لويس إنريكي... رجل من الداخل
خلف ابتسامة لويس إنريكي رحلة طويلة من المعاناة، لم يكن هذا الرجل سوى حقل تجارب لسلسلة من الانتكاسات حتى حصد دوري أبطال أوروبا في مناسبتين، كل مناسبة تحمل إرثاً من المعرفة لأفكار كانت فقط تحتاج إلى أدوات حتى تحلّق في السماء.
من يعشق المعارك يحتاج فقط إلى المبرّر لشنها، لكن إنريكي فُرض عليه القتال، وفي الميدان غير معروف من أي اتجاه انطلق السهم المسموم. البداية الحقيقية كانت مع برشلونة، وفي وقت حقق فيه الـ"لوتشو" لقب دوري أبطال أوروبا عام 2015، استثمر مجلس جوسيب ماريا بارتوميو هذا الحدث وأقام انتخابات مبكرة لضمان البقاء ثم أدار المشهد بالشكل الخاطئ بعد ذلك.
جاءت صفقات إلى برشلونة مخالفة للمنطق، فأتى البرتغالي أندري غوميز الذي حاول إنريكي تجربته في مختلف مراكز وسط الملعب لكنه أثبت في كل مرّة أنّ قدومه من فالنسيا خطيئة لا تُغتفر، ثم حضر باكو ألكاسير من "ميستايا" أيضاً لكي يكون بديلاً في حال غياب أي من ليونيل ميسي أو لويس سواريز أو نيمار، ولكن يبدو أنّ من يأتي من "الخفافيش" في هذا التوقيت كان مصاباً بحمى الفشل.
خرج إنريكي من برشلونة، لكنّ روحه أيضاً فارقته، بعد أن أصيبت ابنته "زانا" بالسرطان وغادرت عالمنا، واضطر لويس للتعامل مع الحدث بمزيد من الحزن والتأمل، في وقت توقف فيه العالم عن الدوران بالنسبة إلى المدرب، وتلقى الكثير من الدورس في التدريب والحياة.
حظي إنريكي بتجربة تدريب منتخب إسبانيا، وفي وقت خضع فيه للمنطق، لم يذهب أي لاعب من ريال مدريد إلى قائمة "لا روخا" لأنه لا يوجد من يستحق الانضمام، فضلاً عن قلة الإسبان لدى "الملكي"، لتبدأ الصحافة في العاصمة بفتح جروح قديمة حاول فلورنتينو بيريز رئيس النادي غلقها بلا جدوى.
كانت أبرز الانتقادات الموجهة إلى بيريز أنه لا يستعين بالإسبان في قائمة ريال مدريد، والصفقات تأتي من الخارج للاعبين برازيليين وفرنسيين، وقرّر إنريكي استبعاد أي لاعب من "الملكي" لأنّ الفريق لم يكن به سوى عدد قليل للغاية وهم ليسوا أفضل حالاً من لاعبين آخرين.
اضطر الاتحاد الإسباني لتوجيه الشكر لإنريكي بعد مونديال قطر، ليبدأ رحلة جديدة مع باريس سان جيرمان بحلة جديدة، لأنه بكل بساطة ذهب إلى إدارة لا تمانع في الإنفاق على الصفقات ولكن ينقصها الأفكار وهي فرصة ستجعل العالم يعرف من هو الـ"لوتشو" عن قرب.

يتسم بيب غوارديولا بالذكاء لأنه يختار الذهاب إلى نادٍ لديه إدارة لا تمانع الإنفاق، حدث ذلك مع بايرن ميونيخ الألماني ومانشستر سيتي الإنكليزي، وهو ما فعله إنريكي حين اختار باريس سان جيرمان. ستتوفر الأدوات الآن بكثرة، والأفكار حاضرة في ذهن الرجل الذي حاول هزيمة الطبيعة والفقر والرغبات المكبوتة داخل الغرف المغلقة.
نال إنريكي لقب دوري أبطال أوروبا مع باريس سان جيرمان الموسم الماضي، وذهب بعيداً في كأس العالم للأندية، وهو يعيد التجربة بمحاولة حسم لقب الدوري الفرنسي باكراً، ثم التفكير في اللقب القاري.
جمهور برشلونة لم ينس ما فعله إنريكي، لقد كان يؤدي عمله، حتى لو كان ذلك على حساب الـ"بلوغرانا"، لكن الرجل كان يأسف أنه سيواجه فريقه القديم خلال حديثه في المؤتمرات الصحافية، ربما كان يبعث رسالة مفادها أنه لا يزال يحفظ انتماءه لكنه يتعارض مع واجبه.
نبض