الستون. أحذية "كروكس" المسطحة. التجاعيد ومستحضرات الشعر الأبيض. الإغراء ومارلين مونرو التي ماتت جميلة. انقطاع الطمث وأدراج السن المتقدمة. الحياة والكوميديا السوداء والاغتصاب وذلك الإكتئاب الخامد تحت طقس بارد. الزوج والأولاد ودهشة الجمهور: "آه هذا أنت!". كلها عناوين حضرت خلال إطلاق عارضة الأزياء والممثلة الأميركية بروك شيلدز كتابها الجديد: "غير مسموح لها بالتقدم في السن".

إنها الحياة وما يشبهها، على السجادة الحمراء، تطل بأناقة الزهري الذي اختارته "نجمة الطفولة" في الستينات، معلنة من خلال كتابها الأخير أمس انطلاق مرحلة جديدة في حياتها: سيدة أعمال ناجحة. نقيبة الممثلين. كاتبة. جدة قريباً. نجمة أفلام وثائقية. ولا مانع في أن تعد برامج "اللايف شو" وتقدمها. 

وكان على نجمة إعلانات جينز "كالفين كلاين" الجريئة فوق العادة، أن تنصاع لرغبة دار " Flatiron" للنشر، وتبدأ بالكتابة: "أهلا بالخطوط المتشابكة على وجهي، وذلك التهدل في عضلات اليدين، لنكمل ما كنا بدأناه، إنما: إلى أين؟".

متى كانت البداية؟ تبتسم بروك للجمهور الذي غمز من شبّاك فيلم "برتي بيوتي"، يوم أدت طفلة دور عاهرة في عامها العاشر، وقد تجاوزت عقدة الدور: "كيف سمحت والدتها بهذا الدور...؟ وبإطلالتها عارية على غلاف مجلة...وهي طفلة؟". وبقلب الطاولة على ماض اختارته والدتها مدمنة الكحول، والتي أصابها الزهايمر قبل أعوام من وفاتها، أعلنت نجمة "أم العروسة" وسلسلة "فريندز" و"سوزان" وضيفة الشرف في "هانا مونتانا" و"لا شيء يبقى إلى الأبد"، أنها في كتابها الجديد لن تدخل في تفاصيل الأمس: "الحديث عن عذريتها، تعرضها للاغتصاب، دورها الأول في فيلم "أليس اللطيفة"، اكتئاب ما بعد الولادة ومهاجمة النجم توم كروز لها لأنها تجرأت واعترفت بتعاطي العقاقير خوفاً من لجوئها الى فعل الانتحار".

وهكذا بكامل أناقة سيدة على عتبة الستين، اختارت نجمة هوليوود أن تصارح جمهورها في كتابها الأخير، منتقية الأسلوب الساخر: "ثمة أمور جميلة يخبئها هذا العمر. لنعترف بأن مارلين مونرو ستبقى متربعة على عرش أيقونات الاغراء لأنها رحلت في الثلاثينات من عمرها. أما بروك، أنا، الآخذة بالتقدم في العمر، والتي تروّج للأحذية المسطحة للغرض المذكور، أمامي الكثير لأنجزه قبل مغادرة هذا العالم".

في كتابها، تحكي نجمة "blue lagoon"، مواقف تقبلتها بأسلوبها الساخر يوم صارحتها ابنتاها جرير وروان: "هذا الثوب لا يناسب سنك"، وحين بدل أحد المعجبين في تعابير وجهه لمصارحتها له: "زجاجة الويسكي هذه مصنوعة في العام الذي ولدت فيه: 1965"، متطرقة إلى جراحة نسائية خضعت لها، لتفاجأ من بعدها باعتراف الطبيب: "لقد جعلت عضوك التناسلي أصغر سناً". كتبت بروك عن تلك الحادثة: "لقد تصرف كما لو أنه قدم إلي معروفاً. هذا الرجل قام بتغيير جسدي جراحيا من دون موافقتي. كم كنت ضعيفة ولم أعترض".

ومن الحادثة الأخيرة، تحيك بأسلوب سردي حبكة الدخول في الستين: " في هذا العمر، على عتبات الشيخوخة الأولى، بينما نعدّ ما تبقى من سنوات، ونحدق في أصابعنا، متأملين في أشكال الورود، تلك التي لها سعة الكون، تصبح المطالبة بحقوقنا أولوية "، مقارنة بين الرضى الذي تحلت به بتقدمها في العمر وبين رأي الجمهور: "إذا كانت بروك تتعرض لانتقادات بسبب مظهرها، فما الأمل المتبقي لنا جميعاً؟ هذه واحدة من المعضلات التي تشكل محور مذكراتي الأخيرة عن الشيخوخة في كتاب لا يسمح لي التقدم بالعمر".

أولئك الذين عرفوا نجمة الكوميديا والإغراء، تلك التي سكنت يوماً خطوط النار، وظل اسمها مرادفاً لـ"الجميلة"، لابد من أن يسلموا بـ"حق العمر" ويصغوا جيداً الى سيدة نجت من مخاض الحياة العسير وجاءت إليهم بهذه الخلاصة: "عندما كانت ابنتها طفلة، عاتبوا الصغيرة: لا تشبهين والدتك. كبرت الفتاة فغازلوها وتخطوا الأم. ماذا على الأخيرة أن تفعل؟ تنفق أموالها على مستحضرات التجميل ومشارط الأطباء؟ بالطبع لا. تنطلق الأم الى مشاريعها الخاصة، تحلم وتخطط وتنجز وتحلم لأن فرص منتصف العمر وافرة ومعطاءة". 

وجوه كثيرة، بدّلتها أيقونة الاغراء. في عامها الـ11، أطلت بدور عاملة جنس لتواجه رجلاً ستينياً بالسؤال: بكم تشتريني؟ ببلوغها عامها الـ15، أثارت الجدل في حملة إعلانية: "هل تريد أن تعرف ما بيني وبين جينز كالفين كلاين؟ لا شيء"، في إشارة إلى أنّها لا ترتدي ملابس داخليّة. في أفلام، اختارت أن تكون ضيفة الشرف، وفي أخرى، تلك البلهاء على رغم جمالها". يبقى وجهها الأخير المغزول بخيوط العمر: "هذا الوجه أحبه لأنه يشبهني، والحقيقة لا لغط فيها: العمر يتقدم. إما نرافقه، وإما  يلقي بنا على ناصية الحياة، نذوي ونذبل".