الصين والولايات المتحدة: بين الحريات والحظر... والحرب؟

تكنولوجيا 22-04-2024 | 14:03

الصين والولايات المتحدة: بين الحريات والحظر... والحرب؟

إنها الحرب ببعدها التجاري – التكنولوجي بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين.
الصين والولايات المتحدة: بين الحريات والحظر... والحرب؟
شعار "تيك توك".
Smaller Bigger
إنها الحرب ببعدها التجاري – التكنولوجي بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين. وأحدث فصولها إقرار مجلس النواب الأميركي قبل يومين تشريعاً يمهد لحظر "تيك توك"، تطبيق الفيديو الشهير المملوك لشركة "بايت دانس" الصينية، عازياً الخطوة إلى هواجس تتعلق بالأمن القومي.

الأمر يدق ناقوس خطر في ما يتعلق بالحريات، في بلدٍ له باعٌ طويل بتمجيدها. تقول إدارة الرئيس جو بايدن وكثير من نواب الحزبين الجمهوري والديموقراطي إن "تيك توك" يشكل خطراً على الأمن القومي لأن الصين يمكن أن تجبر الشركة على مشاركة بيانات مستخدميها الأميركيين البالغ عددهم 170 مليوناً.

الحريات في خطر
اعتبر "تيك توك" في بيان أن "من المؤسف استخدام مجلس النواب غطاء المساعدات الأجنبية والإنسانية المهمة للتعجيل مرة أخرى بمشروع قانون الحظر الذي من شأنه أن يسحق حقوق 170 مليون أميركي في حرية التعبير".

أثارت الخطوة زوبعة من الانتقادات، إذ عارض الاتحاد الأميركي للحريات المدنية مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب، عازياً ذلك لأسباب تتعلق بحرية التعبير. وقال السيناتور الديموقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، الأحد، إن الحكومة الصينية يمكنها استخدام "تيك توك" كأداة دعائية.

وذكر وارنر لشبكة "سي.بي.أس نيوز" أن العديد من الشبان يستخدمون "تيك توك" للحصول على الأخبار، وأضاف أن "الفكرة هي أننا سنمنح الحزب الشيوعي (الصيني) أداة الدعاية الهائلة هذه بالإضافة إلى القدرة على جمع البيانات الشخصية التي تخص 170 مليون أميركي، إنه خطر على الأمن القومي".

وقال معهد "نايت فيرست أمندمنت" المناصر لحرية التعبير في جامعة كولومبيا الأميركية، إن أحدث مشروع قانون "ليس له أي فائدة حقيقية" لأن الصين ومنافسي الولايات المتحدة الآخرين لا يزال بإمكانهم شراء بيانات الأميركيين من وسطاء في السوق المفتوحة، والتورط في حملات تضليل باستخدام منصات التواصل الاجتماعي الموجودة في الولايات المتحدة.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك، أعرب أيضاً عن معارضته للقانون، وقال في منشور له عبر حسابه في منصة "إكس"، التي يملكها: "لا ينبغي حظر تيك توك في الولايات المتحدة، مع أن ذلك الحظر قد يفيد منصة إكس".

حرب الرقائق
ليس حظر "تيك توك" الطلقة الأميركية الأولى في هذه الحرب، بل سبقه الكثير. إحدى المحطات تمثلت بتقديم وزارة التجارة الأميركية قواعد جديدة تهدف إلى مراقبة صادرات رقائق معينة لها تطبيقات عسكرية أو متعلقة بالذكاء الاصطناعي في تشرين الأول (أكتوبر) 2022.

تحظر هذه القواعد بيع الرقائق عالية الأداء (القادرة على إجراء 300 تريليون عملية على الأقل في الثانية) وتلك التي تتمتع بسرعات اتصال عالية (عادة 600 جيجابايت في الثانية على الأقل) للعملاء الصينيين. تمتد القيود إلى ما يتجاوز الشركات الأميركية وتنطبق أيضاً على الموظفين.

وفي حين أن هذه الإجراءات لها آثار على صناعة أشباه الموصلات، فإنها تمثل خطوة مهمة في مجال مراقبة الصادرات. ولا يزال رد فعل الصين على هذه القواعد غير واضح.

