في منزل بجنوب لبنان مزقته القذائف... معرض تشكيلي بالريشة واللون يزهر تاريخاً
في مطلع آذار عام 1978 اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي براً منطقة جنوب الليطاني ووصلت الى مشارف مدينة صور، بلدة البازورية ومحلة قدموس المشرفتين على جسر القاسمية (مصب نهر الليطاني). وفي خلال توغلها في قضاء صور، تعرضت بلدة العباسية شمال شرق المدينة لقصف مدفعي اجبر أبناء الضيعة القديمة على التوجه نحو المسجد ظناً منهم انه لن يكون عرضة للقصف.
وبعد تجمع أكثر من مئة شخص داخله، شنت طائرة حربية غارة عليه بصاروخ من العيار الثقيل، مما أدى إلى تدميره بشكل كامل ومقتل جميع الذين لجأوا اليه وغالبيتهم من النساء والأطفال الذين دفنوا في مقبرة جماعية. كذلك أسفرت الغارة عن تضرر عدد من المنازل المجاورة ومن ضمنها منزل عائلة الرسام التشكيلي ناصر عجمي، الذي عمل والداه على إعادة ترميمه.
وفي حرب تموز عام 2006 تعرض حي الجامع (المسجد) أيضاً لقصف اسرائيلي تضرر معه منزل ذويه من جديد. وتكرر المشهد نفسه في الحرب الاسرائيلية الأخيرة بحيث قررت العائلة هجره.
في هذا المنزل المتهالك الذي لا تزال فجوات القصف ماثلة في غرفه وجدرانه، اختار الرسام التشكيلي ناصر عجمي إقامة معرضه بعنوان "زيتون"، تكريما لشجرة الزيتون المتجذرة في جبل عامل والجليل، برعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع بلدية العباسية.
وحضر ممثل وزارة الثقافة الفنان التشكيلي أحمد خليفة وممثل عن البلدية وجمع من الفنانيين والإعلاميين والناشطين والأصدقاء، وعلقت جميع اللوحات على الجدران وفي الغرف التي جرّحتها الشظايا.

أبرز اللوحات وأكبرها لوحة "سنبقى" التي تمثل شجرة زيتون وكوفية وتراباً، وهي مستوحاة من صورة شهيد في كفن، إلى لوحات صيدا بوابة الجنوب وبيروت وانفجار المرفأ. وحرص على تزيين صدر البيت ببيانو متضرر بالقصف تعلوه شجرة العائلة.

وقال عجمي لـ"النهار": "معرض "زيتون" له دلالات في عمق حياتنا وتاريخنا، واقامته في قلب بيتنا المدمر جزئياً كونه من البيوت القديمة القليلة التي لا تزال قائمة منذ عام 1978".

وأشار الى "ان لوحاته تجسد ان لبنان لا يمكن أن يتعافى ويشفى الا اذا كان جسداً واحداً، وأن الشهداء يقدمون أنفسهم في الجنوب وفي فلسطين حتى نبقى في هذه الأرض، ونحن شعب يحب الحياة ويتمسك بها".

وقال ممثل وزارة الثقافة "أن إسرائيل لا تزال تدمر قرى وتغير معالمها، ونحن لا نزال متمسكين بحضورنا وثقافتنا، ومعرض الفنان عجمي ناجح واختياره لإسم "زيتون" في محله".
نبض