هيفاء وهبي ونور عريضة وجهاً لوجه ضد المتحرّش الافتراضي: "جريمة ورا الشاشة" (فيديو)
في عصرِ تُعتبر فيه الشاشات نافذتنا إلى العالم، يظهر الجانب المظلم للتكنولوجيا، حيث تتحول المنصات الاجتماعية من أدوات للتواصل إلى ساحات للإيذاء النفسي والاعتداء اللفظي. ما كان يُعتقد أنه مجرد كلمات عابرة على الإنترنت أصبح أداة قاسية تترك جروحاً عميقة في نفوس الأفراد.
تصدّرت أخيراً النجمة اللبنانية هيفاء وهبي وعارضة الأزياء اللبنانية والمؤثّرة نور عريضة المشهد بإطلاق حملة توعوية جريئة تهدف إلى التصدّي لظاهرة التحرش اللفظي الإلكتروني. قررت كلتا الفنانتين مواجهة هذه الظاهرة عبر خوض تجربة شخصية توثّق حجم الأذى النفسي الذي تخلّفه التعليقات الجارحة، وذلك من خلال عدسة المخرج إيلي فهد الثاقبة والاحترافية.
هيفاء وهبي ونور عريضة
صرخة ضد الصمت
"التحرش الإلكتروني ليس مجرد كلمات، بل هو اعتداء صارخ على الكرامة الإنسانية"، بهذه الكلمات وصفت هيفاء وهبي التجربة، مضيفة: "كيف يمكن لهذه الكلمات الجارحة أن تُقال في الواقع؟ هل يمكن لأحدهم أن يتجرأ على قولها أمام الشرطة أو حتى أمام أمه؟". ورأت أنّ "هذه التعليقات يومياً تجعلنا ندرك أن البعض يسيئون لأنفسهم قبل أن يسيئوا للنساء على مواقع التواصل الاجتماعي"، موجّهة دعوة صريحة لتشريع قوانين تجرّم هذه الممارسات وتحمي ضحاياها.
أما نور عريضة، فقد عبّرت عن قلقها العميق من آثار التحرّش الإلكتروني قائلة: "كم من حياة فقدنا بسبب هذا النوع من الإساءة؟ التحرش الإلكتروني قد يبدو افتراضياً، لكنه يُترجم إلى واقع مرير يؤذي النفس ويهدد الأمان النفسي، خصوصاً للمراهقين". وتابعت في حوارها مع وهبي: "نحن نسمع عن حالات انتحار نتيجة التحرش الإلكتروني. هذه ليست أموراً عابرة، بل هي جرائم حقيقية، جريمة اغتصاب عبر الإنترنت.
تمثّلت قوّة الحملة بجلوس وهبي وعريضة أمام شاشة كبيرة، قرأت كلّ منهما رسالة جارحة وردت إلى الأخرى في حسابها الرسمي عبر السوشيل ميديا. وكان الجمهور أمام مراقبة دقيقة للغة جسد كل من النجمتين لدى قراءة إحدى العبارات الجنسية الخادشة. المشهد اللافت خلال عرض عيّنات من التعليقات الجارحة تمثّل في الكشف عن اسم صاحب الحساب المسيء، في دعوة صريحة لعتم التستّر عن هويّة المتحرّش الافتراضي.
قصص تكشف الألم المخفي
الحملة ذكّرت بصرخات المشهورات بعد تعرّضهن لمثل هذا الأذى. من بين هذه القصص، ما قالته الإعلامية والممثلة مهيرة عبدالعزيز في لقاء سابق مع "النهار" عن موقف مؤلم تعرّضت له قبل ولادة طفلتها، حين تلقت تعليقاً جارحاً على صورة نشرتها في "إنستغرام" دعا عليها وعلى طفلتها بالموت.