الامتعاض من الـovercapacity الصينية
الولايات المتحدة، ومعها شركاؤها الغربيون، أعربوا خلال الأسابيع الماضية عن امتعاضهم من الصين بسبب "قدرتها الصناعية الفائضة التي تشكل تهديداً لبقية اقتصادات العالم".

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين والمستشار الألماني أولاف شولتس، حملا في زيارتيهما إلى الصين مطلباً موحداً، مفاده أن الاستثمار الصيني المفرط والقدرة الفائضة يشوهان الاقتصاد العالمي.

يحدث الفائض الإنتاجي عندما ينتج بلد أو صناعة سلعاً أو خدمات أكثر مما يطلبه السوق، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار والكفاءة.

تناولت يلين على وجه التحديد الممارسات التجارية غير العادلة للصين، وحثت على التحول عن الاعتماد كلياً على الصادرات لتحقيق النمو الاقتصادي.

تواجه قطاعات مثل التكنولوجيا العالية والطاقة النظيفة تحديات بسبب الفائض الإنتاجي، مما يؤثر على صناعات مثل السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم واللوحات الشمسية.

ماذا على الجبهة الصينية؟
تزامناً مع القرار الأميركي بحظر "تيك توك"، حظرت الصين تطبيقي "واتساب" و"ثريدز" المملوكين لشركة "ميتا" الأميركية من متجر "آب ستور"، إذ سحبت شركة "آبل" التطبيقين من متجر تطبيقاتها في الصين، بناء على طلب السلطات.

وقالت "آبل" في بيان: "أمرت إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية بسحب هذين التطبيقين بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي". وأضافت: "نحن مطالبون باحترام قوانين الدول التي نعمل فيها، حتى لو لم نكن موافقين عليها".

قبل ذلك، قيدت الصين استخدام 700 مليون موظف لهواتف "آيفون" التابع لشركة "آبل" الأميركية.

تمتد قائمة التطبيقات الممنوعة في الصين لتشمل إلى جانب "واتساب" و"ثريدز" كلّاً من "فايسبوك" و"إكس" و"إنستغرام" و"سناب شات" و"تيلغرام" و"سيغنال".

كذلك تحجب السلطات الصينية بعض وسائل الإعلام بما في ذلك المواقع الإخبارية العالمية الكبرى مثل "بي بي سي" و"سي أن أن" و"نيويورك تايمز" وغيرها، إضافةً إلى العديد من خدمات "غوغل"، بما في ذلك "جيمايل"، و"يوتيوب"، و"خرائط غوغل".

ماذا بعد؟
تعكس الإجراءات التي اتخذتها كلّ من الصين والولايات المتحدة بحظر التكنولوجيا والتطبيقات التفاعل المعقد بين الجغرافيا السياسية والأمن القومي والمصالح الاقتصادية.

تهدف سيطرة الصين الصارمة على الوصول إلى الإنترنت وحظرها على المنصات الأجنبية إلى الحفاظ على السيطرة الأيديولوجية وحماية شركات التكنولوجيا المحلية. وفي الوقت نفسه، تحظر الولايات المتحدة وصول تقنيات معينة إلى الصين بسبب المخاوف بشأن الأمن القومي، والملكية الفكرية، والممارسات التجارية.

ولمثل هذه القرارات آثار بعيدة المدى على النظم التكنولوجية العالمية والخصوصية والابتكار، ومع استمرار التوترات، فإن إيجاد توازن بين الأمن والانفتاح يظل تحدياً لكلا البلدين.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 6:32:00 AM
تلقّى اتصالاً من قيادته الإيرانيّة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2024، أي قبل ثلاثة أيام من سقوط الحكم السابق، طلبت منه فيه التوجّه إلى مقرّ العمليات في حيّ المزة فيلات شرقية في العاصمة صباح الجمعة في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2024 بسبب "أمر هام".
المشرق-العربي 12/8/2025 7:07:00 AM
ألقى الشرع كلمة قصيرة بعد الصلاة قال فيها: "سنعيد بناء سوريا بطاعة الله عز وجل، وبنصرة المستضعفين، والعدالة بين الناس"
سياسة 12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً