ورشة وطنية بمستوى التحدّيات

المشرق-العربي 12-12-2025 | 05:32

ورشة وطنية بمستوى التحدّيات

 شكلت عملية اعادة انتخاب نبيه بري صدمة وخيبة أمل كبرى لدى فئة كبيرة من المواطنين وخصوصاً لدى الذين شاركوا في انتفاضة الاستقلال وتظاهروا يوم 14 آذار رافعين شعار الاصلاح والتغيير.
ورشة وطنية بمستوى التحدّيات
الصفحة الأولى من عدد 2005-06-30. (النهار)
Smaller Bigger

2005-06-30

 

بين مشهد اعادة انتخاب الرئيس نبيه بري والخريطة السياسية لمجلس النواب الجديد، تناقض كبير وواضح.

 

فالمجلس الذي انتخب رئيساً له للمرة الاولى خارج الوصاية السورية، جسّد بشقه الأكبر التغيير مع دخول قوى سياسية كانت حتى اليوم مبعدة ومقهورة ومغبونة، ومع خروج رموز سورية أساسية، بالاضافة الى ان نصف اعضاء هذا المجلس هم من النواب الجدد.

 

وقد شكلت عملية اعادة انتخاب نبيه بري صدمة وخيبة أمل كبرى لدى فئة كبيرة من المواطنين وخصوصاً لدى الذين شاركوا في انتفاضة الاستقلال وتظاهروا يوم 14 آذار رافعين شعار الاصلاح والتغيير.

 

 

الصفحة الأولى من عدد 2005-06-30.
الصفحة الأولى من عدد 2005-06-30.

 

 

وكانت الصدمة الثانية “الفلتان الأمني المبرمج” الذي قام به أنصار الرئيس بري الذين أطلقوا النار عشوائياً، وكأن الوطن ملك خاص لهم يطبّقون فيه شريعة الغاب على حساب أرواح المواطنين وأمنهم وكرامتهم، دون حسيب او رقيب!

 

وبالعودة الى الصدمة الأولى، صدمة إعادة الانتخاب، حاول الرئيس بري ان يعوّض مساوىء اعادة انتخابه، بتبنيه مبدأ التغيير من خلال مواقفه الجديدة التي عبّر عنها في خطابه بعد اعلان النتيجة.

 

لا شك في ان خطاب الرئيس “القديم – الجديد” مهم وقيّم، ويحمل وعوداً وافكاراً، نؤيدها ولا يمكن إلا ان يؤيدها كل داع الى التغيير، وهي اساسية لتكريس المصالحة الوطنية والبدء بالاصلاح، شرط تنفيذها بنداً بنداً.

 

ولكن ثمة مشكلة ستظل تلاحق الرئيس بري وتتمثل في أدائه طوال عهد الطائف، والوصاية السورية، على لبنان. فهو كان احد الرموز الاساسية لهذا العهد مع العلم انه حاول في بداية الالفين تسهيل طريق المصالحة يوم سعى الى فتح صفحة مع بكركي وسيدها. وكلنا نتذكر التأنيب السوري له والذي قطع طريق الوفاق، وتالياً طريق عين التينة – بكركي.

 

تضاف الى ذلك تحفظاتنا عن دور الرئيس بري في رئاسة المجلس سياسياً وادارياً، مما ادى الى تعطيل دور المجلس ونسفه مبدأ الفصل بين السلطات، وعبر مشاركته في “الترويكا” وما تبعها من محاصصة في كل شاردة، وواردة، سياسية كانت ام غير سياسية، فضلاً عن الصفقات والرشى التي وُجهت اصابع الاتهام فيها الى تلك الحاشية! وربما لهذا السبب لمّح رئيس المجلس في خطابه الى فتح كل الملفات ليُعرف من هو متورط ومن هو بريء.

 

في ضوء هذا الواقع، يمكننا القول ان الكرة اليوم في ملعب الرئيس بري، في انتظار ان يتحوّل كلامه أفعالاً فلا يبقى خطابه حبراً على ورق، تماماً كما بقي خطاب القسم الشهير ووعود الرئيس اميل لحود كلاماً بكلام، كي لا نقول انها تحولت كوابيس دفعنا ولا نزال اثمانها غالياً، وغالياً جداً.

 

ان التحدي الكبير اليوم مرتبط مباشرة بأداء الرئيس بري وبمدى تعاونه مع المجلس الجديد على اساس انه قوة تغيير ترتكز اولاً وأخيراً على احترام النظام البرلماني، ومبدأ الفصل بين السلطات، وعلى الاّ يكون رئيس المجلس طرفاً او فريقاً او حتى شريكاً للسلطة التنفيذية، كي لا يشل دور السلطة الاشتراعية التي يجب ان تبقى على الدوام سلطة اشتراع، الى كونها ايضاً سلطة مراقبة ومحاسبة للحكومة.

 

ان تحويل كلام الرئيس بري ووعوده افعالاً يمكن وحده ان يحوّل احباط المواطنين وخيبتهم بوادر امل في التغيير الفعلي، وتحويل احلام من انتفض في 14 آذار وقائع تكرس الوحدة والسيادة والاستقلال وتحصنّها.

 

ں ں ں اما التحدي الآخر فهو في تأليف حكومة وفاق وطني تكون بمثابة ورشة وطنية لاعادة كسب ثقة الناس بالدولة من خلال اعادة بناء المؤسسات، وكسب ثقة المجتمع الدولي بلبنان، فضلاً عن الاغتراب اللبناني بالوطن الأم.

 

وتحقيق ذلك يتطلب برنامجاً وزارياً واضحاً وشفافاً، يتولى تنفيذه فريق وزاري متجانس وعلى مستوى التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية.

 

وهذا يتطلب قدرة على طي صفحة الانتخابات، والتعامل مع الواقع الجديد على اساس ان التغيير هو الهدف الاسمى الذي يجب تحصينه، وهذا يتطلب اداء سياسياً مختلفاً، يبتعد عن سياسة الانفعال وتصفية الحسابات، ويُحل مكانها سياسة الفعل والمحاسبة البنّاءة! وينبغي ان يكون واضحاً في اذهان الجميع ان الحكومة او التركيبة الحكومية ليست هي الغاية، بل هي وسيلة لبلوغ الهدف المبني على رؤية واضحة، من خلال استراتيجيا مبرمجة، ومنسقة في الداخل ومع الخارج، وخصوصاً في الشأنين المالي والاقتصادي.

 

… ويبقى مجهول وحيد، هو مدى تجاوب رئيس الجمهورية مع ارادة التغيير وقوته، بعدما سقطت معظم ركائز النظام الأمني اللبناني السوري، الا اذا اراد الرئيس لحود ان يكون آخر “حصان طروادة”، يدافع عن النظام الأمني المنهار، وعن سياسة الوصاية السورية على لبنان! 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.