المساواة والرحلة المتعثرة

المساواة والرحلة المتعثرة
تسريع العمل نحو المساواة.
Smaller Bigger

الدكتور  فيصل القاق

قد يستغرق العالم حوالى 140عاماً من اليوم، اي ما يعادل 5 الى 6 أجيال لسد الفجوة الجندرية ومقاربة المساواة بحسب منتدى الاقتصاد العالمي، وقد يستغرق عقوداً أكثر لتستوي العدالة المجتمعية بين أفراده.

 

يأتي يوم المرأة العالمي هذا العام بشعار اندفاعي تحت عنوان "تسريع العمل نحو المساواة" ناقلاً المسألة من حيز النقاش والتنظير الى فضاءات العمل والتغيير والالتزام. لا يمكن لأحد أن يتغاضى عن مؤشرات التقدم المختلفة على الصعيد العالمي في السياسات والصحة وغيرها، لكن التمييز الواقع على النساء والفتيات لجهة الأجور وظروف العمل، التعليم، القيادة، والتعنيف لا يزال مؤسسي ومقلق. فعلى سبيل المثال تحصّل النساء أجراً أقل 20% مما يحصله الرجال، وتتعرض إمرأة من كل ثلاث نساء للعنف، وتبقى حوالى 130 مليون فتاة خارج المدرسة.

 

تتعدد المداخل وتتقاطع نحو رحلة المساواة وإحداها وأهمها التعليم الذي لا يزال دون الأهمية المطلوبة للعديد من الحكومات، حارمة 250 مليون طفل ويافع من مقاعد الدراسة ومهاراتها. لا يمكن لأي مجتمع ان يتعزز ما لم تتعزز المرأة بالتعليم والثقافة. الى جانب التعليم وكمتمّم له، يأتي التمكين الاقتصادي المتحيز ضد النساء بحيث تشير منظمة العمل الدولية الى 28%؜ فقط من النساء في مواقع إدارية وتنفيذية، مع وجود فجوة الأجور، والتمييز داخل بيئة العمل. وضعف دعم الأعمال التي تقودها النساء. 

أما اذا تطرقنا الى التمثيل السياسي وادوار صناعة القرار فهناك فقط 27%؜ من المقاعد البرلمانية تشغلها نساء على صعيد العالم. أما في لبنان الذي يحتل المرتبة 142 من أصل 146 (!) عالمياً، فتتدنى هذه النسبة الى 6،25% و9 حكومات من اصل 66 حكومة منذ 1943، ضمّت نساء في تشكيلها. 

أما هاجس المدخل الصحي، فلا يشذّ كثيراً عن باقي المداخل لجهة غياب شمولية الرعاية لشرائح عمرية متعددة واهمال مسارات الوقاية عبر مسار حياة المرأة، والأهم من ذلك عدم إعتبار الحكومات والمجتمعات حتى الآن، أن صحة المرأة مهمة وضرورية وأساس المساواة والتقدم. 

ولا يمكن الا التأكيد على استمرار العمل لمواجهة العنف الجندري الذي يصيب 45% من النساء ومنعه، بحسب معطيات الأمم المتحدة للنساء. وهذه مسؤولية فردية وجماعية على كل المستويات. 

يشكل يوم المرأة العالمي فرصة مهمة ليس لمناصرة قضايا المرأة لهذا اليوم  فحسب، بل لتذكير الجميع بواجب العمل اليومي وتسريع العمل نحو رحلة المساواة ومسارها. هي ليست مسؤولية الحكومات او المجالس النيابية فحسب، بل أيضاً وبالمستوى نفسه، مسؤولية الأفراد والمجتمعات والمؤسسات بحسب قدراتها ورسالتها. 

ليس من الحكمة بمكان ان تنتظر النساء قرناً ونصف قرن أو قرنين لينعمن بما هو حقٌ لهن من أيام ذو القرنين وقبله بقرون عديدة، وكل ذكرى والإنجازات اكثر وأوسع.

 

*الطبيب في دائرة الأمراض النسائية والتوليد في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو مجموعة خبراء السياسات الخارجية في "منظمة الصحة العالمية"

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
المشرق-العربي 10/9/2025 5:51:00 AM
حذّر أدرعي سكان قطاع غزة من العودة إلى المنطقة التي تقع شمال وادي غزة
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