30 آب منعطف تاريخي

المشرق-العربي 12-12-2025 | 05:35

30 آب منعطف تاريخي

محاكمة المسؤولين الأمنيين تعني بكل بساطة، محاكمة نظام سياسي أبطاله ومعلموه معروفون وموجودون.
30 آب منعطف تاريخي
الصفحة الأولى من عدد 2005-09-01. (النهار)
Smaller Bigger

2005-09-01

 

يوم 14 آذار انتفض الشعب مطالباً بالسيادة والحرية والاستقلال، وبشكل خاص بمعرفة الحقيقة، كل الحقيقة حول جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.

 

يومها رفعت لافتات تحمل صور المسؤولين الأمنيين الكبار، مطالبة بملاحقتهم ومحاكمتهم ومحاسبتهم ليس بسبب اغتيال الرئيس الحريري فحسب، ولكن ايضاً بسبب ما قام به النظام الأمني حيال الوطن والمواطنين، ان على مستوى التوقيفات او التنكيل او الاذلال والقمع.

 

ممارسات كانت برعاية “الطبقة” الحاكمة وسلطة الوصاية السورية.

 

اما اليوم فقد تحقق مطلب آخر من مطالب انتفاضة 14 آذار، بتوقيف رؤوس النظام الأمني، فكان 30 آب 2005 يوماً تاريخياً ومنعطفاً اساسياً في حياة لبنان واللبنانيين.

 

 

الصفحة الأولى من عدد 2005-09-01
الصفحة الأولى من عدد 2005-09-01

 

لا نريد استباق التحقيق ولا الدخول في متاهات الشماتة والرغبة في الانتقام – معاذ الله – ولكن كل ما نريد قوله هو ان ما حصل يؤكد لنا جدية المجتمع الدولي في قراره مساعدة لبنان على استرجاع سيادته واستقلاله، وعلى وضع حد نهائي للتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، وتوجيه رسالة واضحة الى الذين ما زالوا يعتبرون ان في وسعهم ترهيب الشعوب وتركيعها بقوة النار والاغتيالات والعمليات الارهابية.

 

رسالة تقول ان ثمة زمناً ولّى، وان لاحماية بعد اليوم لمن يقتل الاوطان والشعوب ويعتدي على اصحاب الافكار الحرة. ان ما حصل يوم 30 آب 2005 اكد تصميم لجنة التحقيق الدولية على القيام بالمهمة التي اناطها بها مجلس الامن الدولي مشكوراً، وهو اجراء تحقيق واسع من اجل معرفة الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري، وذلك رغم حملات التشكيك والتضليل التي اوحى بها المتضررون من نجاح عمل اللجنة الدولية، بمعنى آخر من الذين يبدو كأنهم يحاولون تغطية كل من له علاقة بعملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري مقرراً كان ام محرّضاً أم منفذاً.

 

وما حصل يوم 30 آب يؤكد لنا ايضاً جدية الحكومة اللبنانية الجديدة في تنفيذ ما وعدت به، وفي اتخاذ مواقف صلبة وصارمة من اجل استرجاع القرار الحر والمستقل، وبناء دولة القانون والمؤسسات الحقيقية بالفعل لا بالقول.

 

من هذه الزاوية يجب ان يُفهم موقف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي زرع الطمأنينة في نفوس اللبنانيين بتصرفه كرجل دولة في مستوى المرحلة والمسؤولية.

 

ولا شك في ان ما حصل، وسيحصل، بعد كلام رئيس فريق التحقيق الدولي القاضي ديتليف ميليس اليوم، وبعد انتهاء التحقيق، سيؤثر مباشرة على التركيبة السياسية الداخلية وعلى العلاقات مع سوريا، وخصوصاً اذا وجّه التحقيق أصابع اللوم او الاتهام في اتجاهها؟

 

فمحاكمة المسؤولين الأمنيين تعني بكل بساطة، محاكمة نظام سياسي أبطاله ومعلموه معروفون وموجودون.

 

ويتعذر الفصل في مثل هذه الحال بين مسؤولية السلطة الأمنية والسلطة السياسية.

