زوجان كرّسا حياتهما لفن صناعة المونة... عشقٌ وأكثر

في قلب منطقة دير القمر، يعيش زوجان مكرّسان لفن صناعة المونة المنزلية، رحلة عريقة مستمرة منذ أكثر من ثلاثة عقود. أنطوانيت داود، صاحبة اليد "الذهبية"، تصف عشقها لهذا العمل الذي لا يفارق حياتها وحياة زوجها. بالنسبة إليهما، المونة ليست مجرد طعام محفوظ، بل هي تراث وجزء من الروح والذاكرة، تعبّر عن هوية عائلتهما وكرم ضيافتهما.
تبدأ القصة من البساطة؛ في الماضي، كان الاعتماد على السوق محدوداً، وكان الجدود يكتفون بالمونة المصنوعة في البيت لتأمين الطعام طوال العام. أما اليوم، فقد تطور الأمر ليشمل أكثر من مئة صنف، بين أطعمة موسمية وحافظات طبيعية، تقدَّم بأيدٍ ماهرة تراعي الجودة والنظافة. أنطوانيت تفتخر بأنها وزوجها لا يعتمدان على أحد، ويشرفان شخصياً على تحضير كل صنف، يبدعان في ابتكار منتجات جديدة، ويحافظان على نقاء المكونات الطبيعية بعيداً عن المواد الحافظة.
ليس الهدف فقط صناعة المونة، بل أيضاً تقديمها بكرم وحب. فالزبائن لا يأتون فقط ليشتروا كيلو زعتر أو كشك، بل ليشعروا بصدق الضيافة، يتشاركون فنجان قهوة، ويشاركون العائلة لحظات من الدفء والترحاب. هذه العلاقة الحميمة مع الناس تجعل من المونة أكثر من مجرد سلعة، بل تجربة ثقافية واجتماعية تعكس روح البلد والناس.
تواجه أنطوانيت تحديات كثيرة، منها التعب البدني وحاجتها إلى الاستراحة أحياناً، ولكن إيمانها بالعمل الذي تقوم به يدفعها للاستمرار. وهي تحلم اليوم بتوسيع مشروعها ليشمل محلاً خاصاً، ويصبح بيتها المصنع الذي يشتهر به لبنان وحتى في أماكن بعيدة مثل هونغ كونغ.
في النهاية، المونة هنا ليست مجرد طعام محفوظ، بل قصّة حياة، تعب، حرفة، وتراث ينبض بالحبّ والاهتمام، يحمل بين طيّاته دفء المنزل وروح الكرم.