"House of Guinness" على نتفليكس بنَفَس لبناني... المخرجة مونيا عقل لـ"النهار": وجدتُ فرصة لرواية قصة بلد وعائلة

بدأ عرض مسلسل "House of Guinness" في 25 أيلول/سبتمبر على نتفليكس من توقيع كاتب سيناريو "Peaky Blinders" البريطاني ستيفن نايت، وحمل هذه المرة مفاجأة مختلفة: حضور واضح للنفس اللبناني من خلال المخرجة اللبنانية مونيا عقل، التي تولّت إخراج الحلقات الثلاث الأخيرة، مضيفة لمساتها ورؤيتها الخاصة ومكمّلة مهمّة المخرج البريطاني توم شانكلاند.
مشاركة مخرجة لبنانية في مشروع عالمي بهذا الحجم لا تُعدّ إنجازاً شخصياً فحسب، بل تمثل رسالة واضحة عن قدرة الكفاءات اللبنانية على التألق وترك بصمة فنية مميزة في الساحة العالمية، لا سيما أن عقل حرصت على ربط قصص وواقع إيرلندا في القرن التاسع عشر بواقع لبنان. تفاصيل كشفت عنها عقل في حديث لـ"النهار".
مشاركة مخرجة لبنانية في "House of Guinness"، مسلسل عالمي بهذا الحجم عبر نتفليكس، تحمل الكثير من الدلالات، فما رمزية هذه المشاركة بالنسبة إليك؟
شعرت بفرحة كبيرة حين قرأت السيناريو، إذ أدركت أن هذا المشروع سيمنحني تجربة ممتعة ومختلفة. صحيح أنها قصة عائلة، لكنها في الوقت نفسه تحكي قصة بلد بأكمله. وأرى أن هناك الكثير من أوجه التشابه بين لبنان وإيرلندا في سرد القصص والتاريخ، ما ساعدني ذلك على فهمها بعمق أكبر، خصوصاً أنني شغوفة بالقصص العائلية وكيف تعكس طبيعة المجتمع وتحدياته.
وسعدت بالعمل مع فريق موهوب للغاية، وبتكرار التعاون مع مدير التصوير اللبناني جو سعادة، الذي رافقني منذ عشر سنوات وصوّر فيلمي السابق "Costa Brava"، الذي عرض أيضاً عبر نتفليكس، فشعرت بأن هذه التجربة ستكون مشتركة وغنيّة بيننا.
كيف تصفين تجربتك في إخراج الحلقات الثلاث الأخيرة من المسلسل؟ وما أبرز التحديات التي واجهتك خلال التصوير؟
حاولت ألّا أفكّر في ضخامة المشروع، وركّزت على سرد قصّة الشخصيات من خلال الكاميرا. دوري كمخرجة هو خلق علاقة حقيقية بين الكاميرا والشخصيات، وإظهار كل شخصية كما هي، والتعاطف معها مهما فعلت. هذه هي طريقتي في العمل سواء مع ممثلين مبتدئين أو نجوم عالميين.
والتجربة مع الممثلين في "House of Guinness" كانت استثنائية، إذ بذلوا جهداً كبيراً وأعطوا من قلبهم، ما جعلني أشعر بالامتنان للعمل مع أشخاص يقدّرون فن التمثيل بعمق، مع حبّي دائماً لترك مساحة للارتجال ولحظات المفاجأة التي لا تكون مكتوبة في السيناريو.
أما بالنسبة لآلية الإنتاج التلفزيوني، فهي غالباً تعتمد على أكثر من مخرج، لكن في هذا المشروع قررنا أن نكون أنا والمخرج توم شانكلاند فقط، للحفاظ على وحدة اللغة البصرية طوال سنة العمل. وضعنا معاً مجموعة من القواعد لخلق عالم المسلسل، وتعاون مديرو التصوير لضمان استمرار رؤية متسقة ووحدة جمالية في كل الحلقات.
ما اللمسة الخاصة التي حرصتِ على إضافتها إلى العمل؟
عندما أختار مشروعاً جديداً، أبحث دائماً عن الرابط الشخصي الذي يتيح لي أن أقدّم شيئاً من نفسي فيه. وفي هذا العمل حول عائلة "غينيس"، وجدت فرصة لرواية قصة بلد ومجتمع، وهو الجانب الذي يهمّني أكثر من أي تفاصيل أخرى.
كيف خضتِ تجربتك الأولى في التمثيل من خلال فيلم "A Sad and Beautiful World"؟
بعدما حاز العمل جائزة اختيار الجمهور في مهرجان "Giornate degli Autori"، كيف تنظرين إلى هذا الإنجاز، خصوصاً مع تصوير الفيلم في بيروت؟
كانت تجربة تصوير الفيلم في بيروت استثنائية، إذ حملت هوية المكان والناس الذين نشأت معهم في السينما. وعندما عُرض الفيلم في مهرجان البندقية وتفاعل الجمهور معه بالضحك والبكاء، شعرنا بفخر كبير؛ فالفيلم لم يكن مجرد عمل فني، بل قصة حب ممتدة على مدى ثلاثين عاماً مصوّرة في مدينتنا، تحمل روح بيروت في كل لقطة.
برأيك، كيف يمكن للدراما والسينما اللبنانية أن تترك بصمتها على الساحة العالمية؟
أنا أؤمن بأن السينما اللبنانية تحتاج إلى دعم، فالمواهب موجودة والقصص كثيرة، لكن ينقصها الإمكانيات لتُروى كما يجب. وليس المقصود فقط الدعم المادي، بل الدعم الذي يمكّن الناس من إخبار قصصهم بالطريقة الصح.
ما الدافع الأساسي الذي حرّكك لتحقيق كل هذه الإنجازات؟
منذ طفولتي أحببت سرد القصص، وما زال هذا الشغف هو الدافع الأساسي لاستمراري وتحقيقي المزيد. فالسينما كانت تجعلني أفهم العالم وأعيش قصصاً لم أعشها شخصياً. بالنسبة إليّ، هي وسيلة لطرح الأسئلة حول واقعنا.
أثناء التصوير أشعر بأنني أعيش حلمي، وعندما أحكي قصة من خلال الكاميرا والسيناريو والممثلين، كأننا نبتكر عالماً افتراضياً نطرح من خلاله أسئلة عن الحياة التي نعيشها. وكل مشروع جديد أعمل عليه، أفكر دائماً كيف يمكنني ربطه بشيء شخصي ليكون أقرب إليّ وإلى تجربتي.
قصة المسلسل
في عام 1868، تُوفي رب عائلة غينيس في دبلن، وأبناؤه الأربعة، كل منهم يحمل أسراراً مظلمة، يمسكون بمصير مصنع الجعة. في الحلقات الأخيرة يصل الصراع إلى الذروة، حيث تتشابك كل الخيوط وتصبح العلاقات أكثر تعقيداً، والشخصيات تمر بتجارب قصوى، بحسب المخرجة اللبنانية مونيا عقل.
وتقول عقل: "صوّرنا في مانشستر وليفربول وويلز لإعادة ابتكار مشاهد دبلن ومعمل "غينيس"، ورغم أن القصة تعود إلى القرن التاسع عشر، حرصت على تقديمها كأنها تحدث اليوم".