 

 

 

فاذا كانت السلطة الأمنية هي صاحبة القرار في الاغتيال فيجب ان تحاكم معها السلطة السياسية بسبب تقصيرها في منع تنفيذ قرار الاغتيال او في تغطية القائمين به.

 

اما اذا كانت السلطة السياسية هي صاحبة القرار، والسلطة الأمنية هي المنفذة فيجب ان يحاكم المسؤولون الأساسيون في السلطة الأمنية، اضافة الى محاسبة ومحاكمة السلطة السياسية.

 

الا ان الكارثة الكبيرة هي ان تكون هناك شراكة كاملة بين السلطتين وهذا ما فرض التحقيق الدولي، وخصوصاً ان السلطة السياسية كانت خاضعة بل صاغرة قابلة بأن تخضع وتتبع سلطة أمنية غير لبنانية مارست وصايتها على الوطن وكانت تتدخل في كل شاردة وواردة فيه بدءاً بتعيين حاجب وصولاً الى تعيين رئيس الجمهورية. عنيت طبعاً سلطة دمشق ومن مثّلها في عنجر.

 

وفي اعتقادنا ان عدم انتفاضة السلطة السياسية، وعدم رفضها الوصاية السورية يضعها في موقع المتواطىء طوعاً“. وهذا يعني ان اي محاكمة او محاسبة، في حال وجّه التقرير اصابع الاتهام الى اي من السلطتين، يجب ان تأخذ مجراها الطبيعي فتطول المسؤولين الكبار كافة في كل من لبنان وسوريا.

 

وعلى اللبنانيين في هذا الظرف الدقيق التماسك ورص الصفوف، لتفويت الفرصة على المتضررين ضرب الوحدة، مؤكدين صلابة الموقف الوطني ومتمسكين بالحق والعدالة.

 

واننا نتمنى ان يكون القضاء اللبناني على مستوى المرحلة والتحديات، فلا يخيّب آمال من انتفض باسم القضاء العادل والمحق.

 

ونرى ان المطلوب من القضاء اليوم هو الا يخاف من الذين عطلوه في الماضي، والا يستمر في الخضوع لأي نوع من انواع الابتزاز او الترهيب، وان يتذكر القضاة الاحياء زملاءهم الشهداء الذين سقطوا ليبقى القضاء نزيهاً وحراً.

 

لقد قصرّت السلطة السياسية السابقة في كشف من اغتال القضاة الاربعة في صيدا. وقصرّت، او ربما تعمدّت الا تكشف الجناة فأصبحت هكذا في موقعهم.

 

ثم ألا يعتقد القضاة الشرفاء ان الوقت قد حان للثأر للقضاء والقضاة الاحرار والعادلين والشرفاء؟ ولا يسعنا الا التطلع الى المرحلة الجديدة التي تنتظر لبنان وهي مليئة بالايجابيات والوعود، وخصوصاًً بعدما وقف المجتمع الدولي بجانب لبنان والحق فيه، وساهم مساهمة فعالة في اجلاء الوجود العسكري والمخابراتي السوري عن ارضه عبر القرار 1559، كما اكد تصميمه على كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري ومحاكمة المسؤولين عن هذه العملية الارهابية والاقتصاص منهم من خلال القرار 1595.

 

ولعل أكثر ما يطمئن اللبنانيين هو ان المجتمع الدولي برهن أكثر من مرة انه اصبح معنياً بوجود لبنان السيد الحر المستقل، ولن يبيعه للغير لقاء خدمات تتم على حساب الرسالة اللبنانية وما يحمله لبنان من عناوين اساسية من اجل تنمية المنطقة ودفعها نحو الافضل.

 

يبقى علينا وسط المتغيرات الايجابية التي تحوطنا ، ان نشرّف الارث الذي يتمتع به بلدنا، وهو ارث عمره آلاف السنين. وكذلك ان نكون اوفياء لدماء الشهداء من كل الطوائف والمناطق، الذين سقطوا ليبقى لبنان واحداً، سيداً، حراً، مستقلاً. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.