سلمى جوراني... عدسة بنفس مغربي تكسر القوالب وتحتفي بالحرية والصدق
تضع المصوّرة المغربية سلمى جوراني عدستها في خدمة رؤية فنية تمزج بين الجرأة والدفء، وتكسر الصور النمطية المرتبطة بالسنّ، محوّلة الصورة الفوتوغرافية إلى مساحة حرّة للتعبير بلا قيود. ومن خلفية بصرية غنية بالألوان والملمس، تحمل بصمة مغربية واضحة، وإن جاءت أحياناً بلمسات خفية لا يلتقطها المشاهد إلا بحسّ يقظ، تنطلق أعمالها لتروي حكايات بصرية تحتفي بالحرية والصدق.

وفي حديث خاص لـ"النهار"، تكشف جوراني جانباً من مسيرتها الفنية، مؤكدة قدرتها على تحدّي القوالب الجاهزة، مع إدراكها أن "بعض الأشخاص لم يشعر بالارتياح لهذا الأسلوب"، وهو أمر تتفهّمه. وتوضح: "التصوير فنّ تشاركي يقوم على الثقة والحوار، من دون فرض رؤية المبدع على مَن أمام العدسة". وتضيف: "أحترم حدود كل شخص وخصوصيته، وأحرص على خلق مساحة من الثقة والحوار، لأن الشخص حين يشعر بأنه يُرى ويُحترم، يكون أكثر انفتاحاً على التجربة، حتى لو كانت خارجة عن المألوف".

بعيداً من الأزياء الصاخبة والنظارات الملوّنة والباروكات، ترى جوراني أن جوهر أعمالها يكمن في "الشعور بالحرية والصدق، والرغبة في التعبير بلا خوف وكسر الصمت القديم"، معتبرة أن الصورة يجب أن تنبض بالحياة حتى في غياب عناصر البهجة البصرية.

ورغم انفتاحها على أساليب متعددة، تؤكد أن أعمالها تحمل دائماً "لكنة" مغربية غير مباشرة، تظهر في الألوان والملمس ونوعية الإضاءة وحتى الإيماءات الجسدية، وهي، على حدّ وصفها، "مثل الروائح التي تتسلّل إلى الذاكرة من دون إنذار".

وعند سؤالها عن الصور التي كانت جدّتها ستختارها في حال أشرفت على معرض استعادي لأعمالها، أجابت: "كانت ستنجذب إلى الصور الدافئة والعفوية التي تُظهر الناس على طبيعتهم، وقد تستبعد تلك التي تجرّأت فيها على اللعب والجنون، بحكم اختلاف رؤيتها للتوازن والجمال، لكنني واثقة أنها كانت ستفهم رسالتي حتى من دون اتفاق كامل معها".
وتشير إلى أن حضور جدّتها في صورها لم يكن رمزياً أو عابراً، بل شراكة حقيقية في الرؤية، منحتها وجوداً مستقلاً بعيداً من القوالب النمطية والنوستالجيا التقليدية، في مقاربة تعيد تعريف صورة الجدّات العربيات.

أما عن صورتها المتخيَّلة بعد أربعة عقود، فتراها مرتدية قفطاناً معدّلاً، ونظارات ضخمة، وشعرها الأبيض منسدل على طبيعته، في مشهد تحمل فيه ملامح القوة والبهجة والكرامة، ورسالة واضحة: "لقد عشت، وعبّرت، ولم أعتذر عن حقيقتي".

نبض