لا تهربوا!

المشرق-العربي 12-12-2025 | 00:46

لا تهربوا!

المجزرة التي حصلت في قصر الاونيسكو قبل أشهر حاصدة موظفي صندوق تعويضات معلمي المدارس الخاصة ليست بالحادث الفردي الذي قام به ايضا وأيضاً “مختل” آخر، والمسؤولون يعرفون ذلك تمام المعرفة واعترافات الجاني تؤكد ذلك.
لا تهربوا!
عدد 2003-01-03. (النهار)
Smaller Bigger

2003-01-03

 

من واجبنا ان نبدأ السنة الجديدة بمصارحة الذات، بمصارحة الشعب، بمصارحة العهد وأهل الحكم مهما كان كلامنا الصريح جارحاً! ان الجريمة التي وقعت في ثكنة الجيش في الدكوانة وذهب ضحيتها شهيد واربعة جرحى من المجندين ليست بالحادث الفردي الذي قام به “مختل”، فنحن نعرف والمسؤولون يعرفون حقيقة ما حصل وكيف وقع الحادث وأسبابه الحقيقية، وما قاله المجرم الجاني من كلام متطرف قبل ان يطلق النار على رفاقه. ومحاولة قتل القاضي النشّار في قصر العدل ببيروت ليست بالحادث الفردي الذي قام به “مختل” آخر، والمسؤولون يعرفون ذلك تمام المعرفة.

 

والمجزرة التي حصلت في قصر الاونيسكو قبل أشهر حاصدة موظفي صندوق تعويضات معلمي المدارس الخاصة ليست بالحادث الفردي الذي قام به ايضا وأيضاً “مختل” آخر، والمسؤولون يعرفون ذلك تمام المعرفة واعترافات الجاني تؤكد ذلك.

وما حصل من خطف واغتيال للمهندس رمزي عيراني ليس بالحادث الفردي الذي قام به ايضا “مختل”، والمسؤولون يعرفون ذلك.

كما ان جريمة قصر العدل في صيدا التي ذهب ضحيتها أربعة قضاة ليست حادثا فرديا قام به “مختل”، والمسؤولون يعرفون ذلك! وإن لم يرتبط كل هذه الحوادث بعضها ببعض من حيث أدوات التنفيذ فانها كلها تهدف الى ضرب الاستقرار في لبنان وضرب صيغة العيش المشترك والتعايش بين العائلات اللبنانية. وكلها حصلت بسبب الحالة السياسية المتردية لا الحالة الامنية.

 

 عدد 2003-01-03.
عدد 2003-01-03.

 

بمعنى آخر قد يكون المسؤول الاول عن كل هذه الجرائم الحكومات السابقة منذ 1990 وحتى يومنا هذا! ان سياسات الحكومات السابقة التي اعتمدت نهج الغالب والمغلوب والقمع والبطش والانتقام والتخوين والتهديد والتهميش والعزل والنفي، هي التي أوصلتنا الى ما وصلنا اليه اليوم وأعطت ربما دون ان تدري، الغطاء الكافي للطوابير الخامسة المتآمرة على لبنان، وفي طليعتها اسرائيل، لتقوم بهذه الاعمال الاجرامية ضد مؤسسات وفئات معينة من الشعب بهدف زعزعة الاستقرار السياسي والتعايش بين الطوائف اللبنانية.

والعهد الحالي يتحمل المسؤولية الكبرى عن ذلك، لأن الشعب كان يعلق آمالاً كبيرة جدا عليه ليصحح الخلل السياسي الناتج من أداء الحكومات المتعاقبة منذ 1990.

 

ولكن تبين ان حكومتي هذا العهد لم يكن اداؤهما السياسي افضل من الحكومات السابقة. وعندما نقول ان السبب الحقيقي لما يحصل اليوم ليس أمنيا فهذا يعني ان الحل الجذري لهذه الحالة المتردية لا يمكن ان يكون محصورا بالترتيبات الامنية، بل الحاجة هي الى حل سياسي جذري لتصحيح الاعوجاج والخلل على مستوى الاعتراف بحق كل الفئات اللبنانية في المشاركة في القرار من خلال الحوار المنطلق من الاعتراف بالآخر والمعتمد احترام كل فئات المجتمع اللبناني، لا تخوين الفئات المعارضة ونبذها وجعلها أهدافاً، بل فرائس محلل قتلها! فهذا الاعوجاج السياسي ادى الى تفاقم الحالة المذهبية والطائفية في البلاد مما سهّل لشتى التيارات الاصولية الاقليمية والدولية اختراق الساحة اللبنانية مستفيدة من التردي السياسي، خصوصا بعد 11 ايلول، لتنفيذ مخططاتها ومصالحها الخاصة. نعم، استضعاف الحكومات السابقة والحكومة الحالية لفئة من اللبنانيين، وللمعارضين بالذات، كان بمثابة الهدية المقدمة على طبق من فضة لكل المتآمرين على الوطن حيث تمكنت المؤامرة من ضرب ثلاثة أهداف أساسية: الهدف الاول حرية الاعلام، ولا لزوم هنا لنذكر بأن السنة الماضية “توّجت” بقرار قضائي سياسي أعوج أدى الى اقفال “ام تي في”، كما ان السنة الجديدة بدأت بضرب الاعلام عبر وقف البث الفضائي لتلفزيون “نيو تي في” بالاضافة الى فرض رقابة مسبقة ومنع بث برنامج سياسي.

أما الهدف الثاني فكان القضاء، من خلال ما تعرض له قصرا العدل في صيدا وبيروت بالاضافة الى القرارات القضائية المسيّسة التي نالت من سمعة القضاء واستقلاليته. أما الهدف الثالث فكان المؤسسة العسكرية من خلال الحادث الاجرامي الاخير الذي وقع في ثكنة الدكوانة. والأخطر من ذلك انه عبر محاولة ضرب الاعلام الحر والقضاء المستقل والجيش، يصبح الهدف ضرب مقومات العيش المشترك في لبنان، ضرب ميزات لبنان، ضرب لبنان الوطن والشعب! قد يزعج كلامنا المسؤولين، وقد يتهموننا بالتحريض على الدولة، محاولين بهذه الطريقة اعتماد سياسة الهرب والتهرب، سياسة لا تخدم ولا تساعد في الحقيقة الا المتآمرين الحقيقيين على الاستمرار في تآمرهم على الوطن… … بينما الحل الحقيقي هو في مواجهة الواقع، وعدم الخوف من مصارحة الذات والشعب، وعدم مقاطعة او عزل او تخوين كل من اختلف مع الحكم بالرأي او عارضه، وبالتالي قيام الحكم بحركة تصحيحية ذاتية حقيقية تبدأ بالحوار لتنتهي بالحوار من اجل اعادة بناء وطن نحلم به جميعاً ويشارك في بنائه جميع أبنائه. … قلت وطناً واحداً حراً مستقلاً لا اشلاء وطن. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 4:32:00 PM
 الطفلة رهف أبو جزر، البالغة ثمانية أشهر، توفيت بسبب البرد القارس بعد أن غمرت المياه خيمة عائلتها في خان يونس جنوب القطاع.
تحقيقات 12/10/2025 8:10:00 AM
يعتقد من يمارسون ذلك الطقس أن النار تحرق لسان الكاذب...
شمال إفريقيا 12/10/2025 6:38:00 AM
على خلاف أغلب الدول العربية، لم يحدث أي اتصال بين تونس ودمشق، ولم يُبادر أيٌّ من البلدين بالتواصل مع الآخر بشكل مباشر أو غير مباشر.