يبدو أنّ رمضان 2026 سيحمل معه نكهة لبنانية مكثّفة، في خطوة تعبّر عن إصرار المنتجين والكتّاب والمخرجين والممثلين على إعادة الحضور اللبناني ضمن الخريطة الدرامية، سواء عبر أعمال لبنانية خالصة أو مشتركة، في موسم يُنتظر أن يكون مختلفاً في مضمونه وهويته.

عودة ثنائية كارين رزق الله ويورغو شلهوب، وانتظار ما ستقدّمه نادين نسيب نجيم وباميلا الكيك، وتثبيت حضور ماغي بو غصن، كلها مؤشرات على مرحلة جديدة تصبّ في ما قالته الكاتبة كلوديا مرشليان عن "إجماع الكل على إعادة نكهة الدراما اللبنانية إلى أمجادها"، معلّلة ذلك بقولها: "لأننا ما زلنا نملك الكثير لنقدّمه الى الخارج".

الممثلان كارين رزق الله ويورغو شلهوب (من الانترنت)

مرشليان، التي شاركت أخيراً فرحة عودة الثنائي كارين ويورغو، قالت لـ"النهار": "إن شاء الله تكون فاتحة خير، وإن شاء الله أن تعود القنوات التلفزيونية إلى الاهتمام وشراء مثل هذه الأعمال".

وأضافت: "حتى لو كان إنتاج المسلسل اللبناني أقل من إنتاج الشركات الكبرى، فإنّه سيحدث ضجة كبيرة وسيعيد الثقة لدى المنتجين والتلفزيونات بالدراما اللبنانية. والممثلون اللبنانيون مستعدون للتنازل عن حقوقهم حتى نعود لنصنع "درامانا".

وترى أنّ الدراما اللبنانية لا تُغلق الأبواب أمام التعاون العربي، بل تدعو إلى أن يكون الإنتاج لبنانيّاً في الأساس: "لسنا ضد وجود شخصيات سورية أو مصرية، فالعالم اليوم مفتوح، لكننا نطالب بأن يكون النص والبيئة والإخراج لبنانيّة. لا مشكلة بالتعاون مع ممثلين عرب، إنما يجب أن يكون قائد المشروع لبنانيّاً، كي تبقى الهوية حاضرة في الجوهر".

وتتابع بثقة: "نحن كعائلة الدراما اللبنانية جاهزون تماماً لاستقبال هذه العودة، ولن نقبل بعد اليوم أن نُهمَّش إلى هذا الحد. لا ينقصنا شيء: لا نجوم، ولا كتّاب، ولا مخرجين، ولا حتى مواقع تصوير. لبنان ما زال بلداً رائعاً للتصوير. علينا أن نعيد تشجيع الصناعة، كما كنّا نفعل سابقاً حين كنا ننتج أعمالاً خاصة بالمواسم والأعياد".

الكاتبة كلوديا مرشليان (الانترنت)

مرشليان تصبّ حالياً تركيزها على الموسم الثالث من مسلسل "ما اختلفنا" الذي حقق حضوراً عربياً واسعاً في رمضان، وتصفه بأنه "جريء بمعناه الجميل"، مضيفةً: "هي جرأة النقد لما يحدث على أرض الواقع في لبنان وسوريا والمنطقة. أكتب مواضيع تسعدني رغم حساسيتها، لأنها تعبّر عن واقع الناس".

وتوضح أنّ الغياب أحياناً يكون خياراً صادقاً: "الإنسان يصل إلى مرحلة يشعر فيها أن الغياب أجمل من الوجود الخاطئ. لكنني اليوم متأكدة أننا يجب أن نستثمر من جديد في الدراما اللبنانية وأن نبدأ من نقطة صحيحة. الغياب أحياناً يخلق شوقاً ويعيد الحب في قلوب الناس".

وتتمنى مرشليان التوفيق لكارين رزق الله ويورغو شلهوب في عملهما الجديد، مؤكدة أنه "إذا نجحت كارين، فهي تفتح الطريق أمام الجميع لاستعادة الثقة بالدراما اللبنانية. ماغي بو غصن قدّمت العام الماضي مسلسلاً لبنانياً بالكامل ووقفنا جميعاً إلى جانبها، لأن نجاح أي شخص يُعتبر نجاحاً للجميع".

الممثلة ماغي بو غصن في كواليس تصوير مسلسل بالحرام (إنستغرام)

وتكشف الكاتبة عن اجتماعها مع مسؤولين في "تلفزيون لبنان" لبحث إمكان عودة المسلسلات اللبنانية إلى شاشته، قائلة: "كم سيكون جميلاً لو رأينا مسلسلاً لبنانياً قوياً يُعرض على "تلفزيون لبنان" كما في زمن "العاصفة تهبّ مرتين". الدراما قادرة على إنعاش قناة كاملة، فهي مشروع متكامل وجميل".

الممثلة باميلا الكيك مع المنتج جمال سنان (المكتب الاعلامي لشركة إيغل فيلمز)

وفي موازاة هذه الرؤية، أعدّ المنتجون اللبنانيون العدّة: من شركة "الصبّاح إخوان" للمنتج صادق الصبّاح التي تجمع نادين نسيب نجيم وظافر العابدين في مسلسل "ممكن" وباقة درامية الحضور اللبناني فيها وازن، إلى "إيغل فيلمز" لصاحبها المنتج جمال سنان التي تواصل تمسّكها بالهوية اللبنانية في "بالحرام" بطولة ماغي بو غصن وتقلا شمعون وباسم مغنية وأسماء سيعلن عن مشاركتها قريباً، مروراً بمسلسل "لوبي الغرام" الذي يجمع باميلا الكيك ومعتصم النهار وجيسي عبدو ونخبة من الممثلين، وصولاً إلى شركة "مروى غروب" لصاحبها المنتج مروان حداد التي أعادت ثنائية كارين رزق الله ويورغو شلهوب في "المحافظة 15"، وهو عمل لبناني – سوري مشترك من ثلاثين حلقة يحمل تنوّعاً في اللهجة والبيئة الدرامية يحمل توقيع رزق الله من ناحية الكتابة أيضاً.

الممثلة نادين نسيب نجيم (إنستغرام)

تعود الدراما اللبنانية هذه المرة كمن يستعيد صوته بعد طول صمت، تحمل في نبرتها شيئاً من الحنين، وكثيراً من الإصرار. هي ليست عودة إلى الماضي، بل إلى الذات... إلى الدفء الذي ميّزها، والصدق الذي جعلها مرآة لوجع الناس وجمالهم. فربما آن الأوان لأن تعود الحكاية اللبنانية إلى مكانها الطبيعي: في قلوب المشاهدين.