبنان في المهجر

الفوز في التصفيات لم يعد ممكنًا بالمواهب المحلية وحدها، بل يتطلب الاستعانة بلاعبين يملكون خبرات دولية، وأصولًا متعددة، ومهارات قادرة على رفع مستوى الفريق سريعًا
التجنيس يغزو الكرة الآسيوية... فرص لبنان في المهجر
اندونيسيا اعتمدت على لاعبين نشأوا في هولندا بينما وجد لبنان في المهجر فرة لتدعيم صفوفه. (وكالات)
Smaller Bigger

تحولات جذرية عرفتها كرة القدم الآسيوية في العقدين الأخيرين. فمع توسّع بطولة كأس العالم إلى 48 فريقًا وارتفاع حصة القارة إلى ثمانية مقاعد تلقائية، أعيد رسم خريطة المنافسة ودخلت أبعاد جديدة على سباق التأهل.

لم تعد الدول الكبرى وحدها تسيطر على المشهد، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وإيران والسعودية وأوستراليا، بل أصبحت منتخبات الصفين الثاني والثالث تمتلك فرصة حقيقية للظهور على الساحتين القارية والدولية. هذه الفرصة لم تقتصر على المنافسة في داخل القارة، بل دفعت العديد من الاتحادات إلى البحث عن مكامن القوة خارج حدودها، عبر استقطاب لاعبين من المهجر أو مزدوجي الجنسية، في ما أصبح يُعرف بـ "سباق التجنيس" الذي غيّر طبيعة كرة القدم الآسيوية.

خبرات دولية

التوسع في عدد المقاعد لم يأتِ كهدية مجانية، بل كرّس فكرة جديدة لدى مدربي المنتخبات الطامحة: الفوز في التصفيات لم يعد ممكنًا بالمواهب المحلية وحدها، بل يتطلب الاستعانة بلاعبين يملكون خبرات دولية، وأصولًا متعددة، ومهارات قادرة على رفع مستوى الفريق سريعًا.

الإمارات تمثل نموذجًا بارزاً لهذا التوجه، إذ تضم تشكيلتها أغلبية من اللاعبين المولودين خارج الدولة، خصوصاً من البرازيل، إضافة إلى أرجنتينيين ومغاربة وتونسيين وعاجيين. ورغم الجدل، الذي يرافق هذا النهج، فقد أثبت نجاحه في رفع مستوى الأداء، حتى بات بالإمكان تشكيل فريق شبه كامل من اللاعبين المجنسين، ما يمنح المنتخب أفضلية واضحة في المباريات الحاسمة.

إندونيسيا مثال آخر على الاستفادة من المهجر، إذ اعتمدت على لاعبين هولنديين من أصول إندونيسية مثل كيفن ديكس، فساهموا في دفع المنتخب إلى الدور النهائي من التصفيات، في أقرب فرصة للتأهل منذ نسخة 1938. هؤلاء اللاعبون لم يرفعوا المستوى الفني فقط، بل أعادوا تشكيل روح الفريق وطموحه وطبيعة أدائه الجماعي. أما قطر فذهبت أبعد من ذلك منذ العقد الأول من القرن الحالي، مستفيدة من المقيمين لتقوية صفوفها، ما دفع الفيفا لاحقاً إلى تشديد شروط التجنيس لضمان الجدية والالتزام الرياضي. وفي ماليزيا، أدّت محاولات تزوير وثائق بعض اللاعبين إلى عقوبات وغرامات، إلا أن الفكرة الجوهرية بقيت واضحة: النجاح لم يعد ممكناً بالاعتماد على المحليين وحدهم.