مثل هذه العيّنة لم نقرأ تبعاتها المؤلمة في الوطن العربي فحسب. فعلى الساحة العالمية، كانت المغنية سيلينا غوميز من بين أبرز الأصوات التي حذّرت من خطورة التعليقات الإلكترونية الجارحة. رغم أنها الشخص الأكثر متابعة على إنستغرام، إلا أنها كشفت أنها تضطر لحذف التطبيق أسبوعياً بسبب التعليقات المسيئة التي تحاول "الوصول إلى روحها".
الفنانة سيلينا غوميز
كما ألهمت قصة انتحار الشابة فيبي برنس الفنانة ديمي لوفاتو للحديث عن تجربتها مع التنمر الإلكتروني، محذرة من قوة الكلمات المكتوبة التي قد تسبب أذى يفوق الإيذاء الجسدي: "الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر يمنح الناس إحساساً بالخفاء، لكن يجب على الجميع أن يدركوا أن الكلمات، حتى تلك المكتوبة عبر الإنترنت، تملك قوة هائلة لإيذاء الآخرين".
الفنانة ديمي لوفاتو
كسر الصمت
تقول الناشطة والمعالجة النفسية هانيا كنيعو: "التحرش الإلكتروني ليس مجرد كلمات على الشاشة؛ إنه خنجر يغرس في النفس، يسرق منا شعور الأمان ويتركنا نحارب في صمت". تتابع في حديث لـ"النهار": "هذا النوع من الإساءة يمكن أن يؤدي إلى شعور دائم بالقلق، والعزلة، وحتى الاكتئاب، حيث تبدأ المرأة بالتشكيك في قيمتها وقدرتها على مواجهة العالم. وفي أحيان كثيرة، نشعر بالخجل أو الخوف من التعبير عن الألم، ما يزيد العبء النفسي علينا".
بالنسبة لكنيعو: "أؤمن أن الألم الأكبر يأتي من الصمت، من شعورنا بأننا وحدنا في هذه المعركة، لذلك فإنّ الحديث عن هذه الظاهرة هو أول خطوة في طريق الشفاء والضغط لإقرار قوانين تحمي الجميع في الفضاء الرقمي".
تقدّم كنيعو النصائح لتجنّب الأذى النفسي من المتحرّش الافتراضي:
1- لا تحملي العبء وحدك، تحدّثي مع شخص تثقين به أو اطلبي الدعم من مختص نفسي.
2- وثّقي كل الرسائل التي تتعرّضين لها، فهي أدلة قوية إذا قررتِ اتخاذ إجراء ما.
3- تذكّري أن التحدث هو أول خطوة للتغيير، وكل كلمة تقال هي قوّة تضيفينها لنفسك ولغيرك من النساء.
4- مارسي تقنيات التنفس أو التأمل لتهدئة مشاعرك في لحظات القلق الشديد، فهي تساعدك على استعادة السيطرة.
5- ذكّري نفسك بأن المشكلة ليست فيكِ، بل في المتحرش، وتجنّبي لوم نفسك أو الشعور بالخجل بسبب أفعاله.
6- احرصي على بناء شبكتك الاجتماعية من داعمين وأصدقاء يمكنهم تقديم المساندة في أوقات الأزمات.
7- تواصلي مع منظمات متخصصة في دعم النساء أو الإرشاد القانوني لمساعدتك في فهم حقوقك وخياراتك.
8- لا تخافي من اتخاذ موقف علني إذا شعرت بالاستعداد، فالتحدث علناً يمكن أن يلهم أخريات ويعزز شعورك بالقوة والسيطرة.
هانيا كنيعو - ناشطة ومعالجة نفسية
الحرية أغلى ما نملك
تخلص حملة هيفاء وهبي ونور عريضة رسالة واضحة: "لا تسمحوا لأحد بسرقة حريتكم، والتحرش الإلكتروني ليس مجرد "فضاء افتراضي"، إنه "جريمة ورا الشاشة" وواقع يجب مواجهته بشجاعة كما واجهته وهبي وعريضة.
نبض