لاعب يخلق الإيقاع، يغيّر المراكز، ويُعيد تعريف معنى "السحر" في "أنفيلد"؛ هكذا أصبح المجري دومينيك سوبوسلاي الذي تحوّل من مجرّد صفقة غير أساسية في "الريدز" إلى "الدينامو" و"الرئة" التي تمثل متنفس الفريق في كل مكان داخل الملعب.

في كرة القدم الحديثة، بات اللاعب القادر على أداء أكثر من دور كنزاً لا يُقدّر بثمن. ومع ليفربول تحديداً، يظهر دومينيك سوبوسلاي كأحد أبرز الأمثلة على هذا النموذج النادر. اللاعب المجري الذي انضمّ إلى كتيبة يورغن كلوب قادماً من لايبزيغ الألماني في صيف 2023، واستمر وجوده مع منظومة آرني سلوت، لم يحتج إلى وقت طويل ليُثبت أنه أكثر من مجرّد صفقة جديدة، بل قطعة رئيسية في ماكينة "الريدز" المتجدّدة.

منذ ظهوره الأول بقميص ليفربول، خطف سوبوسلاي الأنظار بقدرته المذهلة على التكيّف مع أيّ مركز يوكل إليه. فتارةً نراه صانع ألعاب حرّاً يوزّع الكرات ويقود الإيقاع، وتارةً أخرى جناحاً متحرّكاً يربك الخصوم بسرعته وانفجاره البدني، وأحياناً ظهيراً مقاتلاً لا يتردّد في العودة إلى التغطية والدفاع. هذه المرونة جعلت منه "جوكر" حقيقياً في منظومة ليفربول، قادراً على مجاراة التحوّل التكتيكي السريع بين الخطط من دون فقدان الإيقاع.

دومينيك سوبوسلاي خلال التمارين. (أ ف ب)

الأرقام قد لا تنصفه؛ ففي 109 مباريات، سجل 17 هدفاً وصنع 19. لكن ما يميّز سوبوسلاي ليس فقط قدرته على شغل المراكز، بل الطريقة التي يؤدّي بها كل دور. هو لا يكتفي بالتنفيذ، بل يضيف لمسته السحرية الخاصة؛ تمريرات طويلة دقيقة، تسديدات قويّة من خارج المنطقة، وقراءة ذكيّة لمواقع زملائه وخصومه.

في المباريات الكبرى، يتجلى تأثيره أكثر؛ فأمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، قدّم سوبوسلاي أداءً يُدرّس، حيث كان أكثر من استعاد الكرة، وأكثر من مرّر تمريرات طويلة ناجحة، وصنع فرصاً عدة للتسجيل. هذا الأداء أعاد إلى الأذهان صورة لاعب لا يهدأ، يتحرّك كأنه يمتلك ثلاث رئات، ويفكّر بعقل صانع ألعاب ومهاجم ومدافع في آنٍ واحد.

الإحصائيات بدورها تروي القصة بوضوح: أكثر من ثلاث تمريرات حاسمة في دوري الأبطال، نسبة نجاح تمريراته تتجاوز 90%، ومعدّل جهد بدني يجعله من أكثر لاعبي الفريق حركةً في كل مباراة. أرقام تؤكد أنّ ليفربول لا يملك فقط موهبة شابة واعدة، بل لاعباً يُجسّد فكرة "السحر العملي" في كرة القدم الحديثة.