التاج المكسيكي المتمرّد... فاطيما بوش تكشف فوضى منظمة ملكة جمال الكون وتفوز (صور وفيديو)
سجّلت المكسيك فوزها الرابع في تاريخ المسابقة، بعدما تربّعت فاطيما بوش على عرش ملكة جمال الكون لعام 2025. غير أنّ التاج، هذه المرة، لم يكن قطعة مجوهرات مرصّعة بالألماس فحسب، بل جاء محمّلاً بدلالات أعمق تتجاوز الجمال الخارجي، ليصبح رسالة موجهة مباشرة إلى المنظمة، وإلى كلّ من يظنّ أنّ إسكات صوت امرأة ما زال ممكناً في عام 2025. إنّه درس في الحقّ قبل أن يكون درساً في الجمال.
فاطيما بوش لم تنتصر لأنّها الأجمل، بل لأنّها الأكثر حضوراً فكرياً وجرأة ووعياً. امرأة تعرف ماذا تقول، وكيف تقول، ولمن تقول. وعندما حاول المدير الوطني لملكة جمال تايلاند، نوات إيتساراغريسيل، التقليل من قيمة التاج الذي ارتدته ونعتها بـ"الغبية"، جاء ردّها صارماً ومباشراً: "نحن نساء متمكّنات، وهذه المنصة وُجدت لأجل أصواتنا. وإذا كان التاج يسلبك كرامتك، فعليك أن ترحل".
لم تكتفِ بوش بتلك العبارة التي دوّت في أذن العالم، بل عادت وأعادت تأكيد موقفها في لحظات الوداع، مذكّرة الجميع بأنّ الصمت عن الحق ليس فضيلة، وأنّ الكلمة الواضحة لا تحتاج إلى تبرير.

وبعد وصولها إلى قائمة الـ12 متأهلة، وُجّه إليها سؤال حول التحديات التي تواجه المرأة في عام 2025 وكيف يمكن لملكة جمال الكون أن تسهم في خلق مساحة آمنة للنساء حول العالم. فجاء جوابها متزناً وقوياً: "سأضع صوتي وقوتي في خدمة الآخرين. نحن هنا لنرفع صوتنا ونحقق التغيير. النساء الشجاعات هنّ من يصنعن التاريخ".
وفي السؤال النهائي الموحّد للمتأهلات الخمس، والمتعلق بتمكين الفتيات الصغيرات، مضت بوش في الرسالة نفسها: "آمنّ بقوة أصالتكن. ولا تدعن أحداً يجعلكن تشككن في أنفسكن. أصواتكن تستحق أن تُسمع".

لم يكن غريباً أن تجد كلماتها صدى في خطاب الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم التي أشادت بها سابقاً بوصفها "نموذجاً لكيف ينبغي للنساء أن يرفعن أصواتهن". كلمات تحمل في طياتها إعلان دعم سياسي واجتماعي لموقف ملكة قررت أن تكون أكثر من ملكة.
رحلة بوش الشخصية تُفسّر الكثير من نضجها الفكري. فمنذ طفولتها، نشأت بين الطبيعة والحيوانات، فترسّخت فيها قيم التعاطف والرحمة. ورغم إصابتها بعسر القراءة وفرط الحركة ونقص الانتباه، حوّلت نقاط ضعفها إلى قوة دفعتها نحو الإبداع وتجاوز العقبات.

منصّة جمال في مواجهة فوضى تنظيمية
في مقابل حضور بوش ومواقفها، بدت المنظمة في حالة ارتباك غير مسبوقة. فبينما كانت المتسابقات يستعددن للمسرح، كان فريق التنظيم منشغلاً بمحاولة احتواء سلسلة طويلة من الأخطاء.
أصدرت المنظمة بياناً جاء فيه: "في ضوء التصريحات العلنية والمنشورات الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، نرى ضرورة توضيح بعض المغالطات".
بيان بدا مخصصاً للرّد على الاتهامات بالتلاعب بالتصويت، لكنه كان يصلح بالقدر نفسه لتبرير ما سبقه من فضائح: استقالات طارئة في صفوف لجنة التحكيم، نفي متكرر لاتهامات التلاعب، فيديو لإحدى المتسابقات يقلّد "تعاطي المخدرات"، سقوط قاس على المسرح لملكة جمال جامايكا وانسحابات درامية داخل لجنة التحكيم.
مشهد فوضوي لا يشبه إطلاقاً الصورة الوردية التي تحاول المسابقة تقديمها عن نفسها كمنصة "تحتضن كل الثقافات والأديان في مساحة آمنة للنساء".
نتيجة مسرّبة وصدقية مفقودة
ورغم محاولة المنظمة الإيحاء بأنّ فوز فاطيما بوش هو بمثابة "تعويض معنوي" عما تعرّضت له، فإنّ الكواليس حملت رواية أخرى تماماً. فقد تسربت معلومات عن نتائج كانت معروفة مسبقاً لعدد من المتسابقات، ما زاد الشكوك حول نزاهة العملية كلها.
وفي ظل الإعلان عن استضافة النسخة الـ75 في بورتوريكو عام 2026، تبدو المنظمة أمام امتحان مصيري: هل تستطيع استعادة الثقة؟ هل يمكنها تقديم مسابقة قائمة على الشفافية لا على الإعلانات؟ هل يمكنها احترام المتسابقات بدل التعامل معهنّ كسلعة؟
أسئلة لا يمكن تجاهلها في سباق يفترض أنّ عنوانه الجمال، لكنّه يخرج منه مشوّهاً حين تخسره الشفافية.
نبض