حلم المونديال يصطدم بالواقع... "أسود الرافدين" في سباق مع التاريخ!

رياضة 06-11-2025 | 14:32

حلم المونديال يصطدم بالواقع... "أسود الرافدين" في سباق مع التاريخ!

"أسود الرافدين" أمام 180 دقيقة من الحسم، ليسوا في سباق مع الإمارات فقط، بل في سباق مع التاريخ
حلم المونديال يصطدم بالواقع... "أسود الرافدين" في سباق مع التاريخ!
منتخب العراق يبحث عن "الحلم الكبير". (وكالات)
Smaller Bigger

يقف المنتخب العراقي لكرة القدم على حافة حلم كبير، حلم يراود شعباً عانى الكثير منذ أربعة عقود، يتمثّل في بلوغ نهائيات كأس العالم للمرّة الثانية في تاريخه بعد مشاركة 1986 مع جيل حسين سعيد وأحمد راضي وغيرهما من نجوم العصر الذهبي.

يدخل منتخب "أسود الرافدين" مرحلة مصيرية حين يواجه نظيره الإماراتي في الملحق الآسيوي في 13 و20 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، في مباراتين تمثّلان آخر فرصة لزرع واحة فرح في نفوس العراقيين التوّاقين لظهور عالمي غائب منذ عقود، فرحة تضاهي العرس الوطني الذي رافق التتويج بلقب كأس آسيا 2007 بقيادة الجيل الذهبي ليونس محمود ونشأت أكرم وصالح سدير وغيرهم.

لكن بين الحلم الكبير والواقع الميداني القاسي، تتبدّى أزمة بنيوية عميقة في جسد الكرة العراقية، تتجاوز حدود المباراة إلى جوهر منظومة فقدت توازنها وتراجعت عن ركب التطوّر الآسيوي.

 

لاعبو المنتخب العراقي. (وكالات)
لاعبو المنتخب العراقي. (وكالات)

قلق فنّي
يسعى الاتحاد العراقي لتوفير كل عوامل النجاح الممكنة، من خلال إيقاف الدوري المحلي مبكراً وإقامة معسكر داخلي قبل التوجّه إلى أبوظبي، غير أنّ القلق يخيّم على الجهاز الفني بقيادة الأسترالي غراهام أرنولد بسبب الحالة البدنية لعدد من العناصر الأساسية مثل إبراهيم بايش، يوسف الأمين، وأيمن حسين، الذين يعانون من إصابات متفاوتة.

ولتجاوز هذه العقبة، قرّر أرنولد استدعاء أسماء جديدة مثل الحارث حاتم، دانيلو السعيد، وسعد ناطق، في محاولة لترميم التوازن التكتيكي، ولا سيما في الخط الخلفي والمراكز الهجومية الحساسة.

 

مدرب المنتخب العراقي الأسترالي غراهام أرنولد. (وكالات)
مدرب المنتخب العراقي الأسترالي غراهام أرنولد. (وكالات)


هويّة مفقودة
يرى عدد من المحللين العراقيين أنّ أبرز نقاط الضعف في المنتخب تتمثل في العقم الهجومي وغياب اللاعب القادر على الحسم، إذ يعتمد الفريق في معظم مبارياته على الكرات الثابتة والعرضيات، فيما تتراجع قدرته على صناعة الفرص من اللعب المفتوح.

ويزيد غياب الثنائي أيمن حسين وعلي الحمادي، وإن جزئياً، من تعقيد مهمة أرنولد، الذي لم يجد بعد البديل القادر على تنفيذ فكرته القائمة على الضغط المتقدّم والتحوّل السريع من الدفاع إلى الهجوم.

لكن الحقيقة الأعمق أنّ أزمة المنتخب ليست آنية، بل نتاج تراكمات هيكلية. فالدوري المحلي يعيش حالة من التراجع الفني والتنظيمي؛ البنى التحتية ضعيفة، والبرامج التطويرية للأندية شبه غائبة، والنتيجة: شحّ في المواهب وصعوبة في إنتاج اللاعب "السوبر" القادر على صناعة الفارق.

