We Design Beirut... العاصمة تُعيد تصميم ذاتها من جديد
في قلب بيروت، المدينة التي صاغت جراحها لتصبح ذاكرة حيّة، عاد معرض We Design Beirut بنسخته الثانية ليعيد رسم العاصمة ككائن حي، يربط بين الحجر والإنسان، بين الماضي والحاضر. هنا، لم يعد التصميم مجرد جماليات، بل خيط رفيع ينسج بين الانفجار والابتكار، بين الألم والإبداع، بين الصمت والضوء.
هو طقس ثقافي ومنصّة لإعادة تعريف بيروت: مدينة تصنع من جراحها فنّاً، ومن ذكرياتها حياة، ومن صمودها رسالة مفادها أن التصميم، في عمقه، فعل مقاومة ووعاء للذاكرة، وأن بيروت، رغم كل الانكسارات، لا تزال حاضرة، نابضة، ومبدعة.

امتدت فعاليات المعرض (من 22 إلى 26 تشرين الأول/أكتوبر( عبر فضاءات أثرية ومعمارية، من فيلا عودة والحمّامات الرومانية إلى برج المرّ، وصولاً إلى مصنع أبرويان في برج حمّود وبناية أونيون في الصنايع. كل موقع لم يكن مجرد خلفية، بل ذاكرة حية، يروي كل ركن فيه حكاية المدينة، كل ظل يروي صدى الماضي، وكل ضوء يحيي أمل الاستمرارية.

وفي قلب المعرض، يعلو المجسّم المركزي، المحبس الكبير، محفوراً عليه قسم جبران تويني، رمز الالتزام الأبدي بالمدينة والوطن. الضوء الذي يتسلل عبره يشبه وعداً حياً: أن لا تُمحى ذاكرة بيروت، وأن يبقى الإبداع اللبناني شاهداً على صمودها، وأن تتحول كل تجربة ألم إلى فعل جماعي للتجدد.
تحت إشراف ماريانا وهبي وسامر الأمين، اجتمعت نحو 150 موهبة من لبنان والعالم، لتجسد المعرض رؤية شاملة: الحرف اليدوية ليست تذكاراً فحسب، بل اقتصاد وهوية، والابتكار المعاصر لا ينسى جذوره. في أرجاء المعرض، تتعالى التهويدات وأصوات الحياكة، وتحاكي مشاهد النساء اللواتي نسجن التاريخ بخيوط الصبر والجمال.
يصبح الزائر هنا جزءاً من المشهد: يلمس الطين، يراقب الضوء والظل، يشارك في الرواية الجماعية للمدينة.

نبض