تاج أوجيني... جوهرة نجت من الحرب والمنفى وسرقة اللوفر (صور)

موضة وجمال 20-10-2025 | 14:58

تاج أوجيني... جوهرة نجت من الحرب والمنفى وسرقة اللوفر (صور)

تاج يروي حكاية أمبراطورة عاشت بين السياسة والموضة، بين القوة والأنوثة.
تاج أوجيني... جوهرة نجت من الحرب والمنفى وسرقة اللوفر (صور)
تاج الامبراطورة اوجيني في متحف اللوفر (أ.ف.ب)
Smaller Bigger

في عملية سطو جريئة نفّذها مجهولون في وضح النهار، شهد متحف اللوفر في باريس صباح الأحد في 19 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2025 واحدة من أخطر السرقات في تاريخه، إذ استهدف اللصوص تاج الأمبراطورة أوجيني، زوجة نابوليون الثالث، أحد أثمن الرموز في التراث الفرنسي.

ما بدا صباحاً هادئاً في قاعة أبولون، حيث تُعرض مجوهرات التاج الفرنسي، تحوّل في دقائق إلى مشهدٍ من أفلام الجريمة، حين اقتحم اللصوص القاعة وحطّموا الخزائن الزجاجية، قبل أن يفرّوا حاملين مجوهرات تُقدَّر قيمتها الثقافية والتاريخية بأنها "لا تُقدَّر بثمن".

لكن المفاجأة الكبرى تمثّلت في أن تاج أوجيني، الذي يُعدّ جوهرة المجموعة، عُثر عليه بعد وقتٍ قصير من الحادث، محطَّماً لكن غير مفقود.

 

 

 تاج الإمبراطورة أوجيني في اللوفر (أ.ف.ب)
تاج الإمبراطورة أوجيني في اللوفر (أ.ف.ب)

 

 

تاج وُلد من مجد الأمبراطورية

صُنع تاج الأمبراطورة أوجيني عام 1855، ولم يُستخدم في أيّ تتويج رسمي، إذ لم يشهد نابوليون الثالث وزوجته احتفالاً أمبراطورياً من هذا النوع، لكن التاج صُمّم ليجسّد فخامة الأمبراطورية الثانية وهيبتها.

صيغ من الذهب الخالص، ورُصّع بأكثر من 1354 ماسة و56 قطعة زمرد، بحسب الوصف الذي نشره اللوفر على الإنترنت، وزُيّن برموز الإمبراطورية: النسر والنخيل ونقوش الزهور الدقيقة. وبعض أحجاره الكريمة من مجموعة "ألماس التاج الفرنسي" الشهيرة التي أُعيد توظيفها لإبراز مجد الحقبة الجديدة.

عُرض التاج للمرة الأولى في المعرض العالمي لعام 1855، وكان آنذاك رمزاً للقوّة والجمال الفرنسي. وبعد سقوط الأمبراطورية الثانية عام 1870، بيعت معظم مجوهرات التاج أو صُهرت، فيما نجا تاج أوجيني بأعجوبة، قبل أن يُهدى إلى متحف اللوفر عام 1988 من قِبل الزوجين روبيرتو وجوسلين بولو.

لأكثر من أربعة عقود، بقي التاج في قاعته الزجاجية، شاهداً على زمن الملوك والأمبراطوريات، إلى أن اختُطف من وهجه في لحظة درامية.


متحف اللوفر (أ.ف.ب)
متحف اللوفر (أ.ف.ب)

 

 

عملية السطو التي هزّت باريس وتاج أوجيني "المكسور"

قرابة التاسعة والنصف صباحاً، وبعد دقائق من فتح المتحف أبوابه، رصدت الكاميرات مجموعة من المقنّعين يتسلّقون الواجهة المطلة على نهر السين بواسطة رافعة أثاث قابلة للتمديد.

وبعد اقتحامهم النافذة، استخدموا مطارق وأدوات كهربائية لتحطيم خزائن العرض المدرّعة في قاعة أبولون.
وفي غضون سبع دقائق فقط، استولوا على ثماني قطع من المجوهرات التاريخية، من بينها قلادة الأمبراطورة ماري لويز، وياقوت الملكة ماري أميلي، وعدد من حليّ العهد النابوليوني.

لكن هدفهم الأثمن كان تاج الإمبراطورة أوجيني نفسه.

وخلال فرارهم على درّاجات نارية عبر ضفة النهر، سقط التاج من يد أحد اللصوص. وبعد دقائق، عُثر عليه على الرصيف خارج المتحف، مثقلاً بالغبار، مثلوماً ومفقود الأحجار في بعض أجزائه، إلا أنه نجا من المصير المجهول.
وقالت إحدى المرمّمات في اللوفر: "الأضرار مؤلمة، لكن مجرّد استعادته يُعدّ معجزة حقيقية".

ووصفت وزارة الثقافة الفرنسية العملية بأنها "ضربة قاسية للتراث الوطني". وقد كُلّف أكثر من ستين محققاً بمتابعة القضية، في تحقيقٍ يشمل فرنسا وبلجيكا.

وأشارت مصادر أمنية إلى أنّ دقّة التنفيذ، وسرعة التحرك، واستخدام أدوات احترافية، تدلّ على أن العملية كانت مدبّرة بإتقان وربما شارك فيها أشخاص يملكون معرفة داخلية بتفاصيل المتحف.

 

 

الشرطة أمام متحف اللوفر (أ.ف.ب)
الشرطة أمام متحف اللوفر (أ.ف.ب)

 

 

تاج الأمبراطورة أوجيني رمز يتجاوز المجوهرات

تاج أوجيني ليس مجرّد تحفة مذهلة، بل رمز لتاريخ فرنسا وتقلبات مجدها. فهو يروي حكاية أمبراطورة عاشت بين السياسة والموضة، بين القوة والأنوثة.

كانت أوجيني دي مونتيخو، الإسبانية الأصل، من أبرز نساء عصرها، راعية للفنون وصاحبة نفوذ سياسي لافت إلى جانب نابوليون الثالث. ورغم أنها لم تُتوَّج رسمياً، ظل تاجها أحد آخر الشواهد على العظمة الأمبراطورية الفرنسية.

واليوم، وقد نجا من الثورة والحروب والمنفى، ثم من عملية سرقة جريئة، يقف هذا التاج، مُحطَّماً لكن صامداً، كرمزٍ للتاريخ نفسه، متألّق، هشّ ومعرّض دوماً للخطر.

أخيراً، علّق أحد المؤرّخين بالقول: "هذا التاج نجا من الثورات والحروب والمنفى، ويبدو أنه كُتب له أن ينجو من السرقة أيضاً".

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.