يعيش النادي الأهلي واحدة من أكثر فتراته ارتباكاً في السنوات الأخيرة، مرحلة اختلطت فيها الحسابات الفنية بالانتخابات الإدارية، وتباينت فيها الرؤى بين ما يحتاجه الفريق داخل الملعب، وما ينتظره الجمهور من الإدارة في الخارج. فبعد التعادل الصادم أمام بتروجيت في المرحلة الـ 13 من الدوري المصري 2025/2026، بدا أن الأزمة تتجاوز حدود الخط الأبيض، وأن القادم من التحديات أكبر من أن يُحلّ بتغيير مدير فني فقط.

تعيين يِيس توروب بدا خطوة لإعادة التوازن، لكنه سرعان ما كشف واقعاً أكثر تعقيداً. فالأزمة لا تتعلق بالفكر الفني، بل في تركيبة الفريق التي تعاني من تشبّع وإرهاق وغياب للدوافع. الدنماركي لم يحتج سوى مباريات قليلة ليُدرك أن الأهلي الحالي ليس فريقاً يمكنه فرض شخصيته أو العودة سريعاً لمنصات التتويج، وأن "الغرْبلة" الشاملة أصبحت ضرورة، لا رفاهية. الفريق يضم مجموعة من نجوم الصف الأول، لكن رغم ذلك يعاني من تراجع مستمر في الأداء وأخطاء ساذجة كانت تُخفيها النتائج، قبل أن تكشفها أول كبوة حقيقية.

يِيس توروب (إكس)

مباراة بتروجيت كانت كفيلة برفع الغطاء عن فريق فقد هويته داخل الملعب: حارس مرمى فقد بريقه منذ سنوات ولا يزال يحتفظ بمكانه، دفاعات مفتوحة، خط وسط غير متماسك، مهاجمون بلا أنياب، ولاعبون يفتقرون لأساسيات كرة القدم، والتدعيمات أصبحت واجباً عاجلاً، كما سلّطت المباراة الضوء مبكراً على كارثة قادمة إن لم تُعالَج سريعاً.

جهاز فني معاون يفتقر للخبرة
وسط هذا المشهد الميداني القاتم، تُسلَّط الأضواء على الجانب الإداري، حيث يستعد الأهلي للانتخابات الجديدة، لكنها انتخابات بلا منافسة تُذكر، بعدما حُسمت بالتزكية لصالح محمود الخطيب رئيساً وياسين منصور نائباً، وخالد مرتجى أميناً للصندوق، مع انضمام سيد عبدالحفيظ إلى قائمة الخطيب للمرة الأولى، في خطوة لاقت ترحيباً واسعاً ومن المتوقع أن تنتهي بفوزه دون صعوبات تُذكر. ورغم أن غياب المنافسة يعكس حالة استقرار إداري ظاهري، فإنه في الوقت ذاته يضع المجلس الجديد أمام مسؤولية مضاعفة، إذ لم يعد هناك من يمكن تحميله مسؤولية الإخفاق سوى أصحاب القرار أنفسهم.  

ومع انطلاق الدورة الجديدة لمجلس إدارة الأهلي وتوزيع الخطيب مهام منصبه على بعض الأعضاء للتفرغ لرحلة علاجه، يُعد وجود ياسين منصور في موقع النائب بمهام الرئيس مكسباً مالياً واستثمارياً كبيراً، لما يملكه من قدرة على دعم الصفقات الكبرى وفتح قنوات تمويل تتيح للنادي بناء فريق جديد قادر على المنافسة محلياً وقارياً.

كما يُنتظر أن يتولى سيد عبدالحفيظ ملف الكرة كاملًا، وهي خطوة تلقى قبولاً واسعاً داخل أروقة النادي لما يمتلكه من خبرة وانضباط إداري افتقدهما الفريق مؤخراً لكن ذلك كله سيبقى حبراً على ورق ما لم تُحسم الملفات الإدارية والفنية العالقة بجرأة ووضوح، وقبل حلول الميركاتو الشتوي الذي تنتظره الجماهير لا للبحث عن صفقات، بل للإعلان عنها رسمياً.