مادونا تنسى تاريخها المضطرب مع الفاتيكان من أجل أطفال غزة

أكثر من معقدّة هي علاقة مادونا بالفاتيكان، إذ شهدت مواجهات علنية في أوقات سابقة، قبل أن تناشد أخيراً النجمة الأميركية البابا لاوون الرابع عشر أن يسافر إلى غزّة قبل "فوات الأوان"، لإيصال نوره إلى أطفالها، مخاطبة إياه بـ "الأب الأقدس".
ولم يمنع تاريخ طويل مضطرب بين البابوية والفاتيكان من جهة، والمغنية التي نشأت كاثوليكية وأصبحت لاحقاً من أتباع الكابالا، من توجيه هذه الرسالة كـ"أم لم تعد نستطيع تحمّل رؤية معاناة أطفال غزة"، إذ لجأت كملاذ أخير إلى "الوحيد بيننا الذي لا يمكن منعه من الدخول"، بسبب هول المأساة والجريمة التي أودت حتى الآن بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بينهم أكثر من 18 ألف طفل منذ بدء الحرب على القطاع في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وفقاً لـ "وكالة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف). "هولوكوست حيّة" دفعت مادونا التي زعمت سابقاً إلقاء الحرم الكنسي 3 مرات عليها، للجوء إلى رأس الهرم فيها، واضعةً خلف ظهرها أرشيفاً من التوتر بين الطرفين، علّ صرختها تجدي.
وأرفقت مادونا رسالتها بتعليق جاء فيه: "السياسة عاجزة عن إحداث التغيير، فالوعي وحده هو القادر على ذلك. ولهذا أتوجّه اليوم، وفي مناسبة عيد ميلاد ابني روكو، بنداء أمّ ترى أن أجمل هدية تقدّمها لابنها هي دعوة الجميع لبذل ما يستطيعون لإنقاذ الأطفال الأبرياء العالقين في أتون الصراع في غزة".
وتابعت: "لا أوجّه أصابع الاتهام ولا أنحاز إلى أي طرف، فالجميع يتألم، بمن فيهم أمهات الرهائن اللواتي أدعو الله أن يتم إطلاق سراح أبنائهن. إنني فقط أحاول أن أمدّ يد العون، وأفعل ما أقدر عليه، علّنا نمنع موت هؤلاء الأطفال جوعاً".
بدأت الخلافات مع جولة مادونا الغنائية Who's That Girl Tour عام 1987، وتصاعدت عام 1989، حين أطلقت أغنيتها Like a Prayer التي دانها الفاتيكان (لم يحظرها وفق ما هو شائع خطأً)، بسبب تضمنها لقطات دينية اعتبرتها الكنيسة "تجديفية" و"تدنيسية"، ووصفها المؤرخ الإيطالي روبرتو دي ماتي قائلاً: "الفيديو هو تجديف وإهانة لأنه يظهر الفاسقين داخل الكنيسة".
وكثيراً ما أدرجت مادونا الدين في أعمالها على مر السنين، بما في ذلك حملتها الدعائية لمشروب غازي، وجولتها the Blond Ambition عام 1990، ومجموعتها الغنائية "اعترافات على حلبة الرقص" وعنوان ألبومها الأكثر نجاحاً "المجموعة الطاهرة". وانتقدتها منظمات تابعة للكنيسة، مثل مؤتمر الأساقفة في إيطاليا، وحاولت حظر حفلاتها الموسيقية. وندد كاهن رعية من المنظمة بها واصفاً إياها بأنها "الكافرة والمدنسة" في عام 1993.
وفي عام 2006 بذلت قصارى جهدها لاستفزاز الفاتيكان، حين دعت البابا بينيديكت السادس عشر إلى حفلها في العاصمة الإيطالية روما، والذي تضمن صلبها بشكل ساخر، فردّ ناطق رسمي باسم كنيسة القديس بطرس: "هذا الحفل تحدٍّ تجديفي للإيمان وانتهاك للصليب. يجب حرمانها من الكنيسة. إن صلب نفسها خلال الحفل في مدينة البابوات والشهداء عملٌ عدائيٌّ صريح".
وفي عام 2008، تحدت البابا مجدداً بأغنيتها المثيرة للجدل "مثل العذراء" خلال جولتها Sticky & Sweet، قائلةً: "أُهدي هذه الأغنية للبابا، لأني ابنة الله".
واصلت مادونا إثارة استنكار الكنيسة الكاثوليكية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، إذ دان جولتها Rebel Heart في عام 2015، أساقفة كبار مثل باتريك دان من نيوزيلندا، والذي علّق قائلاً: "لا شك لديّ في أن بعض مواد مادونا مسيئةٌ للغاية الى المسيحية، وستُعتبر مسيئةً بالقدر نفسه الى غالبية أتباع الديانات".
Hello @Pontifex Francis —I’m a good Catholic. I Swear! I mean I don’t Swear! Its been a few decades since my last confession. Would it be possible to meet up one day to discuss some important matters ?
— Madonna (@Madonna) May 5, 2022
I’ve been ex communicated 3 times. It doesn’t seem fair. Sincerely Madonna
وفي عام 2022، خاطبت مادونا البابا الراحيل فرانسيس بطريقة فكاهية على وسائل التواصل الاجتماعي، معربة عن رغبتها في اللقاء من أجل مناقشة "بعض الأمور المهمة"، مسلطة الضوء على التوتر المستمر بين فنها ووجهات نظر الفاتيكان.
ولعل الأغرب من دعوة مادونا البابا لاوون الرابع عشر لإنقاذ غزّة بعد تاريخها "المستفز" مع الفاتيكان، هي صلة القرابة بينهما، إذ أكّدت دراسة جديدة أن نسبهما يجتمع في الجد السادس لويس بوشيه دي غراندبري المولود في مدينة تروا ريفيير في كيبيك، والذي تم تتبعه من خلال مشروع بحثي مشترك نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في حزيران (يونيو) الماضي.