الأمير جورج... ملك بريطانيا المستقبلي بين التاج والطفولة (صور)

منذ لحظة ولادته في 22 تموز 2013 في مستشفى "سانت ماري" في لندن، كان الأمير جورج بنظر العالم أكثر من طفل ملكيّ. هو الابن البكر للأمير ويليام والأميرة كيت، الوريث الثاني للعرش البريطاني، والحلقة التالية في سلسلة تاريخية تعود إلى ألف عام.
لكن خلف عدسات الكاميرات التي واكبت خطواته الأولى، كانت تُكتب حكاية مختلفة. حكاية طفلٍ يُربّى في منزل يقدّر القرب الإنساني أكثر من المراسم، ويمنحه مساحةً ليكون طفلاً قبل أن يصبح أميراً.
الأمير جورج شخصية هادئة في زمن الصخب
منذ صغره، وُصف الأمير جورج بأنه طفل "متأمل، ذكي، وهادئ الطبع". لا يسعى إلى الأضواء كما يفعل شقيقه الأصغر الأمير لويس، بل يختار الاستماع والملاحظة، مظهراً نضجاً غير عادي بالنسبة إلى عمره.
يصفه الأساتذة في المدرسة بأنه يتمتع بذكاء عاطفي لافت وقدرات قيادية مبكرة، كما أنه شديد الفضول حيال العالم ودوره المستقبلي فيه.
ورغم ظهوره النادر في المناسبات العامة، فإنه يحمل وقاراً لافتاً. وفي المقابل، لا يخفي اهتماماته كطفل عادي، إذ يعشق كرة القدم، مولع بالمروحيات والألعاب التكنولوجية، ويشارك شقيقَيه المقالب والضحكات في المنزل.
طفولة ملكية لكنها طبيعية
في خطوة لافتة ضمن العائلة المالكة البريطانية، حرص الأمير ويليام والأميرة كيت على منح أبنائهم تربية أقرب إلى الحياة العادية. فالمنزل الذي اختاراه، "أديلايد كوتدج" في وندسور، بعيد عن أجواء القصور الصارمة، ويمنح الأطفال فسحة من الخصوصية والحياة اليومية البسيطة.
يدرس الأمير جورج في مدرسة "لامبروك"، وهي مؤسسة تعليمية خاصة، تُعرف بتقديمها تجربة شاملة تجمع ما بين المواد الأكاديمية والأنشطة البيئية والرياضية. هناك، لا يُعامل كأمير، بل كطالب بين أصدقائه، يتعلّم، يلعب ويختبر الحياة بلا ألقاب ولا امتيازات.
الأمير ويليام وكيت يكسران البروتوكول من أجل طفولة جورج
اختار ويليام وكيت في أكثر من مناسبة أن يكسرا الأعراف الملكية لمصلحة أطفالهما. ففي جولة عام 2014 إلى أستراليا ونيوزيلندا، سافرا برفقة الأمير جورج معاً، رغم القواعد التي تمنع الوريث ووليّ العهد من السفر على الطائرة نفسها.
وفي سنوات الدراسة، كانت كيت توصل جورج إلى المدرسة بنفسها، فيما خفّف ويليام من ارتباطاته الرسمية ليشارك في تفاصيل حياته اليومية. حتى الصور الرسمية تُنشر بانتقائية، وتكون في أغلب الأحيان بعدسة والدته، بهدف حماية خصوصيته.
الأمير جورج شقيق حنون ومسؤول
تُظهر علاقة الأمير جورج بشقيقَيه جوانب مهمّة من شخصيته. فهو الحامي لشارلوت، والمرشد الهادئ للويس. في المناسبات العامة، يُشاهد في أغلب الأحيان وهو يضع يده على كتف شقيقته، أو يهمس لها بتوجيه لطيف، فيما يساعد شقيقه الأصغر على التكيّف مع الأجواء الرسمية.
وقد صرّحت كيت ميدلتون سابقاً بأن جورج "واعٍ جداً لدوره كأخ أكبر"، ويتعامل مع مسؤولياته بعفوية وجدّية في آنٍ معاً.
التاج المنتظر بتروّ ووعيّ
مع اقترابه من سن التاسعة، بدأ الأمير جورج يطّلع تدريجياً على حقيقة دوره المستقبلي. لم تكن هناك لحظة واحدة حاسمة، بل مسار تربوي مدروس، يراعي نضجه واحتياجاته النفسية. وقد أشارت تقارير إلى أن والديه يعتمدان أسلوب الحوار والانفتاح، لبناء وعيه الملكي بهدوء ومسؤولية.
ويُعدّ الأمير ويليام، الذي خاض تجربة مماثلة في طفولته، المرجع الأول لجورج في هذا المسار. فبين الالتزام العام والحياة الخاصة، يُحاول أن يكون مرشداً يعلمه التوازن قبل السلطة.
ثروة ضخمة وقيم أكبر
رغم أن الأمير جورج لا يزال في طور الطفولة، فإن ثروته المستقبلية مؤمّنة، إذ يُقدّر له أن يرث جزءاً كبيراً من دوقية كورنوال، التي تُدرّ مئات الملايين سنوياً. وتشير التقديرات إلى أن ثروته الخاصة تفوق الملياري جنيه استرليني، غير أنها ليست ملكاً شخصياً بقدر ما هي جزء من إرث المؤسسة.
لكن اللافت أن العائلة تُولي أهمية أكبر للقيم والأخلاق، بعيداً من المظاهر. فالثروة، بالنسبة إلى والديه، ليست غاية، بل وسيلة تُوظَّف في خدمة المجتمع، ويُربّى جورج على هذا الأساس.
ما بين التاج والإنسانية
في كل إطلالة علنية، يظهر التناقض الساحر الذي يُجسّده الأمير جورج. هو ابن الزمن الجديد، يتنقّل بين إرث ملكيّ عريق، وتربية تضع الإنسان في المقام الأول.
وقد يكون في هذه الازدواجية، في هذا التوازن المدروس بين النسب والتنشئة، الجواب عن سؤال كبير: كيف يمكن للملكيّة أن تبقى حيّة في عصرٍ يتغيّر بسرعة؟
ربما يكون الجواب في ضحكة جورج.