شهادة ميلاد جديدة للدراما السورية... "تحت الأرض" دراما بحجم السينما

فن ومشاهير 13-03-2025 | 09:09

شهادة ميلاد جديدة للدراما السورية... "تحت الأرض" دراما بحجم السينما

ليس مسلسل"تحت الأرض" مجرد إنتاج رمضاني، بل هو عمل يُعيد للدراما هيبتها، يكتب شهادة ميلاد جديدة لها، ويؤكد أن الدراما السورية قادرة على أن تنافس عالميًا، إذا امتلكت الرؤية والإمكانات.
شهادة ميلاد جديدة للدراما السورية... "تحت الأرض" دراما بحجم السينما
أبطال المسلسل
Smaller Bigger
هناك أعمال تأتي لتُعرض ثم تُنسى، وأعمال تُحدث ضجة مؤقتة ثم تهدأ، لكن هناك أعمالاً تُعيد ترتيب المشهد، وتفرض نفسها بقوة، ليس على الساحة المحلية وحدها، بل تمتد لتُغير قواعد الصناعة بأكملها. 
وليس مسلسل"تحت الأرض" مجرد إنتاج رمضاني، بل هو عمل يُعيد للدراما هيبتها، يكتب شهادة ميلاد جديدة لها، ويؤكد أن الدراما السورية قادرة على أن تنافس عالميًا، إذا امتلكت الرؤية والإمكانات.

خرج المسلسل من الصورة النمطية للصراع ليثبت أن الدراما ليست مجرد صراع بين الخير والشر، بل متاهة من العلاقات الإنسانية والتناقضات، وهذا ما برع فيه العمل. إن النص الذي كتبه شادي دويغر وسلطان العودة لا يُقدم لنا حكاية سهلة الهضم، بل شبكة معقدة من التحالفات والانقلابات، حيث تمتلك كل شخصية وجهًا ظاهرًا وآخر خفيًا، وكل تفصيلة مرسومة بحساب دقيق، فلا شيء هنا عابر أو مجرد حشو.
القصة التي تدور حول صراع كبار التجار في دمشق في مطلع القرن العشرين ليست خلفية تاريخية، بل هي إطار يحمل دلالات معاصرة، تضعنا أمام مشهد إنساني شديد التعقيد. فالصراع ليس على النفوذ وحده، بل على المبادئ والخيارات المصيرية، فقد تعني كل خطوة سقوطًا أو صعودًا مفاجئًا.

الإخراج: كاميرا ترى أكثر مما يُقال
يبدو أن مضر إبراهيم لا يُخرج مسلسلًا، بل يُدير لعبة بصرية مذهلة. تتحدث الصورة قبل الحوار، وتُترجم اللقطات التوتر الدفين داخل الشخصيات. نحن لا نرى مشاهد، بل نعيشها، ونشعر بأننا داخل الحدث، وسط الأسواق القديمة، نلامس الجدران العتيقة، ونشم رائحة الزمن. كل هذه المؤثرات تقدمت على الأبعاد الثلاثة وحتى الأربعة لتكون عالماً موازياً نعيش تفاصيله.
حتى الإضاءة المدروسة، التكوينات المشهدية المتقنة، وحركة الكاميرا الذكية التي تعرف متى تقترب ومتى تبتعد، تجعل من "تحت الأرض" تجربة حسية أكثر من كونه مجرد دراما. 
هناك لحظات من الصمت كانت أبلغ من أي حوار، وهناك مشاهد تعبر عن ألف كلمة من دون أن تنطق بشيء. هذا ليس إخراجًا عاديًا، بل رؤية متكاملة تُدرك أن الصورة ليست مجرد وسيلة، بل لغة قائمة بذاتها.

الأداء التمثيلي: مباراة مفتوحة بلا فائز وحيد
عندما يكون لديك أسماء مثل مكسيم خليل وسامر المصري وروزينا لاذقاني وفايز قزق وأحمد الأحمد وكارمن لبس وكرم الشعراني، فأنت لا تنتظر مجرد أداء متقن، بل مواجهة مفتوحة بين عمالقة. المدهش هنا أن كل ممثل لا يُحاول التفوق على الآخر، بل يخلق مساحته الخاصة، ويُقدّم شخصيته بعمق لا يحتاج إلى صراخ أو استعراض.
يُقدم مكسيم خليل دورًا استثنائيًا، يخلط بين الحضور الطاغي والهشاشة الداخلية، ويتلاعب سامر المصري بظلال الشخصية بذكاء، يجعلها في لحظة طاغية وفي لحظة أخرى مكسورة، روزينا لاذقاني تُثبت أنها لم تعد مجرد وجه جميل، بل ممثلة تمتلك أدواتها، بينما فايز قزق وأحمد الأحمد يقدمان درسًا في كيف يكون الأداء العميق دون تكلف.

"تحت الأرض": دراما لا تُشاهد بل تُحلّل
هذا يجلعنا ندرك أن ما نتابعه ليس عملًا يُشاهد للتسلية العابرة، بل تجربة تتطلب انتباهًا، تُثير التساؤلات، وتفتح الباب أمام قراءات متعددة. نحن أمام دراما لا تُهادن، لا تُجامل، ولا تُقدم الوصفات الجاهزة.
 إنه عمل يعيد إلى الأذهان كيف تكون الدراما مرآة حقيقية للمجتمع، كيف تطرح الأسئلة دون أن تدّعي امتلاك الإجابات، وكيف تُعيد تعريف معايير الجودة في زمن أصبح فيه التكرار والاستسهال هما القاعدة.

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
لبنان 11/20/2025 4:27:00 PM
نوح زعيتر ينحدر من قرية (الكنيسة) في أقصى البقاع الشمالي اللبناني المحاذي لسوريا، ويحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي.  
لبنان 11/20/2025 5:35:00 PM
الحادثة وقعت خلال وجود أولاد الزوجين في المدرسة، الذين صُدموا لدى عودتهم بالمشهد المؤلم في داخل المنزل