في 28 شباط قال الشعب: الأمر لي
2005-03-03
شباط يوم لن ينساه التاريخ. ولن ينساه اي لبناني ولا طبعاً النظام السوري! 28 شباط هو عرس الوحدة الوطنية، وعرس اللحمة الوطنية، والديموقراطية والقرار الحر.
يوم 28 شباط قال الشعب كلمته فسقطت احدى “ورقات تين النظام السوري”.
سقطت الحكومة فتصدّع هيكل الوصاية السورية على لبنان! 28 شباط ليس النهاية، ولكنه البداية.
بداية التغيير الحقيقي الذي طالما حلمنا به، وقد اصبح اليوم واقعاً بفعل وحدتنا ووحدة قرارنا وموقفنا! ان وحدة اللبنانيين اقوى من اي وصاية، ومن اي سلاح، ومن اي ارهاب واحتلال! وحدة اللبنانيين هي السلاح الاقوى. فهي اقوى من الطائف، ومن القرار 1559.

وكذلك هي اقوى من اي قرار عربي او دولي.
فوحدة اللبنانيين هي التي تفرض الموقف السياسي المحلي والعربي والدولي! وهذه الوحدة ادت في السابق الى استقلال لبنان عام 1943، ثم الى تحرير الجنوب عام 2000.
وهي، ستؤدي حتما الى جلاء القوات السورية عن لبنان واسقاط النظام الامني وسلطة الوصاية، واسترجاع لبنان حريته وسيادته واستقلاله سنة 2005! فحذار التفرقة، والخلاف. وحذار الانقسام والتفتيت. فقوتنا هي في وحدتنا.
ولم يكن لبنان مهدداً الا عندما كان مهدداً بوحدته. فاسرائيل حاولت اكثر من مرة ضرب وحدتنا لاثارة فتنة تؤدي الى التفتيت. والمقاومة الفلسطينية راهنت على عامل الخوف والغبن داخل المجتمع اللبناني بغية تصديعه وامرار مشروع التوطين في بداية الحرب.
وسوريا سعت الى وضع يدها على لبنان وفرض وصايتها عليه بهدف الغاء قراره الحر، كي لا نقول الغاء كيانه. وتمكنت من ذلك، ويا للاسف، بعدما استغلت التناقضات داخل المجتمع اللبناني، وقسمت الاحزاب والعائلات، واعتمدت التشكيك بين مكونات هذا المجتمع. وهي تتابع اليوم سياسة فرّق تسد لضرب انتفاضة الاستقلال، وادامة الوصاية على لبنان.
ولطالما شهدنا ابواق سلطة الوصاية تحرّض ابناء الوطن الواحد بعضهم على بعض وتشكك بجهوزية الجيش اللبناني وبوحدته، وتتهرب من المسؤولية بتوجيه اللوم الى المراجع الدينية العليا، مستعينة بملفات الحرب لاثارة الفتنة بين اللبنانيين، وهي ملفات رماها هؤلاء وراءهم من اكثر من عشرين عاما، بعدما اكتشفوا تجار الحرب وسماسرة الخارج ومثيري النعرات الطائفية لغايات بعيدة عن مصالح الطوائف والوطن.
وها هي الابواق نفسها تحاول من جديد اثارة الفتن بغية خرق وحدة الشعب من خلال التحريض، مستعيدة اسلوبها السابق في التحريض على المعارضة وزعمائها قبل محاولة اغتيال النائب مروان حماده وبعدها، وقبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبعد اغتياله.
من هنا نقول ان حصانة انتفاضة الاستقلال تكمن في تحصين وحدة الشعب وتمتين لحمته. وعندما نتكلم على وحدة الموقف فإننا نعني وحدة تحترم التعددية والتنوع والخصوصية.
وحدة اساسها الديموقراطية والحرية والمحافظة عليهما. ونقولها بكل فخر ان الشعب، وخصوصا الجيل الجديد منه، قد اثبت خلال الاسبوعين الماضيين رصانة وجدارة وايماناً لا مثيل لها. كما اكد انه على مستوى التحدي والمسؤولية عندما تصرف بطريقة حضارية سلمية وقدم مثالا في الوطنية والانضباط الى العالم اجمع. لقد كان تصرف الشعب اللبناني على مستوى التحديات، وبرهن مرة اخرى انه شعب راق يرفض الوصاية والعبودية، وليس قاصراً، ولا عاجزاً عن حكم نفسه بنفسه. واننا لنأمل في ان يأخذ زعماء المعارضة هذا الواقع في الاعتبار، ويكونون في مستوى التحدي الذي يواجه الوطن والشعب.
وان يحافظوا على وحدة موقعهم تجاوبا مع وحدة الموقف الشعبي وان لا يخذلوا هذا الشعب البطل الذي اعطانا، بكل صراحة، دروسا في الوحدة الوطنية والصلابة.
فوحدة المعارضة والشعب هي الضمان لاستكمال مسيرة استرجاع السيادة والحرية والاستقلال التي بدأت يوم 28 شباط مع سقوط الحكومة.
وهذا التوحد يعني التمسك بالثوابت التي هي اساس التغيير. وهذه الثوابت واضحة وتكمن في رحيل رموز الدولة الامنية والمخابراتية في لبنان وكشف المسؤولين عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري من خلال لجنة تحقيق دولية وانسحاب الجيش والمخابرات السورية من لبنان، واجراء انتخابات نيابية حرة باشراف مراقبين دوليين، واقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا.
يوم 28 شباط كان اليوم الاول، والفصل الاول، والمحطة الاولى لسقوط دولة التبعية، وقيام دولة الاستقلال. ولقد كان سقوط الحكومة الانعكاس الاساسي للقرار التاريخي الذي اتخذه الشعب اللبناني بكل فئاته وطوائفه، والهادف الى استرجاع ما سلب منه بهدف الغائه ونعني به القرار اللبناني المستقل والحر! الشعب وحده مصدر السلطات، ولا قوة اقوى من قوته وارادته ساعة يتوحد وساعة يسقط جدار الخوف.
يوم 28 شباط استرد الشعب حقه وقال بصوت عال: الامر لي. فكان الامر له… وسقطت الحكومة ومعها كل الاقنعة!
نبض