وخطوة إيجابية ثانية...

المشرق-العربي 12-12-2025 | 03:16

وخطوة إيجابية ثانية...

ان المرحلة التي نمر بها اليوم قد تكون اخطر من مرحلة 1947 و1948 يوم قيام دولة اسرائيل.
وخطوة إيجابية ثانية...
الصفحة الأولى من عدد 2002-04-04. (النهار)
Smaller Bigger

2002-04-04

 

الاجتماع التاريخي الذي حصل في وزارة الدفاع امس وفي قصر بعبدا وأعلنت اثره بداية انسحاب القوات السورية من لبنان حسب جدول زمني تنفيذا لاتفاق الطائف، قد يكون فعلاً بداية مرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية - السورية.

 

وهي سابقة لم تحصل من قبل او بالاحرى لم توافق القيادة السورية ولا الدولة اللبنانية على تنفيذها في هذا الاطار.

 

الصفحة الأولى من عدد 2002-04-04.
الصفحة الأولى من عدد 2002-04-04.

 

ما حصل يؤكد ان زيارة الرئيس الاسد للبنان لم تكن خطة دعائية للمناورة، بل ضمن استراتيجيا سورية جديدة تستهدف في ما تستهدف فتح صفحة جديدة بين البلدين لتغيير الاسلوب وتصفية القلوب.

 

وهذا القرار، كالزيارة الاولى للرئيس الاسد وزيارته الثانية خلال القمة، جاء في ظرف دقيق جداً يمر به لبنان وتمر به سوريا والمنطقة ويستوجب منا جميعا توحيد الصفوف والتنسيق الحثيث لمواجهة الطوارئ لئلا ندفع معا ثمن مخططات شارون الجهنمية. ومما لا شك فيه ان اي تنسيق او توحيد للصفوف كان في حاجة الى تنقية العلاقات اللبنانية - السورية وإشاعة اجواء ثقة ولا سيما لدى الشعب اللبناني والمعارضة اللبنانية.

 

لذلك نعود لنؤكد ان ما حصل البارحة خطوة ايجابية ثانية بعد الخطوة الايجابية الاولى التي كانت زيارة الاسد للبنان، وهذه الخطوة الجديدة قد توصف بالتاريخية وتسمح لنا جميعا بأن نعمل على فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية وعلى مستوى الحوار اللبناني - اللبناني لتحصين الجبهة الداخلية والخارجية - عنيت السورية - معا.

 

   ان المرحلة التي نمر بها اليوم قد تكون اخطر من مرحلة 1947 و1948 يوم قيام دولة اسرائيل.

 

ان ما نعيشه بداية تنفيذ استراتيجيا شارون التي كتبنا عنها اكثر من مرة عندما كنا نقول بكل وضوح انه من السخف وصف ما كان يقوم به رئيس حكومة اسرائيل وما زال، بالعمل الجنوني، وعدم فهمه كخطة متكاملة وواضحة المعالم، مما جعلنا نقول ان شارون قد يكون الوحيد في الشرق الاوسط الذي لديه رؤيا متماسكة مبنية على ما يسمى “حلم اسرائيل الكبرى”.

 

لقد قلنا اكثر من مرة ان اسم شارون في تاريخ اسرائيل اقترن بمحطات اساسية كانت كلها تؤثر نوعا ما في وضع السياسة الشرق الاوسطية. وكان دائما يأتي الى سدة المسؤولية للقيام باعمال “صعبة وشنيعة” قد لا يتجرأ على القيام بها اي سياسي اسرائيلي آخر، وخاصة انه لا يعتمد ولا يتأثر بما يتهم به. ان اعماله هي التي تعنيه على ما يبدو، لا صورته الاعلامية. رأينا شارون عام 1973 في الدفرسوار، رأيناه عام 1982 في اجتياح لبنان ومن قبل عام 1967، كلها محطات اساسية غيرت التاريخ في اسرائيل وسياسات الشرق الاوسط.

 

وانطلاقاً من هذا الواقع يمكننا القول ان ما قام به شارون لم يكن رد فعل على القمة العربية او جوابا عن مبادرة الامير عبدالله التي تبنتها القمة، بل ان “اعلان بيروت” الذي تبنى مبادرة ولي العهد السعودي اتاح للعرب ان لا يظهروا مثل كل مرة “اعداء للسلام” في نظر المجتمع الدولي، وقد يكون الورقة العربية الرابحة التي نواجه بها اسرائيل والمجتمع الدولي، جنباً الى جنب مع صمود الشعب الفلسطيني البطل وعلى رأسه الرئيس عرفات، الذي بصموده في وجه الحصار المفروض عليه وعلى شعبه وتمسكه بالبقاء في الارض حتى الشهادة، يعود ليبيض صفحة التاريخ العربي الذي لم يقترن في السابق ومنذ 1947 الا بالنكسات والهروب والخسائر… … ان ما يقوم به شارون اليوم كان مخططا واهدافه واضحة: فهو يعتبر ان الدولة الفلسطينية يجب ان تقوم في الاردن اساسا، وخصوصا ان 80 في المئة من الشعب الاردني فلسطيني، لذلك يريد ضرب كل مقومات الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، وسيستمر في المجازر وفي سياسة البطش لايجاد اجواء من شأنها، في نظره، تيئيس الفلسطينيين و”عرب اسرائيل” وحملهم على الهجرة الى الاردن… مثلا.