 

من مواجهة لبنان مع إندونيسيا الودية في أيلول (سبتمبر) 2025. (وكالات)
من مواجهة لبنان مع إندونيسيا الودية في أيلول (سبتمبر) 2025. (وكالات)

لبنان مختلف

في هذا السياق، يبدو الوضع اللبناني مختلفًا، لكنه يواجه تحدّيات مشابهة. فالدوري المحليّ ضعيف التنافسية، والاستثمار في الفئات العمرية والأكاديميات محدود، رغم وفرة المواهب. لذا ارتبط الأمل دائماً بالاستفادة من لاعبي المهجر. تاريخيًا، لجأ لبنان إلى التجنيس في كأس آسيا 2000، حين ضم خمسة لاعبين برازيليين محترفين. وقد كان لهذه الخطوة أثر إيجابي على مستوى المنتخب والدوري المحلي، لكنها لم تكن كافية لتحقيق نتائج كبيرة على الصعيد القاري.

اليوم، أصبح استقدام لاعبي المهجر اللبنانيين خياراً استراتيجياً وحتمياً. وهناك جهود متصاعدة لاستعادة الجنسية اللبنانية لمواهب شابة واعدة في أوروبا وأوستراليا وأميركا اللاتينية والدول الإسكندنافية، بهدف سدّ الفجوات الفنية والتكتيكية والبدنية التي يعاني منها المنتخب الحالي.

 

أصبح استقدام لاعبي المهجر اللبنانيين خياراً استراتيجياً وحتمياً. (وكالات)
أصبح استقدام لاعبي المهجر اللبنانيين خياراً استراتيجياً وحتمياً. (وكالات)

 

تكمن أهمية هذه الخطوة ليس فقط في استدعاء اللاعبين، بل في ضمان دمجهم ضمن الفريق الوطني، وتوفير استمرارية في الدعم الفني والإداري. هذه الاستراتيجية تعكس الدروس المستفادة من التجارب الآسيوية الأخرى، حيث أصبح التجنيس أداة أساسية للارتقاء بمستوى المنتخبات، خاصة مع ارتفاع مستوى المنافسة وتطور برامج الدول القريبة مثل اليمن والعراق والأردن وفلسطين.

الاختلاف الحقيقي لا يكمن في عدد المواهب فقط، بل في حجم الاستثمار في تطوير اللاعبين والبنية التحتية وبرامج الفئات العمرية.

المباريات المقبلة قد تشهد ظهور لاعبي المهجر اللبنانيين، وهو ما يمثل الأمل الأكبر لإعادة الحيوية إلى المنتخب واستعادة ثقة الجمهور.

فرصة لبنان للتحول
مستقبل منتخب الأرز يتطلب رؤية واضحة، وعملًا دؤوباً، واستثماراً في البنية التحتية، إلى جانب الاستفادة المثلى من لاعبي المهجر، لتصبح هذه الخطوة ركيزة أساسية لإعادة بناء منتخب قادر على مواجهة تحديات المنطقة والمنافسة في البطولات الكبرى.

يمكن القول إن كرة القدم الآسيوية دخلت عصر التجنيس كأداة استراتيجية للنجاح، والدول التي لن تواكب هذا التحول قد تجد نفسها خارج المنافسة. ولبنان، عبر لاعبيه في المهجر وصقل مواهبه المحلية، يمتلك فرصة حقيقية لصناعة تحول نوعي، ليس فقط على مستوى النتائج، بل في مستوى المنتخب وحضوره القاري، بما يجعله أكثر استعداداً لمنافسة صعبة على الصعيدين الآسيوي وربما العالمي في المستقبل القريب.

الأكثر قراءة

تركيا 11/16/2025 6:11:00 AM
كان أفراد العائلة أصيبوا بتوعّك الأربعاء بعد تناولهم أطعمة من باعة متجوّلين
سياسة 11/16/2025 2:18:00 PM
حنكش: لضبط كل السلاح خارج الشرعية وخصوصاً مع رواسب الميليشيات المسلحة في المتن وكل لبنان
سياسة 11/16/2025 5:01:00 PM
تجاوز عدد المقترعين عند الإقفال 4700 ناخب
سياسة 11/16/2025 7:55:00 PM
يتمتع مرتينوس بخبرة تزيد عن 25 عاماً في ممارسة المحاماة، وقد شغل عدة مناصب داخل نقابة المحامين في بيروت قبل ترشحه للنقابة