من كان يتخيل أن خطوة بحجم الانتقال إلى ريال مدريد، حلم أي لاعب في العالم، قد تتحول إلى مصدر تهديد لأحد أبرز نجوم الكرة الإنكليزية؟

لاحق ترينت ألكسندر أرنولد حلم اللعب مع النادي الملكي، إذ غادر ليفربول بعد عقدين من الولاء، لكنه يعيش حالياً مفترق طرق بين مجد "الملكي" وحلم تمثيل بلاده في كأس العالم الذي بدأ يتلاشى من بين يديه.

أرنولد مع ريال مدريد بمواجهة ليفربول. (أ ف ب)

منذ انتقاله إلى ريال مدريد في الصيف الفائت، دخل أرنولد مرحلة جديدة في مسيرته، فالموهبة التي طالما صُنفت كأحد أفضل من لمس الكرة في مركز الظهير الأيمن، وكان بمثابة عقل ليفربول المفكر الذي يقود منظومة كلوب هجومياً ودفاعياً، وجدت نفسها في بيئة مختلفة تماماً في العاصمة الاسبانية.

تحت قيادة تشابي ألونسو، المطلوب من الظهير الأيمن ليس الإبداع وصناعة اللعب، فهناك ما يكفي من النجوم القادرين على أداء هذا الدور، بل أصبح المطلوب الانضباط الدفاعي الصارم الذي يميز فلسفة النادي، وهو ما وضع اللاعب الإنكليزي أمام اختبار تكتيكي لم يعتده كثيراً في ليفربول. 

ومع مرور المراحل، تقلصت مشاركاته تدريجاً بعدما بدأ الموسم أساسياً. ومع تراجع الأداء ثم تعرضه لإصابة، وجد أرنولد نفسه بعيداً عن التشكيل الأساسي، لتتحول مشاركته إلى دقائق معدودة في بعض المباريات، قبل أن يعود ويكتشف أن مكانه لم ينتظره.

لكن تلك البداية الصعبة ليست الأزمة الكبرى، فكم من لاعبين لم يوفقوا في بداياتهم مع نادٍ جديد، ثم استعادوا بريقهم لاحقاً. غير أن مأزق أرنولد الحقيقي يأتي من استمرار استبعاده من قائمة منتخب إنكلترا. فالقائمة الأخيرة التي أعلنها توماس توخيل خلت من اسمه مرة أخرى. سياسة المدرب واضحة: من يشارك يُستدعى، ومن يغيب يبتعد. ومع وجود بدائل أكثر انتظاماً في المشاركة وتوازناً دفاعياً، أصبح مركز أرنولد في المنتخب محل شك حقيقي.

بالنسبة لأرنولد، لا يتعلق الأمر باستبعاد عابر، بل بخطر يهدد الحلم الأكبر الذي راوده منذ الطفولة: ارتداء قميص إنكلترا في كأس العالم كلاعب أساسي. فبعد أن كان أحد أبرز عناصر المنتخب في مرحلة التصفيات السابقة، وجد نفسه الآن على الهامش.

ومع ذلك، فالصورة ليست قاتمة تماماً. فوجوده في ريال مدريد يمنحه فرصة نادرة لإثبات نفسه في أعلى مستوى ممكن، وسط نخبة من النجوم وتحت ضغط المنافسة الأوروبية. وإذا تمكن من التأقلم مع أسلوب ألونسو ورفع كفاءته الدفاعية واستغلال الفرص حين تأتي، فإن طريق العودة إلى تشكيلة المدرب الألماني توماس توخيل سيُفتح من جديد، وربما يعود أقوى من أي وقت مضى.