إيريس ماونتباتن... "الخروف الأسود الملكي" الذي كسر كل القواعد

عندما كانت في المرتبة الثالثة عشرة في ترتيب ولاية العرش، كسرت إيريس ماونتباتن جميع القواعد. وأطلقت على نفسها لقب "الخروف الأسود للعائلة المالكة".
فقد تزوجت ماونتباتن، حفيدة الملكة فيكتوريا، من كاثوليكي وطُردت من خط الخلافة. وتركت بريطانيا من أجل حياة جديدة في أميركا، إلا أنها تم ترحيلها بسبب شيك بدون رصيد، وفقاً لمقال نُشر على موقع "ديلي ميل" البريطاني للكاتب كريستوفر ويلسون.
وشقت ماونتباتن طريق العودة إلى الولايات المتحدة لكن المجتمع الراقي أدار لها ظهره، فتزوجت من موسيقي جاز. أصبحت قريبة من جميع فناني الجاز العظماء في ذلك الوقت، بما في ذلك لويس أرمسترونغ ودوك إلينغتون وكونت باسي.
وهكذا، على الرغم من ولادتها كحفيدة الملكة فيكتوريا ونشأتها في قصر كنسينغتون، انتهى الأمر بإيريس ماونتباتن إلى كسب عيشها في نيويورك وكاليفورنيا كمسؤولة دعاية للأفلام، وبائعة أفلام، وراقصة، وعارضة أزياء، ومقدمة برامج تلفزيونية لفترة وجيزة.
"طفلة مشاكسة"
وصفها أحد أصدقاء العائلة بأنها "طفلة مشاكسة". لكن إيريس بالكاد رأت والديها، كانت المربية تأتي بها في وقت الشاي ليفحصها والداها ثم تُعاد إلى غرفتها. وبحسب أحد الأصدقاء، كانت "قد انهارت تماماً وفقدت الأمل فيها" منذ أن كانت مراهقة.
وقال صديق آخر: "كانت تريد أن تكون ملكية، لكنها في الوقت ذاته أرادت مخالطة الناس العاديين". ولم يستطع أحد داخل الدائرة الملكية الضيقة فهم ذلك.
كان والد إيريس، المعروف سابقاً بالأمير ألكسندر من باتنبيرغ، قد اضطر إلى التخلي عن لقبه الألماني خلال الحرب العالمية الأولى، ليصبح " the Marquess of Carisbrooke ". وقد وُصف بأنه رجل "عصبي ومزعج".
أما والدتها، إيرين دينيسون، ابنة إيرل لوندسبره، فلم تكن أفضل حالاً، فقد تجاهلت إيريس تماماً، رغم أنها كانت ابنتها الوحيدة.
إحدى أشهر فتيات المجتمع البريطاني
ومع ذلك، بقيت إيريس في البداية ضمن الدائرة الملكية المقرّبة، فكانت وصيفة شرف في سن الرابعة عشرة خلال زفاف الأميرة مارينا اليونانية إلى الأمير جورج، دوق كينت.
وبعد ثلاث سنوات، في تتويج الملك جورج السادس عام 1937، شاركت كواحدة من ست فتيات حملن ذيل الملكة إليزابيث.
أصبحت إيريس لاحقاً إحدى أشهر فتيات المجتمع، تُلاحقها عدسات المصورين، وكانت تأمل أن تجد في الزواج دفء العائلة الذي افتقدته في بيتها. في عام 1941، وعمرها 21 عاماً، تزوجت من هاميلتون كيز أومالي، ضابط في الحرس الإيرلندي.
لكن الزواج كان كارثة منذ البداية. فكون أومالي كاثوليكياً يعني أن إيريس فقدت حقها في وراثة العرش، بموجب قانون الزواج الملكي لعام 1772.
وقد صرّحت لاحقاً أنها لم تندم على فقدان هذا الامتياز قائلة: "كان يجب أن يصيب القصر اللعين طاعون قبل أن أصبح ملكة!".
لكن صدمتها الكبرى جاءت لاحقاً، حين اكتشفت أن زوجها كان عنيفاً ومسيئاً.
قالت لاحقاً: "كان كابوساً بكل معنى الكلمة. لا يمكنني حتى أن أخبر محكمة الطلاق بكل الأشياء البشعة التي حدثت، أشياء أرفض الحديث عنها حتى اليوم".
وهكذا، وبدلاً من أن تبادر إيريس إلى رفع دعوى طلاق لإنهاء زواجها، كان زوجها هو من طلقها، وكان ذلك أمراً فاضحاً بالنسبة لامرأة من نسب رفيع، خاصة أن الأعراف في تلك الدوائر كانت تقتضي أن يتحمّل الزوج المسؤولية دوماً.
امرأة "موسومة"... و"الخروف الأسود الملكي"
ذلك الطلاق، إلى جانب الضجة الهائلة التي رافقت تخلّيها عن حقها في العرش، جعلاها امرأة "موسومة" في أعين المجتمع الراقي، ولم تعد مقبولة في دوائره، حتى إنها مُنعت حتى من حضور جنازة جدتها، الأميرة بياتريس.
هربت إلى الولايات المتحدة. وهناك، وبحكم جهلها بنظام البنوك الأميركي، كتبت شيكاً دون رصيد، فتم اعتقالها. ثم صدر أمر بطردها من البلاد بطريقة مهينة، ومن هنا وُلد لقبها: "الخروف الأسود الملكي".
ولأنها لم تعد تملك وطناً في بريطانيا، بعد أن تخلّى عنها والداها، عادت إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية، وألقت خلفها خلفيتها الأرستقراطية لتبدأ العمل في أي شيء يدرّ عليها المال.
عملت ممثلة وعارضة أزياء، وظهرت كمقدمة في برنامج أطفال مباشر بعنوان "Versatile Varieties: Junior Edition"، وظهرت في إعلانات تلفزيونية تروّج لكريمات "Pond's" وعلكة "Warren's Mint Cocktail".
تزوجت من عازف الجاز مايك برايان، الذي كان قد عزف مع فرقة بيني غودمان، لكن الزواج لم يصمد سوى بضعة أشهر. ومع دخولها هذا الوسط، تعرّفت على عدد من كبار موسيقيي الجاز في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، حتى إن ديوك إلينغتون، في آخر حفل له، أهدى إحدى أغنياته قائلاً: "إلى إيريس ماونتباتن، تلك الدمية المصنوعة من الساتان".