في خطوة وُصفت بـ"التاريخية"، أعلنت رابطة الدوري الإسباني (لا ليغا) عن إقامة أول مباراة رسمية في تاريخ المسابقة خارج الأراضي الإسبانية، وتحديداً في مدينة ميامي، يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر.

جاء هذا الإعلان على لسان رئيس الرابطة، خافيير تيباس، خلال مؤتمر صحافي في الولايات المتحدة، برفقة وكالة "ريليفنت"، من دون الحصول على الموافقات اللازمة، أو حتى التشاور مع الجهات المعنية.

لكن تحوّل حلم رابطة "لا ليغا" بسرعة إلى أزمة متعددة الأبعاد، بعدما قوبلت الخطة بمعارضة شديدة من اللاعبين، ونادٍ بحجم ريال مدريد، والحكومة الإسبانية، واتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم (الكونكاكاف).

وفي بيان رسمي، أعلنت رابطة الدوري الإسباني، أمس الثلاثاء، إلغاء مباراة فياريال وبرشلونة التي كانت مقرّرة في ميامي خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل ضمن منافسات الدوري المحلي.

مباريات الدوري الإسباني ستُقام كلها في إسبانيا. (أ ف ب)

وجاء في البيان: "تود رابطة الدوري الإسباني إبلاغكم بأنه، بعد مناقشات مع الجهة المنظمة للمباراة في ميامي، تقرّر إلغاء الحدث بسبب حالة عدم اليقين التي سادت في إسبانيا خلال الأسابيع الأخيرة"، معربةً عن أسفها لعدم تمكنها من اغتنام "هذه الفرصة التاريخية" لتنظيم أول مباراة رسمية للدوري خارج البلاد.

وذكرت صحيفة "آس" الإسبانية أنّ الفكرة بدأت باقتراح إقامة مباراة بين فياريال وبرشلونة في الولايات المتحدة. وقد عُرض المشروع بسرعة على مجلس الاتحاد الإسباني، بينما ظلت رابطة "لا ليغا" في الخلف، تاركةً الأندية ووكالة "ريليفنت" في الواجهة. والمفاجئ أنّ تيباس، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الاتحاد، لم يحضر الاجتماع.

وأضافت الصحيفة أنّ الموافقة تمت من دون إشراك اللاعبين، الذين لم يُبلّغوا بالأمر أساساً. وقد سُجّل اعتراضان فقط: الأول من ديفيد أغانزو، رئيس اتحاد اللاعبين، والثاني من ميغيل أنخيل نادال، الذي أعرب عن استغرابه من تجاهل بقية الأندية.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ المشروع اتضح أنه يُنفذ من دون احترام للكيانات الكروية، وفي غياب الشفافية، وسط شعور عام بالإقصاء من عملية اتخاذ القرار. وكما قال رئيس ريال سوسييداد: "لم نشارك في القرار، ولا أي نادٍ آخر فعل".

وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من هذه الاعتراضات، استمرّت رابطة "لا ليغا" في الدفع نحو تنفيذ المباراة. وبعد إعلانها الرسمي، أصدر اتحاد اللاعبين بياناً شدد فيه على وحدة اللاعبين ومطالبتهم بالاحترام.

لكن تصريح تيباس يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر، الذي قال فيه إنه "غير متأكد من اعتراض اللاعبين"، فجّر الأزمة. فقد شعر قادة الفرق بالإهانة، خصوصاً بعد رفض طلبهم بعقد لقاء لمناقشة الخطة. وزاد التوتر عندما عُرضت عليهم تواريخ بديلة لعقد الاجتماع، لم تكن مناسبة بسبب التزاماتهم الأوروبية والمحلية.

وجاء رد اللاعبين سريعاً: قرّروا تنفيذ احتجاج رمزي من خلال التوقف عن اللعب لمدة 15 ثانية في المرحلة التالية من الدوري، تعبيراً عن رفضهم للنهج المتّبع. حاولت "لا ليغا" إيقاف هذا التحرّك، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية، ما زاد من تعقيد الموقف.

تصاعدت الأزمة مع دخول اتحاد الكونكاكاف، الذي أكد أنه لم يُستشر أساساً، مع رفضه إقامة مباراة رسمية على أراضيه من دون موافقته، كما أعلن نيته تعيين طاقم تحكيم خاص، ما استدعى تدخّل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

وفي الوقت ذاته، قدّم ريال مدريد شكوى ثانية إلى المجلس الأعلى للرياضة، مطالباً بإلغاء المباراة لأنها "تُخل بمبدأ تكافؤ الفرص". كما وجّه لاعباه، داني كارفاخال وتيبو كورتوا، انتقادات علنية للمشروع، مؤكدين أنه يُشوّه صورة البطولة وينتهك اتفاقية حقوق اللاعبين.

أمام هذه الضغوط المتزايدة من اللاعبين، والأندية، والحكومة، والاتحادات الدولية، بات واضحاً أنّ مشروع ميامي لن يُبصر النور. وصرّحت وزيرة الرياضة الإسبانية، بيلار أليخريا، بوضوح: "أنا أؤيد إقامة المسابقات الوطنية داخل إسبانيا".