ملك عودة... سورية ناجية تروي لـ"النهار" تجربتها مع الحرّية

"تعرضت النساء المعتقلات في سجون النظام السوري السابق لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات، دون مراعاة لطبيعتهنّ أو لسنّهن ودون ثبات أيّ تهمة عليهن"، هكذا وصفت ملك عودة الناجية من الاعتقال مرتين لـ"النهار" تجربتها داخل سجون الأفرع الأمنية وبين جدران غرف التحقيق والتعذيب، التي انتهت بكسور في حوضها وفكّها.
عملت ملك في مركز للمعالجة الفيزيائية في منطقة القابون، حيث كانت تستقبل وتعالج عدداً من الجرحى في بداية الثورة، كان الحجّة لتعرّضها للملاحقة الأمنية. وانتهى الأمر باعتقالها وسجنها بعد إصابتها بنيران قنّاص عندما حاولت إسعاف أحد المصابين، و"لم يشفع لها كونها امرأة" وفق قولها.
لم تقتل الرصاصة ملك، فقد جرى إسعافها ومعالجتها بعد تدخّل أحد الوجهاء، وبقيت تحت رقابة عناصر الفرقة الرابعة حتى إتمام علاجها. بعدها اقتيدت إلى فرع المخابرات الجوية في حرستا حيث جرى سجنها والتحقيق معها لأيام ومن ثمّ إطلاق سراحها، لكن عند اعتقالها مجدداً اقتيدت إلى فرع المخابرات الجوية في المزة، وهناك مكثت أشهراً طويلة.
تعود ملك بذاكرتها إلى داخل جدران السجن، الذي تشاركته مع العديد من النساء، فتقول: "بعض النساء المعتقلات كنّ أمهات في العقد الثاني من العمر، وَلدنَ حديثاً وتم أخذ أطفالهن دون إعلامهن بمصيرهم أو مكانهم، والبعض الآخر كنّ في العقد الثامن"، وتتابع: "بعض التّهم التي اعتقلت النساء على إثرها كانت تصبّ في خانة تشابه الأسماء أو صلة قرابة مع أشخاص شاركوا في الثورة، أو كما كانوا يطلقون عليهم، مسلحين".
كان "الأمل بالحرية" يرافق ملك بين قضبان السجن، وفي أحد الأيام تحقّق حلمها عندما ورد خبر الإفراج عنها بعمليّة تبادل. ناداها السجّان بصفة المُذكّر: "تعا، صار وقت الخروج من السجن".
تصف ملك شعورها: "لم أصدّق حينها ما حدث فالداخل مفقود والخارج مولود".
وعن حال النساء الناجيات من المعتقلات، تقول: "كان الاعتقال وصمة عار عرّض العديد منهنّ للطلاق خوفاً من كلام المجتمع، وما قد تكون قد تعرّضت له مثل الاغتصاب، كما تعرّضت بعض النساء للنّبذ من قبل أسرها ومحيطها خوفاً من النظام".
عشر سنوات مرّت على اعتقال ملك عودة، التي تتابع حياتها كمعالجة فيزيائيّة، لكنها اليوم ترى في تحرير سوريا وإسقاط النظام حرّية لم تكن تمتلكها للبحث عن ولديها المفقودين محمد وماهر، فالأول اعتقل لمحاولته الانشقاق عن الجيش السوري عام 2012، وبعد فترة وجيزة اقتيد الثاني من مقاعد الدراسة بسبب تهمة أخيه، ولا يزال مصيرهما مجهولاً.