في دير القمر عاصمة الأمراء... فندق تراثي يروي التاريخ

يأخذك سحر الماضي في كل حجر من حجارة هذا القصر التراثي في دير القمر/ قضاء الشوف. البلدة الملقّبة بعاصمة الأمراء، كانت مقراً لإمارة جبل لبنان خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، إذ اتخذها الأمراء مقراً لحكمهم، قبل إنشاء دولة لبنان.
وشكّلت هذه الأهمية التاريخية جاذباً سياحياً، بحيث تحوّلت قصور الإمارة إلى معالم سياحية، وقصر الأمير بشير الثاني الذي أهداه إلى مستشاره بطرس كرامة، واحداً منها.
شُيّد هذا القصر عام 1827. تحوّل في زمن الانتداب الفرنسي إلى مدرسة داخلية علمت كبار الشخصيات في المنطقة، ثم إلى مركز مجتمعي، ثم إلى مدرسة رسمية، حتى أصبح اليوم بيت ضيافة يروي تاريخاً خالداً، ويجذب مقيمين وأجانب.
"كان القصر مهملاً، وارتأينا أنا وزوجي أن نستثمره وننفض الغبار عنه ونحوّله إلى بيت ضيافة، واستخف الجميع بمشروعنا عندما بدأناه، إذ كنّا الأوائل في المنطقة بهذا التوجّه حينها"، تقول مارت بستاني المستثمرة المالكة لفندق "دير الأمراء" التراثي لـ"النهار".
استغرقت أعمال الصيانة 3 سنوات، وقد حافظ القصر على خشب القطران القديم وتم ترميمه وطلاؤه. وباشرت مارت باختيار الأثاث المناسب لهذه الحقبة الغابرة بعناية وذوق رفيع يليق بهوية التراث والقرية ويلتقي مع الطابع العصري المريح. وافتتح المشروع كبيت ضيافة عام 2014. وجاءت التسمية "دير الأمراء" تيمّناً ببلدة الأمراء، دير القمر، ولكون هذا القصر تابعاً للدير في المنطقة.
كانت غرف القصر فصولاً مدرسية ذات أسقف مرتفعة. وارتأى زوج مارت أن غرف "دوبلاكس" مناسِبة للعائلات ليشعر الضيوف أنّهم في منازلهم، و"هذا ما يحصل فعلاً"، وفق مارت. فالجميع يستذكر تاريخ لبنان في هذا الفندق ويطلب أن نروي له تاريخ القصر.
يضم القصر حالياً 19 غرفة، وسمّيت كلّ منها على إسم أمراء وأميرات من زمن الأمير بشير الثاني. وقد ربطت هذه الفكرة الجميلة الناس بتاريخ هذا المكان أكثر و"جاءت لتؤكد أنّ هذا الفندق هو فعلاً فندق تراثي، وأكمّلت قصته التاريخية".
يشعرك تصميم القصر بحدّ ذاته بالحميمية، وأنّك في بيتك أو مثلاً في بيت جدك بغرفه القليلة الكثيرة. تتوزع الغرف على طبقتين تجمعهما باحة في منتصف القصر قد تكون هي منبع هذا الوصل والشعور بالدفء بين حجارة هذا المكان التاريخي. واستحدثت مارت بركة ماء ذات نافورة لتتوسط الباحة، في عودة إلى البيوت القديمة التراثية، لتزيد من شعور الناس بالماضي.
ساهم موقع "دير الأمراء" الجبلي الجميل بجذب الزوار للهروب إلى الطبيعة من زحمة المدينة. ولعبت أصالة القصر دوراً أساسياً بجذب الناس إليه وإلى قضاء الشوف الزاخر بالتراث، حتى بعمران منازله.
يقصد "دير الأمراء"، السياح الغربيون الذين يعجبون بشكل لا يصدّق بالقصر التراثي ويتفحصون تفاصيله، وفق مارت. كذلك، أفراد البعثات الديبلوماسية وسفراء كثر في لبنان ومسؤولون في مؤسسات تربوية أجنبية كبرى، أمّا اللبنانيون المقيمون، فيأتونه من كل المناطق اللبنانية، واللافت أنّهم بنسبة كبيرة من جيل الشباب.
وحظي "دير الأمراء" بتصنيف ثلاث نجوم كأقدم فندق تراثي في لبنان من وزارة السياحة.