فلسطين... سيدة نساء الأرض

المشرق-العربي 07-03-2025 | 06:13

فلسطين... سيدة نساء الأرض

ما الذي يحدث لو يخرس هؤلاء كما ساسة البلاد وممثلي الأحزاب ليومٍ واحدٍ يمتنعوا خلاله عن فتح سوق المزايدة بالحقوق والوعود التي لا تنتهي. ولأن التجارب أثبتت أن أكثر من يظلم المرأة هي المرأة، فلا بد من أن تمتنع المسوقات للذكورية الإجتماعية عن الظهور أيضاً.
فلسطين... سيدة نساء الأرض
سيدة نساء الأرض
Smaller Bigger
ليس الثامن من آذار/مارس عيداً أو كرنافالاً للشعارات والتهاني الإلكترونية، كما يجب ألا يقتصر على أجمل الأمنيات واليافطات التسويقية التي تملأ شوارع المدن، إضافة إلى أنه ليس منبراً للمنظرين ليخرجوا علينا بخطاباتهم الرنانة، لتجميل دورهم في صوغ القوانين التي يجب أن تمنح المرأة الفلسطينية المساواة وكامل الحقوق التي تسعى الحصول عليها.

ليس هذا اليوم فرصة لتوزع المؤسسات ورداً على الموظفات، أو طناجر طهو كما فعلت نقابة العمال في مؤسسة أكاديمية شهيرة قبل سنوات، بل لتتذكر أن عليها رفع أجر العاملات ليتساوى مع أجور العاملين الرجال. فهم في أغلب الأحوال من يرفض تحسين شروط عمل النساء، ويحاولون إستغلال حاجتهن قدر المستطاع لفرض سيطرتهم والتحكم بمصيرهن الأكاديمي والتربوي والعملي، ويحولون دون وصولهن المراكز الأولى.

ما الذي يحدث لو يخرس هؤلاء كما ساسة البلاد وممثلي الأحزاب ليومٍ واحدٍ يمتنعوا خلاله عن فتح سوق المزايدة بالحقوق والوعود التي لا تنتهي. ولأن التجارب أثبتت أن أكثر من يظلم المرأة هي المرأة، فلا بد من أن تمتنع المسوقات للذكورية الإجتماعية عن الظهور أيضاً.

سيدة نساء الأرض
إن سيدة نساء الأرض ليست بحاجة إلى أي من شعاراتهم ووعودهم المنتهية الصلاحية، أو ورشات عملهم البعيدة عن الواقع، فهي التي خرّجت المقاومين والمعلمين والمهندسين والأطباء وأساتذة الجامعات والعمال، وقدمت ولا تزال تقدم كل ما لها ولديها وعليها. لم تعد بحاجة إلى ذلك التوقيع الذكوري الذي تنتظره منذ سنوات ليمنح ابنها جنسيتها أو ليعطيها حرية التصرف بحساب أولادها المصرفي بعد طلاق أو ترمّل. فبعد ما قدمته خلال 100 عام من الاحتلال والإستعمار الكولونيالي، تسقط كل الوعود البطريركية أمام تضحياتها.

ليست امرأة فلسطين بحاجة إلى مؤسسات تتغنى بالنسوية والحقوق أو بالقانون الدولي لحمايتها، فقد كانت هذه المؤسسات كلها شهوداً على المجزرة أثناء ذبحها، لم يحركوا ساكناً ليحموا النساء في غزة من القصف أو الأحزمة النارية التي لاحقتهم 15 عشر شهراً. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نحو 70 في المئة من الضحايا الذين تم التحقق من وفاتهم خلال الحرب نساء وأطفال، وهذا انتهاك ممنهج للمبادئ الأساسية التي أقرّها القانون الإنساني الدولي.

ولم تمنع بيانات الشجب والإدانة والإستنكار سقوط الصواريخ ولا أوقفت قصف الطائرات والمسيرات. فمن صنعن التاريخ بدمائهن لسن بحاجة إلى "الكوتا النسائية"، إذ صنعن الحاضر والمستقبل لأجيال، وناضلن لأنهن متساويات بالفطرة مع الرجل، ولسن بحاجة إلى شهادة أحد.

