الزي المدرسي: من راحة للطلاب إلى عبء مالي يثقل كاهل الأهل

أتذكّر أيام الدراسة. كان الزيّ المدرسي يخفف عني عناء التفكير في ما سأرتديه كلّ صباح، بفضل بُعده العمليّ، وقدرته على التكيف مع جدول يومي، سواء أكان يوماً دراسياً عادياً أم مليئاً بالأنشطة والرياضة. وعلى الرغم من شغفنا بانتظار اليوم المسموح فيه بارتداء ملابسنا الخاصة، فإن الزيّ المدرسي وفّر علينا جهداً كبيراً وحمانا من ضغط التأنّق اليوميّ.
لكن هذا الامتياز تحوّل مع مرور الوقت إلى عبء يُثقل كاهل الأهل، بسبب الأسعار المرتفعة والتغييرات الطفيفة والمتكررة، سواء في الشعار أو ربطة العنق أو تفاصيل السترة، ممّا يجعل من ملابس صالحة تماماً قطعاً غير قابلة للاستخدام من جديد، فتتزايد الأعباء المالية على الأسر، في حين أن ما تحتاجه العائلات ليس زيّاً يواكب الموضة باستمرار، بل استقراراً وثباتاً يحقق الغاية الأساسية للزيّ المدرسي.
في حديث خاص لـ "النهار"، أكد غابي سيف الدين، مدير مدرسة "الإيمان النموذجية" في بلدة برجا اللبنانية، أن الزيّ المدرسي يجب أن يكون خياراً اقتصادياً على المدى الطويل، يغني الأهالي عن شراء ملابس متنوّعة يومياً لأبنائهم، ويوفر عليهم عناء تبديل الملابس أو شراء العديد من القطع خلال العام الدراسي.
وأشار سيف الدين إلى أن الزيّ المدرسي يحدّ من التفاوتات الطبقية، ويساهم في خلق شعور بالمساواة بين جميع الطلاب، بغضّ النظر عن خلفيّاتهم الاقتصادية، ممّا يعزّز الثقة بالنفس، ويقللّ من الفروق الاجتماعية.
وحول غلاء الأسعار والأزمة الاقتصادية، يرى سيف الدين أن على المدارس إظهار مرونة، عبر جعل الزي المدرسي اختيارياً وغير إلزامي، مع الاكتفاء بقطع أساسية مثل القميص أو البلوزة لتخفيف الأعباء على الأهالي قدر الإمكان.
وعلى الرغم من أن أسعار الزي المدرسي في العديد من المدارس ارتفعت بشكل كبير، وأصبحت عبئاً إضافياً إلى جانب أقساط الدراسة، أوضح سيف الدين أنه ينبغي السماح للطلاب بشراء القطع الضرورية فقط كلّ عام، مع الحفاظ على تصميم ثابت للزيّ وعدم تغييره بشكل متكرّر.
بديل اقتصادي للزيّ المدرسي
كبديل أكثر اقتصاداً، يلجأ العديد من الأهالي إلى البحث عن موارد خارجية للحصول على زيّ مشابه للزي الرسمي للمدرسة، سواء من خلال متاجر توفّر نسخاً متطابقة أو محال خياطة مختصة، يمكنها تفصيل الزي بما يضمن تطابقه التام مع النسخة الرسمية، مع تكلفة أقل بكثير من شراء الزي من المدرسة مباشرة. وعلى الرغم من أن هذا الحل يوفر بعض المال، فإنه يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين من الأهل، خاصة في متابعة المقاسات والتأكد من جودة الخياطة والتطابق مع الزيّ الرسمي.
ومع ذلك، هناك مدارس تفرض على الطلاب شراء الزيّ من المدرسة مباشرة، بحجّة ضمان جودة القطع ومواءمتها لمعايير التصميم الرسمي، إضافة إلى الاستفادة من الأرباح المالية. هذا الموقف يضع الأهالي أمام خيار صعب بين التوفير والالتزام بالمتطلبات الرسمية، مما يجعل إدارة تكاليف الزي المدرسي تحدياً متكرراً كل عام دراسي.