بعيداً من المزايدات

المشرق-العربي 12-12-2025 | 02:11

بعيداً من المزايدات

سوريا اليوم مستهدفة وتتعرض لضغط حقيقي وجدّي من اميركا. والسؤال الذي فرض نفسه كان: لماذا اليوم؟ وهل كانت سوريا تعرضت لكل هذه الاتهامات لو وافقت على الحرب ضد العراق كما فعلت عام 1991؟
بعيداً من المزايدات
عدد 2003-04-17. (النهار)
Smaller Bigger

2003-04-17

 

الكلام الذي سمعناه في جولتنا الخليجية، وخصوصاً في مؤتمر قطر للديموقراطية والتجارة الحرة الذي جمع ديبلوماسيين واختصاصيين من العالمين الغربي والعربي مختلف تماماً عن مهرجان المزايدات الذي نعيشه ليلياً على الفضائيات العربية.

 

الحرب العسكرية في العراق انتهت والجميع هللوا لسقوط نظام صدام حسين وارتاحوا للسرعة والطريقة التي جرت بهما العمليات العسكرية وانتقلوا من مرحلة البكاء على الاطلال التي ما زالت تعيشها بعض الابواق المزايدة الى مرحلة البحث عمقياً في مستقبل العراق أكان على المستوى السياسي او الانساني والاجتماعي اضافة الى مستقبل المنطقة بأسرها.

 

 

عدد 2003-04-17.
عدد 2003-04-17.

 

فالجميع متفقون على ان منطقة الشرق الاوسط من المحيط الى الخليج ستتغيّر بعد سقوط نظام صدام حسين واسرع مما ينتظره البعض.

 

ومما لا شك فيه ان موضوع التهديدات الاميركية لسوريا فرض نفسه على اكثرية اللقاءات وبالاخص لقاءات الكواليس او ما يسمى اللقاءات الجانبية التي هي في واقع الأمر اهم من اللقاءات العامة.

 

وفي هذا السياق يتفق الجميع على ان ما تتعرض له سوريا اليوم مختلف عن المناورات السياسية او الديبلوماسية التي كنا نعيشها في السابق.

 

سوريا اليوم مستهدفة وتتعرض لضغط حقيقي وجدّي من اميركا. والسؤال الذي فرض نفسه كان: لماذا اليوم؟ وهل كانت سوريا تعرضت لكل هذه الاتهامات لو وافقت على الحرب ضد العراق كما فعلت عام 1991؟ الجواب الاميركي واضح: لم تكن سوريا لتتعرض لهذه الضغوط لو وقفت سياسيا مع قوات التحالف في المعركة ضد نظام صدام حسين لأن وقوفها، حسب المصادر الاميركية، كان يعني انها وافقت على الدخول في الآلية الأميركية لتغيير النظام الشرق الاوسطي الجديد.

 

وتعتبر المصادر نفسها ان الاولوية الاميركية للحرب على العراق لم تكن السيطرة على النفط، فالنفط العربي والدولي محيّد اصلاً ولم يعد سلاحاً لهذا الطرف او ذاك. والهدف الاساسي كان فرض سياسة اقليمية جديدة على نسق ما حصل في اوروبا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.

 

وعملية فرض سياسة اميركية جديدة في الشرق الاوسط في حاجة الى الحد الادنى من دعم شعبي عربي.

وهذا الدعم لأي تحرك اميركي لا يمكن ان يتحقق قبل حل القضية الفلسطينية بطريقة شاملة وعادلة، اضافة الى تغيير نمط الانظمة العربية لتصبح اكثر ديموقراطية.

فالموقف السوري السلبي من الحرب على العراق حمل اميركا على وضع دمشق في خانة المعارض لخطتها ودفعها الى القيام بحملة ضغط وقائية على سوريا، ومبدأ التحرك او الحروب الوقائية اعتمدته اميركا بعد 11 ايلول على اكثر من جبهة.

 

والضغط الاميركي الوقائي ضد سوريا هدفه الاساسي اليوم حماية تأشيرة الدخول الاميركية الى المنطقة، عنيت “خريطة الطريق” التي هي المشروع الاميركي لحل القضية الفلسطينية.

 

فأميركا تعتبر ان سوريا اصبحت وحدها العقبة الحقيقية امام تنفيذ هذا المشروع لانها تمسك بورقتي “حزب الله” والرفض الفلسطيني. هذا يعني ان اميركا قررت شلّ حق النقض السوري.

 

ويبقى السؤال الاساسي: هل تقتصر هذه العملية على الضغط السياسي والديبلوماسي ام تنتقل الى ضغط عسكري؟ من المستبعد - حسب المصادر الديبلوماسية - ان تلجأ اميركا اليوم الى لغة السلاح ضد سوريا، ولكن هذا لا يعني انه ليس هنالك من خطر انزلاق قد تسببه اسرائيل اذا اعتبرت نفسها “محشورة” في اعطاء موافقة على انشاء دولة فلسطينية، وخصوصا ان تعهّد الرئيس الاميركي في هذا الشأن يشكل سابقة على مستوى ملف حل قضية الشرق الاوسط كونه اول رئيس يعد ويعترف خلال توليه الحكم بضرورة انشاء دولة فلسطينية مستقلة.

 

وبمعزل عن اي انزلاق بسبب فخ اسرائيلي او فخ ينصبه اي متضرر آخر، قد يكون الاقرب الى الواقع اعادة فتح حوار بين اميركا وسوريا حول قضية وجود جماعة الرفض الفلسطيني الاصولي في دمشق وحول قضية الوجود العسكري ل”حزب الله” ولاسيما في الجنوب، بالاضافة الى دعمه المباشر على ما تقول اميركا، للتيارات الاصولية الفلسطينية وغيرها الهادفة الى اسقاط اي مشروع اميركي سلمي لحل قضية الشرق الاوسط.

 

وتعتبر المصادر نفسها ان سوريا كانت تعرف كيف تتكيف مع الواقع الاميركي في السابق وانه في حال لم تتوصل المفاوضات الى تنازل سوريا عن ورقة “حزب الله” وجماعة الرفض الفلسطيني والموافقة على المشروع الاميركي فالضغط في ذاته سيجعل سوريا تضغط بدورها للحد من نشاط “حزب الله” وجماعة الرفض الاصولي والفلسطيني خشية اي عملية عسكرية ضدها.

 

نعم، الخلاف الاميركي - السوري جدّي واميركا اصبحت موجودة مباشرة في المنطقة وحاولت ان تبرهن من خلال اسقاطها نظام صدام حسين انها جدّية في كل خطوة او موقف تتخذهما، وانها دخلت مرحلة تعامل شرق اوسطية جديدة بعد فشل وكلائها.

 

اما سياستها الجديدة فهدفها، كما قلنا، تغيير نهج الانظمة نحو مزيد من الحريات والديموقراطية وتنفيذ “خريطة الطريق”. صحيح ان سوريا اليوم هي التي تتعرض للضغط الاميركي ولكن الاصح ان على اللائحة الاميركية “للتغييرات الشرق الاوسطية الضرورية” ثلاثة اسماء هي سوريا وايران والسعودية! قطر- 

العلامات الدالة

مواضيع ذات صلة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.