في موسم وُصف بأنه الأصعب أوروبياً، في ظل جاهزية العديد من الفرق الكبرى للمنافسة بقوة على اللقب، وجد باريس سان جيرمان نفسه في مجموعة هي الأشرس، ضمن بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026، حتى أنّ كثيرين أطلقوا عليها "مجموعة الموت" لما تضمّه من أسماء ثقيلة. لكن الفريق الفرنسي غيّر تماماً هذا التوصيف، مع انطلاق صفّارة البداية، بعدما حوّل المسار الصعب إلى "نزهة كروية" ممتعة، فأحكم قبضته عليها باكراً تحت قيادة مدربه الإسباني لويس إنريكي.

المسار يُشبه طريقاً وعرة بلا محطات راحة، حيث امتلأ بعمالقة القارة: أتالانتا، برشلونة، باير ليفركوزن، بايرن ميونيخ، توتنهام، أتلتيك بلباو، سبورتنغ لشبونة، ونيوكاسل. طريق اعتبرها كثيرون "مسار الموت" في دوري الأبطال، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى دليل جديد على أنّ سان جيرمان الحالي أصبح آلة أوروبية لا تعرف الرحمة.

دخل الفريق الباريسي الموسم وهو يحمل ضغطاً مضاعفاً للحفاظ على المجد الذي حققه قبل أشهر، حين حصد اللقب الأوروبي الأول في تاريخه بعد فوز تاريخي بخماسية نظيفة على إنتر ميلان في نهائي النسخة الماضية، وهي أكبر نتيجة في تاريخ نهائيات البطولة. لكنّ إنريكي حوّل هذا الضغط إلى طاقة إيجابية، وصنع من باريس سان جيرمان فريقاً مرعباً.

حتى الآن، خاض سان جيرمان ثلاث مواجهات أمام مدارس كروية مختلفة، كلها من العيار الثقيل، إلا أنها انتهت جميعها بالسيناريو نفسه: طوفان فرنسي لا يرحم، ولا يعترف بحجم الخصوم. ففي الافتتاحية، اكتسح أتالانتا بثلاثية نظيفة بسهولة تامة، قبل أن يواجه برشلونة في مباراة نارية شهدت تأخره بهدف، قبل أن يقلب إنريكي الطاولة وينجح بالفوز 2-1. أما المشهد الثالث فكان الأبرز، حين سحق باير ليفركوزن بسبعة أهداف مقابل هدفين، في مباراة عكست الفارق الهائل بين المنظومة الباريسية وخصومها.

ورغم مرور ثلاث مباريات فقط، فإنّ الفريق حقق العلامة الكاملة بـ12 هدفاً، سجّلها مقابل 3 أهداف استقبلها، ليؤكّد أنّ تفوّقه لم يأتِ من ضعف خصومه، بل من نضج تكتيكي وتجانس جماعي جعل من كتيبة إنريكي منظومة متكاملة تمتاز بالضغط العالي والارتداد المنظم وتنوّع الحلول الهجومية.

باريس سان جيرمان لا يرحم بقيادة إنريكي. (أ ف ب)

استلم إنريكي فريقاً يحمل تطلّعات كبيرة، ووضع خطة جعلت "مجموعة الموت" تبدو أضعف أمامه من أن تكون عائقاً. المدرب الإسباني وضع بصمة مدرب يعرف كيف يسيطر، يقرأ خصومه، ويعيد تشكيل فريقه خلال المباراة الواحدة؛ كلها عوامل ساهمت في جعل ما كان من المفترض أن يكون "أصعب" يبدو "أسهل". لكنّ التحدي الأكبر لم يأتِ بعد، فالموقعة المنتظرة أمام بايرن ميونيخ بقيادة فينسنت كومباني ستكون بمثابة اختبار العبور الرسمي نحو الدور التالي، وربما الإعلان الصريح عن أنّ باريس سان جيرمان هو المرشح الأبرز للحفاظ على لقبه الأوروبي التاريخي.