كيف أعاد أرتيتا أرسنال إلى روح البطل؟
في وقت كانت الأنظار فيه موجهة على كيليان مبابي وجود بيلينغهام في "الكلاسيكو" الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة، كانت لندن شاهدة على حدث بارز لم يحظَ بالاهتمام الكافي.
في العاصمة البريطانية، واصل المدير الفني ميكيل أرتيتا وضع بصمته على أرسنال، مكرساً ملامح فريق يعيد مجده التاريخي ويعلن عن عودة روح البطل التي عُرف بها النادي.
في وقت انشغل فيه البعض بمتابعة المباريات المتنوعة في مختلف البطولات، كان أرتيتا يبني فريقاً يتمتع بصلابة "فولاذية"، محققاً فوزاً جديداً على كريستال بالاس بهدف نظيف.

لكن الحكاية أعمق من هذا الفوز المحدود في نتائجه الرقمية، لتكشف عن نهج مذهل قاد الفريق منذ بداية الموسم إلى سبعة انتصارات توالياً، وهذا الإنجاز ليس مجرد أرقام، بل يمثّل عودة الروح الى طموح يسعى لحصد البطولة.
وحقق أرسنال مع أرتيتا أربعة انتصارات توالياً في الدوري الإنكليزي الممتاز منذ انطلاق الموسم، مستقبلاً ثلاثة أهداف فقط، ما يعكس صلابة دفاعية استثنائية.
ويبدو الفريق مترابطاً ومتماسكاً على أرض الملعب، ملتزماً نظاماً صارماً لا يسمح للفوضى بالتسلل إلى خطوطه أو منح الخصوم فرصة تهديد جاد لمرماه.
ولا تتوقف الأرقام المذهلة هنا، فالفريق تمكن من الحفاظ على مرماه خالياً من أي تهديد مباشر لثلاث مباريات متتالية، بدءاً من الانتصار على نيوكاسل يونايتد 2-1، وخط الدفاع الذي بدا غير قابل للاختراق كأن مرمى الفريق مغلق بإحكام، ما يؤكد سعي أرسنال الى تجاوز المنافسة فقط والدخول في حالة هيمنة على الكرة الإنكليزية بأكملها.
نتيجة لهذا الأداء اللافت، تصدر أرسنال ترتيب الدوري الإنكليزي الممتاز برصيد 22 نقطة، متفوقاً بفارق أربع نقاط على أقرب منافسيه بورنموث.
الفريق الذي كان يوماً ما يسقط أمام الفرق الكبرى تحوّل إلى رقم يصعب تجاوزه، منتظراً انزلاق الآخرين لتحقيق صعود ثابت نحو القمة، ومع تراجع أداء ليفربول وتعثر مانشستر سيتي، حافظ "المدفعجية" على استقراره وأدائه المُلهم مقترباً أكثر فأكثر من منصات التتويج.
ما يحدث الآن يبدو بعيداً كل البعد عن الأجواء التي سادت قبل موسمين، عندما كان المدير الفني لسيتي بيب غوارديولا يدير المشهد بسطوته الكروية والمدير الفني السابق لليفربول يورغن كلوب يجسد الهيمنة التامة، لكن اليوم، أرتيتا هو من يرسم الخطوط العريضة لقواعد جديدة في الدوري الإنكليزي، معلناً عن بداية حقبة مختلفة.
ولا يكتفي أرسنال الحالي بالسعي وراء الانتصارات العابرة، بل يعطي إشارات نضج وثبات تحت الضغوط، كأن الطريق نحو اللقب بات مفتوحاً أمامه، فالفريق يتحرك بتركيز وهدوء، لكن بروح شرسة لا تعرف الرحمة، روح تُهيئه لحصد النجاح من دون الحاجة إلى العجائب.
أرسنال في حقبة أرتيتا لا ينشد لقب الدوري هذا الموسم فحسب، بل يعيد نفسه قوة كروية لطالما سجّلت هيمنتها على الساحة الإنكليزية، ويعيد صوغ معنى البطولة بشغف البدايات وقوة الكبار.
نبض