حتى الفرق العراقية في المشاركات الآسيوية تبدو عاجزة عن مجاراة نسق الكرة الحديثة، وتفتقر إلى عناصر أساسية مثل التنظيم، السرعة في الارتداد، واللياقة العالية.

ولا يمكن، منطقياً، مطالبة المنتخب بأداء متميّز ما دامت القاعدة المحلية هشّة والدوري لا ينتج سوى لاعبين محدودي القدرات، في ظلّ غياب مدارس تكوين حقيقية.

أرنولد بين تحدّيين
يجد أرنولد نفسه أمام مأزق فني ونفسي مزدوج: منتخب مشتّت الهوية، وجمهور متعطّش للإنجاز بعد سنوات الخيبات، إضافة إلى الإصابات المؤثرة.

يحاول أرنولد تفعيل الأظهرة الهجومية واستغلال سرعة الأطراف لتقليص الفجوة الفنية، لكن محدودية الخيارات البشرية تقيّد تنفيذ أفكاره بالكامل.

وهو يُدرك أنّ المهمة لا تقتصر على الفوز على الإمارات فحسب، بل تشمل استعادة الثقة وتثبيت هوية كروية حديثة تعيد العراق إلى موقعه الطبيعي بين كبار آسيا.

فرصة لتصحيح المسار
المباراتان ضد الإمارات، ذهاباً في أبوظبي وإياباً في البصرة، ليستا مجرّد اختبارين فنيين، بل منعطف تاريخي يمكن أن يحدّد وجه الكرة العراقية لسنوات. فالفريق الإماراتي أكثر استقراراً إدارياً وفنياً، ويضم مجموعة من المحترفين ذوي الخبرة، ما يجعل المواجهة متكافئة من حيث الحظوظ، لكنها أكثر تعقيداً بالنسبة إلى العراق من حيث الضغط النفسي والجماهيري.

الفوز في الملحق الآسيوي لا يعني تجاوز الأزمة، لكنه يمثل فرصة نادرة لتقييم الواقع وتصحيح المسار. فبينما بدأت المنتخبات الآسيوية الكبرى تسعى للذهاب بعيداً في المونديال، لا يزال العراق يصارع للوصول إلى النهائيات، ما يعكس فجوة واضحة في الفكر الكروي والتخطيط الاستراتيجي.

المدرب أرنولد نفسه عبّر عن هذه الرؤية حين قال في تصريح سابق إنّ هدفه الأول هو "إعادة الحياة إلى الكرة العراقية"، مؤكداً أنّ النجاح لا يُقاس بالنتائج الموقتة بل بخلق مشروع طويل الأمد.

وفي هذا الإطار، يرى المتابعون أنّ التأهل إلى الملحق العالمي سيكون الفرصة الأولى الحقيقية لإعادة بناء الهوية الكروية العراقية، من خلال مراجعة شاملة للبنية الإدارية والفنية، وتأسيس منظومة تدريب وتكوين حديثة تتلاءم مع متطلبات الكرة الحديثة.

سباق مع التاريخ
لذلك، فإنّ "أسود الرافدين" أمام 180 دقيقة من الحسم، ليسوا في سباق مع الإمارات فقط، بل في سباق مع التاريخ، ومع فكرة أنّ الكرة العراقية ما زالت قادرة على بعث ذاتها من جديد.

إنها مواجهة بين الحلم والواقع، بين طموح أمة تبحث عن مكانها في المونديال، ومنظومة كروية تحتاج إلى نهضة حقيقية تُعيد إليها روح التحدي والإبداع.

فقد يكون التأهل إلى الملحق العالمي هو الإنذار الأول والأمل الأخير في آن واحد، لتبدأ من بعده رحلة التصحيح التي طال انتظارها.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/4/2025 6:56:00 PM
شقيق الضحية: "كان زوجها يمسك دبوسا ويغزها في فمها ولسانها كي لا تتمكن من تناول الطعام".
أوروبا 11/4/2025 7:39:00 PM
يبلغ من العمر 48 عاما ويعمل في شركة LNER منذ أكثر من 20 عاما.
فوز زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، ليصبح أول مسلم من جيل الألفية يتولى قيادة أكبر مدن الولايات المتحدة