مسلسل Stranger Things تحت رحمة الحلقة الأخيرة
صدر الجزء الثاني من الموسم الخامس لمسلسل الخيال العلمي Stranger Things (أشياء غريبة) في يوم عيد الميلاد، محمّلاً بوعود كبيرة سبقت عرضه، غير أن النتيجة جاءت مخيّبة على نحوٍ لافت. فبعد دفعة أولى حظيت بترحيب أوسع، بدا أن الدفعة الثانية عاجزة عن تلبية سقف التوقعات المرتفع الذي روّج له صُنّاع العمل، وعلى رأسهم الأخوان دافر، إلى جانب تصريحات متكررة لنجوم السلسلة تحدثت عن جزء "مظلم"، عاطفي، وصادم. لكن ما وُعد به الجمهور لم يتحقق، لا على مستوى المفاجآت ولا على صعيد التحولات الدرامية الجوهرية.
وعلى عكس التلميحات التي أوحت إمكان خسارة شخصيات محورية أو كشف أسرار مصيرية تغيّر مسار السرد، جاءت الحلقات الخامسة والسادسة والسابعة محدودة الأثر، ومحصورة بخطوط درامية يمكن اختصارها من دون الإخلال بالبنية العامة للموسم. إذ انشغلت الأحداث بالكشف عن أن "العالم المقلوب" ليس سوى ثقب دودي يربط مدينة هوكينز ببعدٍ آخر، بعد عثور داستن على مذكرات "الدكتور برينر"، إلى جانب استفاقة "ماكس" من غيبوبتها داخل عالم "فيكنا" الذهني "كامازوتز"، ومونولوغ مطوّل لويل بايرز يعلن فيه مثليته الجنسية، في مشهد طغى عليه الخطاب المباشر على حساب الدراما، والذي كان بعيداً جداً عن مفردات ثمانينات القرن الماضي، زمن العمل.
هذا التراجع انعكس بوضوح على المؤشرات الرقمية، إذ سجّل الجزء الثاني من الموسم الخامس تقييماً جماهيرياً بلغ 73% على موقع Rotten Tomatoes، وهو رقم يضعه في مرتبة أدنى حتى من الموسم الثالث، الذي كان يُعد سابقاً الأضعف، بفارق 13 نقطة مئوية. وفي المقابل، لا يزال الموسم الأول محافظاً على صدارته بنسبة 96%، ما يكشف الفجوة المتزايدة بين البدايات المتقنة والخواتيم المرهقة سردياً. كما جاءت الحلقة السابعة، المعنونة "الجسر"، لتكون ثاني أقل حلقات المسلسل تقييماً على موقع IMDb، بمعدل 6.6 من 10، مع مشاركة أكثر من 22 ألف مستخدم في التصويت.

لكن بعيداً من الأرقام، تُظهر قراءة نقدية أن الحلقات الأولى من الموسم الأخير نجحت نسبياً في الحفاظ على ديناميكية المجموعة الأساسية من المراهقين والبالغين، ولو على حساب الإيقاع، بحيث طال بقاء بعض الشخصيات في "العالم المقلوب" بشكل بدا أقرب إلى التمهيد المطوّل لمعركة نهائية مؤجلة مع "فيكنا" (هنري)، أكثر منه تصعيداً فعلياً للأحداث.
والدفعة الثانية من الحلقات سارت في الاتجاه نفسه، لكنها وقعت في فخ "تفريغ المشاعر" بشكل مبالغ فيه. إذ توقفت الشخصيات مراراً لمناقشة أزماتها الداخلية: من اعتذار "جويس" لابنها "ويل" وتعهدها عدم التقليل من شأنه، إلى حديث "مايا" مع "ويل" عن ميولها الجنسية، ثم الشجار المتكرر بين "داستن" و"ستيف" الذي انتهى بمصالحة دافئة متوقعة، وصولاً إلى دهشة "نانسي" من فتور "جوناثان" إزاء علاقتهما في لحظة يُفترض أنها مصيرية. هذا التكديس العاطفي، رغم مشروعيته من حيث المبدأ، أبطأ السرد وأضعف التوتر.
حتى "فيكنا"، الخصم الأكثر إثارة في السلسلة، لم يُستثمر حضوره بالكامل. صحيح أن العمل عاد إلى ماضي "هنري كريل"، كاشفاً جانباً من طفولته قبل انتقال العائلة إلى هوكينز في أواخر الخمسينات، إلا أن مشهد قتله رجلاً في الكهف الذي احتمت فيه "ماكس"، وفتح حقيبة غامضة لم يُكشف عن محتواها، بدا أقرب إلى تأجيل متعمّد للإجابات، في انتظار الحلقة الأخيرة المقررة في 31 كانون الأول (ديسمبر)، والتي تتجاوز مدتها أكثر من ساعتين.
.jpg)
وبين دفعتين فقدتا إلى حدّ كبير روح المرح وخفة الظل و"النكتة الذكية" التي شكّلت أحد أسرار نجاح Stranger Things، برز استثناء نسبي تمثّل في الحلقتين الرابعة والخامسة، من إخراج فرانك دارابونت، الذي أدار بخبرة واضحة خطوطاً درامية متعددة، مستفيداً من تاريخه كمخرج فيلم The Shawshank Redemption والمنتج الأصلي لمسلسل The Walking Dead.
في المحصلة، يبدو أن الجزء الثاني من الموسم الخامس وقع ضحية المبالغة في الوعود، والتردد في الحسم، ما جعله حلقة انتقالية مثقلة بالتوقعات أكثر مما هو فصل حاسم يليق بوداع أحد أنجح سلاسل "نتفليكس"، على أمل أن تصلح الحلقة الأخيرة ما أفسدته سابقاتها.
.jpg)
نبض