لا يا فخامة الرئيس!

المشرق-العربي 12-12-2025 | 04:18

لا يا فخامة الرئيس!

القضية اللبنانية هي بكل بساطة وفي الدرجة الاولى قضية وجود لبنان ومصيره، قضية حرية واستقلال وسيادة
لا يا فخامة الرئيس!
الصفحة الأولى من عدد 2001-03-08. (النهار)
Smaller Bigger

2001-03-08

 

لا شك أن زيارة الرئيس لحود للفاتيكان خطوة مهمة، ولكن الأهم كلام البابا يوحنا بولس الثاني عن السيادة في لبنان والمصالحة والجنوب، وهو كلام شامل يتجاوز الطوائف ليشمل الوطن ككل.

 

أما كلام الرئيس فكنا نتمنى ان يكون - بكل صراحة - غير ما قيل وما نقل عنه.

 

الصفحة الأولى من عدد 2001-03-08
الصفحة الأولى من عدد 2001-03-08

 

 

فمن ذا يستطيع ان يوافق على ما قاله رئيس الجمهورية للبابا وللمسؤولين في الفاتيكان وجاء كأنه شكوى - كالعادة - من المسيحيين واتهام مبطن لسياستهم - وهل من سياسة مسيحية أصلا في لبنان؟ - لا بل كأنه تهديد بالأعظم ألا وهو زوالهم إن لم … - يبقى علينا ان نفهم معنى ال “لم”!

 

كنا نتمنى ان لا نرد على الرئيس لحود ولكننا نعتقد أنه من الخطر غض النظر في أمور أساسية كهذه وعدم التوقف عند ما يجب التعليق عليه. ان القضية اللبنانية ليست قضية مسيحيين ومسلمين، ولا هي قضية خيار مسيحي لبناني مقابل خيار اسلامي لبناني.

 

القضية اللبنانية هي بكل بساطة وفي الدرجة الاولى قضية وجود لبنان ومصيره، قضية حرية واستقلال وسيادة، قضية الاعتراف بلبنان دولة مستقلة ضمن حدود معترف بها لا دولياً، بل اقليمياً وسورياً بالأخص.

 

قضية خيار لبناني أولاً وأخيراً. لا يجوز أن نستمر في تضليل المجتمع الدولي حول المسيحيين اللبنانيين وكأنهم كانوا دائماً المذنبين وهم دائما في خانة المتهم الاول بقتل “الصبي” لبنان.

 

لا يجوز أن يبقى التعاطي مع المسيحيين في لبنان وكأنهم دخلاء او ضيوف على هذا الوطن وأن بقاءهم يندرج ضمن فعل تقبّلهم و”التسامح معهم” ليس إلا! لا يجوز اتهام المسيحيين بأنهم كانوا دائما أصحاب خيارات خاطئة تتعارض مع مصلحة الوطن لتغطية اخطاء سياسيين مسيحيين وغير مسيحيين.

 

والحقيقة - ومن باب المصارحة - هي أن المسيحيين اللبنانيين والمشرقيين هم عرب، بل هم أساس العرب والعروبة ولا لزوم للمزايدة او التذكير الدائم بالانتماء الى الهوية. قد يكون من الضروري تذكير الجميع أن المسيحيين في لبنان لم يُستوردوا من روما او من الغرب ولم يأتوا الى لبنان او المنطقة ب”البراشوت”، بل كانوا في المنطقة اساساً. هم أصحاب الدار.

 

اما المسيحية فقد ولدت في الشرق، في فلسطين، في لبنان، ثم انتشرت في العالم مرورا بروما. والخيار المسيحي واضح جدا ومعروف تماما لدى الجميع انه خيار لبناني وحدوي ينادي بالعيش المشترك وسيادة لبنان وحريته.

 

وللذين يوزعون الاتهامات نقول ان الصراع المسيحي - اليهودي كان أعمق في الشكل والمضمون من الصراع الاسلامي - اليهودي. ولا ينوي أحد منا تزوير التاريخ منذ صلب المسيح وما بعد والى الساعة. أما اذا اعتبرت الدولة اللبنانية انه كلما اختلف أحد معها اصبح صاحب خيار خاطئ وشكل تهديداً للوجود المسيحي، فنحن نقول ان خيارات المعارضة اللبنانية تنطلق من وجدانها اللبناني الوطني الصرف ولا تنبع من التوجيهات الخارجية ولا تتصل بها ولا تأخذها في الاعتبار.

 

ان المعارضة اللبنانية ليست معارضة مسيحية او اسلامية، وشعاراتها خالصة من كل روح طائفية.