 

كما قد يأمل شارون من سياسته الاستفادة من اجواء التصعيد لتحريك الشارع العربي ضد الانظمة القائمة وخصوصا في الاردن بغية اسقاط نظامه وقيام نظام قد تشارك فيه قيادة فلسطينية جديدة يعمل شارون على تحضيرها من خلال ضرب القيادة الحالية ومن يضايقه فيها.

 

في الوقت نفسه قد يستفيد شارون من الوضع التصعيدي لجر الانظمة العربية التي ستخضع اكثر فأكثر لضغط الشارع كي تتحرك عسكرياً، مما يعطيه المبرر لاشعال حرب اقليمية تنسف كل مقومات السلام ومشاريع التسوية وتنسف ربما العديد من الانظمة القائمة وتوجد المناخ المؤاتي للتفتيت والتقسيم. وفي هذا السياق من المرجح ان يكون في عداد آمال شارون جر العراق الى المعركة مستفيداً من السياسة الاميركية العدائية لنظام صدام حسين.

 

فاذا تدخل العراق للدفاع عن عرفات قد يعمل شارون بغطاء اميركي على ضرب العراق، وربما تتدخل عندها الولايات المتحدة معتبرة ان ما يحصل يهدّد امن الخليج والاقتصاد العالمي، فتحاول إطاحة نظام صدام حسين ضمن حرب شرق اوسطية شاملة وليس ضربة موجهة الى العراق وحده. وفي الاطار نفسه قد يحاول شارون توريط ايران.

 

ومما يذكر ان اسرائيل اختلفت مع المسؤولين في الولايات المتحدة حول الاولويات في الحرب على الارهاب، اذ دعت الحكومة الاسرائيلية الى “الاقتصاص” من ايران قبل العراق. وقد يحاول شارون الوصول الى الجبهة الايرانية عبر الجبهة اللبنانية الجنوبية والسورية مستعملاً “حزب الله” واعمال المقاومة في الجنوب لفتح هاتين الجبهتين والوصول الى الجبهة الايرانية.    لذلك نعود لنقول: في هذا الظرف الدقيق لا يجوز ان يعود لبنان ساحة الصراع الاقليمية الوحيدة او الدفرسوار نحو سوريا وايران.

 

كنا وما زلنا نطالب الدولة بضبط الامور في الجنوب وعدم السماح ل”حزب الله” بأن يقوم بأي عمل عسكري دون التنسيق مع الدولة التي بدورها لا يمكن ولا يجوز ان تقبل بفتح جبهة الجنوب خارج اطار استراتيجيا عربية شاملة تفتح كل الجبهات العربية عسكريا في وجه اسرائيل.

 

يجب ان تكون صورة الجبهة اللبنانية الجنوبية على صورة كل الجبهات العربية، فاما حرب شاملة من كل الجبهات او هدنة شاملة على كل الجبهات وأوّلها الجبهة الجنوبية اللبنانية بما فيها مزارع شبعا.

 

وفي هذا السياق قد يكون موقف الدولة الذي اعلنه وزير الدفاع للمرة الاولى منذ انسحاب اسرائيل من الجنوب، موقفاً توضيحياً مهماً جاء ليؤكد ان لبنان هذه المرة لا يريد ان يكون ساحة الصراع الوحيدة او ممراً لأحد كائنا من كان.

 

وانطلاقا من هذا الواقع نقول ان ضبط الامور، فضلا عن التنسيق مع “حزب الله”، يتطلب ارسال الجيش الى الجنوب - هذا المطلب القديم الجديد المستمر - لا لحماية حدود العدو الاسرائيلي بل لحماية حدود لبنان من اي عملية تسلل او قصف قد تحصل، كما تحصل منذ الاسبوع الماضي، خارج اطار التنسيق مع الدولة ومع الدول العربية مما يورط لبنان وسوريا في هجمة اسرائيلية.

 

وغني عن القول ان اسرائيل قد تفتعل اي تسلل او ضربة من اجل ايجاد عذر لضرب لبنان وسوريا.

 

ان المطلوب تنسيق في الداخل وتنسيق مع الخارج، مع الدول العربية ومع سوريا بالذات، والخطوة التاريخية التي اتخذت امس بين لبنان وسوريا قد تكون، كما قلنا، حجر اساس لدعم العلاقات اللبنانية - السورية في مواجهة مخططات شارون. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.