لبناني يصنع اللحظة العربية لممداني... وائل مرقص لـ"النهار": متعة الإبداع والابتكار هي جوهر عملي (صور وفيديو)
كاثرين سورنسن
في الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع قبل أيام قليلة من انتخابات نيويورك، ظهر العمدة المنتخب زهران ممداني وهو يخاطب ناخبيه باللغة العربية، منهياً المقطع بجملة: "أنا منكم، ومن أجلكم. سنراكم!"، قبل أن تظهر عبارة "زهران، من أجل مدينة نيويورك" باللغة العربية على الشاشة.
الحروف كانت برتقالية وحمراء وثلاثية الأبعاد، حيّة وتنطق بالحيوية. وعلى الرغم من أن معظم سكان نيويورك قد لا يفهمون اللغة العربية، ينقل التصميم روح الرسالة بشكل واضح: جريء، نابض بالحياة، ويعكس طاقة الرجل الذي يبتسم من خلف الكتابة العربية.
الفنان المسؤول عن هذا التصميم المذهل هو وائل مرقص، من استوديو التصميم Morcos Key في بروكلين، وهو ما كشفه لـ"النهار".

وُلد مرقص ونشأ في لبنان، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة عام 2011 لإكمال برنامج ماجستير في الفنون الجميلة لمدة عامين في كلية رود آيلاند للتصميم (RISD). بعد تخرجه عام 2013، انتقل إلى بروكلين، متحمساً للاستفادة من المشهد التصميمي المثير في المدينة. يقول مرقص لـ"النهار": "كانت نيويورك، ولا تزال، وجهة للأشخاص الذين يريدون التعبير عن آرائهم. إنها مكان يرحّب بالأفكار الجديدة والتجارب الجديدة ويدفعك إلى الثبات على ما تريد القيام به".

بعد عدة سنوات من العمل في استوديوات ومشاريع مستقلة لشركات عالمية مثل Apple وIBM، أسّس مرقص مع صديقه المقرّب جون كي شركة Morcos Key عام 2017، وهو صديق تعرّف إليه في RISD. يشرح مرقص: "سعينا لإنشاء استوديو للعمل مع عملاء والتعاون مع أشخاص يتوافقون معنا، ويرون أنفسهم فينا، ولديهم قصص يمكننا التفاعل معها وفهمها".
وعلى الرغم من أن التصميم قد يُصنّف ضمن قطاع الخدمات، يظلّ عملاً "شخصياً للغاية". ويضيف مرقص لـ"النهار": "كلما كان المرء مرتبطاً وشغوفاً بالعمل، أصبح أكثر إثارة". ويركّز استوديو Morcos Key على التعاون مع المؤسسات الفنية والثقافية، مع اهتمام خاص بالقضايا المتعلقة بالمشاركة المدنية.
ومع ذلك، فإن ظهور أعماله في فيديو ممداني لم يكن مخططاً له. يروي مرقص: "كنت متحمّساً لرؤية مرشح محتمل لمنصب العمدة يقترب قليلاً من شيء يمكنني أن أتعاطف معه. لم أكن أتوقع عندما انتقلت إلى نيويورك قبل 12 عاماً أن يأتي يوم يتحدث فيه العمدة العربية أو يتحدث بحيوية عن القضايا التي تهمّنا أو يقول أموراً من وجهة نظرنا".

رغبة في المشاركة في الحماسة التي أحاطت بحملة ممداني، صمّم مرقص نسخة عربية من الشعار بشكل مستقل. وبعد أسابيع عدّة من التأجيل، قرر قبل أيام قليلة من الانتخابات محاولة الاستفادة من عمله. ولحسن حظه، كانت إحدى صديقاته تعرف أشخاصاً مشاركين في حملة ممداني، وأخبرته أن الحملة تعمل على إنتاج مقطع باللغة العربية. بعد تواصلها مع مرقص والحملة عبر البريد الإلكتروني، أرسل ملفات الشعار، مع تصريح باستخدامها حسبما تراه الحملة مناسباً. يعلّق مرقص: "في اليوم التالي، عندما صدر مقطع الفيديو لممداني وهو يتحدث باللغة العربية، ظهرت حروفنا العربية في نهاية الفيلم. كان التزامن في التوقيت مثالياً، بل صدفة جميلة حتى".
على الرغم من أن التعاون مع ممداني قد يبدو عفوياً، يغطّي سجل مرقص مجموعة واسعة من المشاريع، من تطوير الشعار العربي لمتحف المتروبوليتان للفنون إلى الهوية البصرية لمعرض نيويورك العام الجديد "نيويورك: حياة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المدينة". ومعظم العملاء الثقافيين الذين يعمل معهم Morcos Key ينتمون إلى منطقة الخليج، حيث يشهد الاستثمار في الصناعات الإبداعية نموّاً متزايداً، كما يوضح مرقص: "يشهد الاقتصاد الإبداعي نموّاً سريعاً في منطقة الخليج. أطلقت مراكز فنية وبيناليات ومتاحف في جميع أنحاء المنطقة أخيراً، ما يدلّ على تزايد الاستثمار الإقليمي في الثقافة والتصميم".

وعن تطوير خط عربي حديث وسهل الاستخدام، مثل ذلك الذي ظهر في فيديو ممداني، يقول مرقص: "متعة الإبداع والابتكار هي جوهر عملي. اللغة العربية غنيّة بالخطوط التقليدية، لكنها لم تُدمج بشكل صحيح في الخطوط الرقمية والتصميم، ما ترك الفنانين مع عدد قليل من الأدوات لخلق ثقافة عربية بصرية حديثة ومثيرة".

ويضيف: "الطباعة والخطوط هي نوع من التكنولوجيا التي تمكّننا من الحفاظ على لغتنا ونقلها. الطباعة تطورت من الكتابة اليدوية إلى القوالب الخشبية، ثم الآلات الكاتبة، وأخيراً لوحات المفاتيح على أجهزة الكمبيوتر والخطوط الرقمية على شاشات الهواتف. ومع كل تطور تكنولوجي، كان التفكير دائماً في النص اللاتيني، الذي يكتب من اليسار إلى اليمين. لفترة طويلة، لم تدعم التكنولوجيا تعقيد الخط العربي وغناه".
يختم مرقص ملاحظاته بتساؤل لـ"النهار": "إن لم نستثمر في شكل لغتنا الرقمية، فمن سيفعل ذلك لنا؟".
نبض