انتهاكات مهينة 
في 16 شهراً من الحرب على غزة، تمكنت خلالها من التنقل بصعوبة في فلسطين من شمالها إلى جنوبها وصولاً إلى النقب، تبقى غزة الحلم لتوثيق الانتهاكات التي لم تقتصر عليها حرب الإبادة الأخيرة التي كانت الأصعب والأطول والأقسى. وما لاحظته هو أن سلطات الإحتلال تعمدت إهانة النساء أينما كنّ، معتقدة أنها بذلك ستثنيهن عن الاستمرار في نضالهن وتربية أجيال تقاوم الاحتلال، كونها الحاضنة الشعبية والوطنية.

حُرمت الفلسطينيات في غزة من استخدام الفوط الصحية حين تأتيهن الدورة الشهرية، وسط ظروف مهينة خلال الحرب، فوجدن أنفسهن مضطرات للاستعاضة عنها بقطع من قماش أو بحفاضات، كما واجهن نقصاً شديداً في مستلزمات النظافة الشخصية بسبب الحصار ومنع دخول شاحنات البضائع والمستلزمات الأساسية من غذاء ودواء وكافة اللوازم النسائية.

وتعرضت أسيرات الضفة الغربية لأبشع أنواع التنكيل في أثناء اعتقالهن، وعانين ظروف تحقيق مهينة تخللها تحرش جنسي بشكل غير مسبوق. تعمدت المجندات الإسرائيليات تعريتهن "كما خلقتني يا رب" بحجة تفتيشهن بعد اعتقالهن، وقالت معتقلات وأسيرات أخريات أن الأصعب كان حرمانهن من استخدام الفوط الصحية في ايام الحيض.

إحدى المعتقلات صحفية تروي: "كانت ليلة اعتقالي قبل عام تقريباً باردة جداً، فدخول الجنود إلى المنزل وهاجمني نحو 15 جندياً، وبدأوا بضربي في أثناء نقلي معتقلة، فأُجبرت على الانحناء ويداي مقيدتان خلف ظهري بشكل مؤلم، لكن الأصعب كان حرماني من قضاء حاجتي أكثر من 12 ساعة، وعندما أصرّيت على الذهاب إلى المرحاض تركوني أذهب مقيدة، فمستحيل حينها أن أتمكن من غسل يدي أو استعمال الفوطة، واستغرقني وقت طويل حتى تمكنت من ذلك".

زنزانة كأنها القبر
بدت سمات خالدة جرار، القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مختلفة في هذه المرة، وقد فقدت الكثير من وزنها، وكان الإرهاق بادياً على وجهها النحيل وجسدها الهزيل. قالت لي إنها قضت فترة اعتقالها في العزل داخل زنزانة إنفرادية، "وهذه من أصعب الفترات التي عشتها داخل سجون الاحتلال، وكانت الزنزانة كأنها قبر، فكنت أبحث عن فتحة أتنفس من خلالها لأبقى على قيد الحياة، وأنتظر الساعات لتمر".

أما السيدة عبلة عبد الرسول سعدات، زوجة أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات، فقالت إن الأسرى في السجون مقطوعون عن العالم بشكل كلي، والأخبار تصلهم بشكل مقتطع وغير كامل، "فلم نكن نعرف شيئاً عن أولادنا، أو إذا ما تعرضوا لأي مكروه، لذلك كنا نعتبر أنفسنا في مقابر ونصفها بـ"مقابر الأحياء". 

أكثر اللقاءات إيلاماً كانت مع الحاجة فتحية، والدة الأسير محمود العارضة، قائد عملية الهروب الكبير من سجن جلبوع، وتبلغ 87 عاماً. كانت تردد طيلة الوقت: "أريد أن أحتضن أبني، أنا محرومة منه منذ 18 عاماً لأنني مقعدة في كرسي نقال، وإن احتضنته فكأنما احتضنت الحياة كلها".
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.