مصمّمة الأزياء الفلسطينية نيفين القاضي تروي قصّة تصميم يحمل رسالة سلام (صور)

مع اقتراب مسابقة "ملكة جمال الكون" التي ستُقام في تايلاند في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، تستعد ملكة جمال فلسطين نادين أيوب للمشاركة التاريخية الأولى لبلادها في هذا الحدث العالمي، في لحظة تحمل أكثر من بعد رمزي. فليست المسألة مجرّد مشاركة جمالية، بل تعبير عن حضور ثقافي تسعى فلسطين إلى تأكيده على منصة يشاهدها العالم بأسره.
في هذا السياق، كشفت مصمّمة الأزياء الفلسطينية نيفين القاضي عن تفاصيل الفستان الذي سترتديه نادين أيوب، المستوحى من الكوفية، والذي بات محمّلاً بدلالات السلام والانتماء. ومن خلال حديثها، يتكشّف شغفها الكبير بالتراث وقدرتها على تحويل الرموز الشعبية إلى لغة معاصرة من الأناقة والرسالة.
تقول القاضي في حديث لـ"النهار": "بصراحة، الذي ألهمني دخول عالم التصميم هو حبّي لتراثنا الفلسطيني، ورغبتي في أن أقدّم شيئاً يعبّر عن هويّتنا بأسلوب معاصر. بدأت رحلتي في عالم الموضة منذ أيام دراستي، إذ كنت دائماً أحاول أن أضيف لمسات تراثية على أزيائي الشخصية. ومع مرور الوقت، وجدت نفسي أطلق مجموعات كاملة تجسّد هذه الروح".
منذ بداياتها، لم تنظر القاضي إلى الموضة كترف بصري، بل كوسيلة لحفظ الذاكرة الجمعية من خلال الخيط والإبرة. وتضيف: "أحبّ أن أصف نفسي كمصمّمة تعشق الرقيّ والتطريز القديم مع تطويره. أنا ملتزمة جداً بالهوية والتراث العربي عموماً، والفلسطيني خصوصاً. ما يميّزني هو حفاظي على الجذور وتطوير التراث في تصاميمي. بالإضافة إلى ذلك، أعتمد كثيراً على العمل اليدوي، فالتطريز اليدوي يضفي روحاً حقيقية على أيّ قطعة، كأنها استمدّت شيئاً من روح المصمّم نفسه. هذا ما يمنح تصاميمي طابعاً فريداً ومميّزاً".
بالنسبة لها، لا تنفصل الأزياء عن فكرة الانتماء، بل تشكّل امتداداً له: "دور الأزياء هو تمثيل طبيعة المجتمع وخلفيته الثقافية والتراثية، فهي هويّة الشعب ذاته. وأنا كمصمّمة أزياء أطمح إلى إيصال تراثنا العربي، ولا سيّما الفلسطيني، إلى العالمية بطريقة حديثة تجعل العالم بأسره يراه ويقدّره".
وحين تتحدّث عن فستان الكوفية، تتبدّى ملامح الفكرة التي تتجاوز القماش إلى المعنى: "ألهمتني رغبتي في إنشاء مجموعة تعبّر عن الكوفية الفلسطينية، التي لم تعد مجرّد رمز للقضية الفلسطينية وحدها، بل أصبحت رمزاً للحرية لدى شعوب كثيرة. رغبتُ في إيصال فكرة أن الشعب الفلسطيني يسعى إلى السلام، فتعاونت مع الفنان التشكيلي المصري مجدي الكفراوي، وحوّلنا الكوفية إلى تصميم مستوحى منها بدمج حمامة السلام، لنقول للعالم إن فلسطين، مثلها مثل سائر الشعوب، تبحث عن السلام. وهكذا أصبح رمز الكوفية في تصاميمي رمزاً للسلام".
وتكمل القاضي بفخر: "كان من حسن حظي أن أتعاون مع نادين أيوب، ملكة جمال فلسطين، التي اختارت قطعة من تصاميمي. قدّمنا الكوفية أصلاً في أسبوع الموضة في لندن قبل 7 أكتوبر، ولكن بسبب الظروف تأجّل عرضها، والآن سترتديها نادين في مسابقة ملكة جمال الكون، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها فلسطين في هذه المسابقة، وهذا شرف كبير لي أن أمثّل وطني في الزيّ الوطني".
رحلة لم تخلُ من التحديات، كما توضح: "واجهتُ صعوبات بسبب هويتي الفلسطينية، إذ لم يكن العالم يتقبّل بسهولة دخول مصمّمة فلسطينية إلى مجال الموضة. لكن الإصرار على تقديم تراثنا بأسلوب حديث مكّنني من تحقيق النجاح والانتشار".
وتقول عن فلسفتها في العمل: "أعتمد على التطريز اليدوي وخيوط الحرير، ما يجعل عملي بطبيعته مستداماً. كما أحرص على استخدام مواد صديقة للبيئة قدر الإمكان".
أما نصيحتها للمصمّمين الشباب فتعكس خلاصة التجربة: "التمسّك بالهوية مع التطوير هو طريق النجاح. لا تدعوا الإحباط يوقفكم، فالإصرار والاستمرارية هما مفتاح التميّز".
وفي سياق موازٍ، كانت ملكة جمال فلسطين نادين أيوب قد عبّرت في حديث سابق مع "النهار" عن فخرها بتمثيل بلدها في هذه المسابقة العالمية، قائلة: "لم يكن الأمر مجرّد مشاركة شخصية بل مسؤولية أن أمثّل شعبي وبلدي فلسطين والوطن العربي بصورة جميلة وحقيقية، وأن أُظهر للعالم أنّ ثقافتنا ليست فقط معاناة، بل هي فن وجمال وموسيقى وتاريخ عريق".
بهذا المعنى، يبدو أن ما جمع نادين أيوب ونيفين القاضي يتجاوز حدود الموضة إلى الإيمان المشترك بأن فلسطين قادرة على أن تروي حكايتها عبر الجمال، لا الألم... حكاية تُطرّز بالخيوط، وتُقال على المسرح، ليصل صوتها إلى العالم كما أرادته صاحبتا الرسالة: صادقاً، أصيلاً وواثقاً بهويّته.