الطموح يسبق التاريخ... مشهد جديد في كأس السوبر المصرية
تُعتبر قصة "الأرنب والسلحفاة" من أشهر الحكايات الشعبية التي ترسّخ فكرة أنّ الاجتهاد والصبر قد يتفوّقان على المهارة والتاريخ. وفي كرة القدم المصرية اليوم، تبدو هذه القصة حاضرة بوضوح؛ فالأهلي والزمالك، رمزا القوة والتاريخ، يشبهان الأرنب الذي أبطأه الاطمئنان إلى تفوّقه، بينما جسدت الفرق الطموحة — وعلى رأسها بيراميدز وسيراميكا كليوباترا — روح السلحفاة التي لم تتوقف عن السعي بخطوات ثابتة حتى لحقت بالكبار.
منذ 2019، بدأ بيراميدز سباقه نحو القمة ونجح أخيراً في تحقيق أهدافه، فيما يسير سيراميكا بخطط متصاعدة أثمرت عن نجاحات متتالية جعلته ضمن أبرز القوى الصاعدة في الكرة المصرية.
كأس السوبر المصرية 2025، التي تجمع بين الأهلي "بطل الدوري"، بيراميدز "بطل الكأس"، سيراميكا "بطل كأس الرابطة"، والزمالك "بالكارت الذهبي"، تجسّد هذه القصة من جديد. للمرّة الأولى يدخل القطبان البطولة من دون أن يكونا المرشحين الأوفر حظاً، إذ تميل التوقعات نحو مواجهة نهائية بين بيراميدز وسيراميكا، مع أفضلية نسبية لـ"فريق الأهرام".
الأهلي، حامل اللقب وصاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب، يعيش واحدة من أكثر فتراته اضطراباً. غياب هوية البطل، تراجع في الأداء، غياب للانسجام والجماعية، أخطاء دفاعية متكرّرة، هجوم بلا أنياب، ومدير فني لم يتمكن بعد من استيعاب إمكانات لاعبيه، بالإضافة إلى تخبط إداري مستمر. أما الزمالك، فقد أصبح التراجع جزءاً من واقعه اليومي؛ أزمات إدارية ومالية، عقوبات متتالية، وتغييرات مستمرّة في الأجهزة الفنية أفقدت الفريق هويته على مدار سنوات.

في المقابل، يسير بيراميدز بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانته كقوة جديدة في الكرة المصرية. اختتم الفريق الموسم الماضي بطلاً لكأس مصر ودوري أبطال أفريقيا، وافتتح الموسم الحالي بألقاب السوبر الأفريقي وكأس المحيط الهادئ، ويواصل التنافس على القمة المحلية بثبات رغم غيابه عن البطولة أخيراً.
أما سيراميكا، فرغم غيابه عن المشاركات القارية، إلا أنه نجح في تحقيق كأس الرابطة ثلاث مرات متتالية، وأصبح هذا الموسم أحد أبرز المنافسين محلياً بفضل استقراره الفني والإداري اللذين مكناه من اعتلاء صدارة الدوري.
يكشف المشهد الراهن بوضوح الفارق بين من يعمل بخطة واستراتيجية طويلة الأمد، مثل بيراميدز وسيراميكا، ومن يعتمد على ردّ الفعل كما هو حال الأهلي والزمالك. فبينما اتجه الأهلي إلى ميركاتو ضخم من دون دراسة حقيقية لاحتياجاته، ظل الزمالك غارقاً في دوامة الديون وسوء الإدارة، وكل منهما اعتمد على تاريخه للتفوّق على الخصوم.
في النهاية، البطولات لا تُحسم بالتوقعات بل بالأداء على أرض الملعب. صحيح أنّ بيراميدز وسيراميكا هما الأكثر جاهزية، لكنّ التاريخ يقول إنّ الكبيرين لا يبتعدان طويلاً عن منصات التتويج.
نبض