 

أما أن يتهم كل من عارض سوريا او طالبها بتغيير نهجها في لبنان واحترام سيادة بلادنا وكرامتها واستقلالها، بأنه يلتزم خياراً خاطئاً او خارجاً عن الخط العربي، فذلك باطل لأنه في الاساس ما من سياسة عربية واحدة، ومن كان يُعتبر بالامس خائناً للقضية العربية أصبح اليوم ضرورة عربية قومية، بل أساس السياسة الخارجية العربية، وأعني هنا مصر بالذات، بالاضافة الى من يمثل القضية العربية المقدسة والذي وقع اتفاق سلام مع اسرائيل عنيت منظمة التحرير الفلسطينية دون ان ننسى الاردن.

 

ثم نريد أن نذكّر من نسي أن من يعارض النهج السوري في لبنان ومن يعارض الدولة في سياستها الداخلية والخارجية ليسوا فقط من المسيحيين اللبنانيين، بل هم مزيج من مسيحيين ومسلمين.

 

كما أن بين من يؤيد في المطلق سياسة الدولة وارتباطها المطلق بسوريا مسيحيين ومسلمين. لذلك ليس صحيحاً ان يقال أو أن تتهم طائفة بالتزام خيارات خاطئة تهددها بالزوال.

 

زوال لبنان يأتي من سياسات تؤدي الى تذويبه والغاء خصوصيته عبر شل حركته وخنق ايقاعه الوجداني والروحي وتكسير أجنحته. المسيحيون في لبنان يا فخامة الرئيس، خياراتهم محض لبنانية، وكلام رجال الدين المسيحيين، سواء الكاردينال صفير او البطريرك هزيم او المطران عودة برهن أكثر من مرة ان خياراتهم لبنانية صرفة، بل عربية أكثر من كثير من العرب أنفسهم.

 

كفانا عزفاً على وتر عقدة الذنب عند المسيحيين اللبنانيين وكأن عليهم ان يتنازلوا ويظلوا يتنازلون ليصححوا أخطاء لم يرتكبوها أصلا! أما الاخطاء والخيارات الخاطئة في تاريخ لبنان السياسي فلم تكن ذات هوية مسيحية ولا اسلامية، بل كانت أخطاء ارتكبها سياسيون وطاقم سياسي من كل الطوائف وما زال العديد منهم شريكا اليوم في الدولة، وعلى هؤلاء أن يقوموا بطلب غفران الشعب اللبناني المسيحي والمسلم بسبب الاخطاء والجرائم التي ارتكبوها ضده وضد الوطن.

 

الخطأ لم يكن في رهانات المسيحيين او المسلمين، بل في نهج طاقم سياسي معين شارك في الحكم في السابق… والأفظع اننا نعيش اليوم أخطاء أخرى في الأداء السياسي نعتبرها تهدد أكثر من قبل لبنان في مصيره ولهذا تتحرك المعارضة اللبنانية مطالبة بما تعتبره ضرورياً لتصحيح ما يجب تصحيحه قبل فوات الأوان.

 

فيا فخامة الرئيس، صحيح ان هناك مشاكل داخلية في لبنان، صحيح ان بعض المسيحيين يعتبر نفسه اليوم مهددا في وجوده، صحيح ان المصالحة الوطنية السياسية قبل الطائفية لم تتم، وهذا كله صحيح لأن سياسة الدولة الداخلية والخارجية أوصلت لبنان واللبنانيين الى ما وصلنا اليه منذ انتهاء المعارك العسكرية وحتى يومنا هذا.

 

… وقد نقول ان خيارات الدولة هي التي تهدد لبنان وشعب لبنان! الخيارات الخاطئة هي التي تصب في خانة الغريب على حساب الوطن، هي التي لا تعتمد الحوار والحرية لغة تفاوض، هي التي تعتمد سياسة صيف وشتاء على سطح واحد، هي التي تضرب الهوية اللبنانية بمواقف تتنافى ومفهوم لقاء الحضارات في لبنان ومفهوم التعددية الطائفية والفكرية والسياسية، الخيارات الخاطئة هي المؤيدة لأحزاب طائفية وهي الخيارات الداعية الى إنشاء جمهوريات طائفية ذات نظام طائفي وليس سياسياً، جمهوريات مستوردة من الخارج ولا علاقة لها بمفهومنا العربي ولا اللبناني.

 

هذه هي يا فخامة الرئيس الخيارات الخاطئة والتي تهدد لبنان وشعب لبنان بمسيحييه ومسلميه، ولسوء الحظ نرى ان الدولة تؤيد الكثير من أصحاب هذه الخيارات وتحتضنهم وتهاجم في المقابل الكثير من الذين يحلمون بوطن حر سيد مستقل، وطن لجميع أبنائه، وطن حامل رسالة لبنانية مقدسة. اننا نمر بمرحلة دقيقة جدا ومن الخطر توزيع الاتهامات على هذه الطائفة او تلك. هكذا كان يريد أعداء لبنان: خرق المجتمع اللبناني وتقسيمه وتفتيته بغية ضمه وابتلاعه… فهل ننفذ مطامع أعدائنا؟ 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.