رولان طنب في "بودكاست مع نايلة": من شغف الطب إلى عشق الكلمة

لايف ستايل 23-10-2025 | 19:15

رولان طنب في "بودكاست مع نايلة": من شغف الطب إلى عشق الكلمة

في بداية الحوار، سألته نايلة أن يعرّف عن نفسه، فقال إنّ "هذا السؤال من أصعب الأسئلة"...
رولان طنب في "بودكاست مع نايلة": من شغف الطب إلى عشق الكلمة
نايلة تويني ورولان طنب (النهار).
Smaller Bigger

في حلقة جديدة من "بودكاست مع نايلة"، استضافت نايلة تويني البروفيسور رولان طنب، أحد أبرز الأسماء في عالم طبّ الأمراض الجلدية والأخلاقيات الحيوية والتعليم الطبي. طنب هو رئيس قسم الأمراض الجلدية في مستشفى أوتيل ديو، ومدير "جامعة للكل" Université pour Tous، وعميد سابق لكلية الطب في جامعة القديس يوسف حيث شغل هذا المنصب لمدة اثني عشر عاماً، وهو اليوم عميد فخري للكلية. بخبرة تمتد على مدى عقود، جمع بين الممارسة الطبية والبحث والتعليم، مساهماً في تطوير المعايير الأخلاقية وتعزيز التميّز في المجال الطبي في لبنان والعالم.

 

في بداية الحوار، سألته نايلة أن يعرّف عن نفسه، فقال إنّ "هذا السؤال من أصعب الأسئلة"، مضيفاً أنه أولاً وقبل كل شيء مواطن لبناني متعصّب للبنانية التي يؤمن بها حتى العمق، وبدا واضحاً أنّ ضيف الحلقة يحمل هوية فكرية وإنسانية راسخة، وأنّ انتماءه للوطن ليس شعاراً بل أسلوب حياة. يكشف البروفيسور طنب في حديثه جانباً إنسانياً وفكرياً غنياً، فهو لا يرى الطبّ بمعزل عن الفلسفة والتاريخ والأدب. يقول إنه يحب الفلسفة والتاريخ، وخصوصاً تاريخ لبنان، إلى درجة أنه درس اللاهوت بدافع الفضول الفكري، كما يُدرّس اللغة الفينيقية ويولي اهتماماً كبيراً بتراثنا الثقافي. بالنسبة له، دراسة الفينيقية ليست مجرد بحث في الماضي، بل محاولة لفهم الهوية اللبنانية من جذورها، مروراً باللغة الآرامية والعبرية والتسميات التي ما زالت حاضرة في القرى والمدن.

 

وفي حديثه عن اللغة الفرنسية، يعتبرها جزءاً من الثقافة اللبنانية المتعدّدة، لكنه يشدّد على ضرورة أن نتمسّك بلغتنا وثقافتنا الأصلية، وأن نقرأ أكثر كي نحافظ على وعينا وهويتنا. ويقول بشغف: "القراءة هي فعل مقاومة، بها نحمي فكرنا من التفاهة والسطحية". ويعترف بحبّه للشعر اللبناني، ذاكراً الشاعرة ناديا تويني وعدداً من شعراء لبنان الذين كتبوا عن الوجع والجمال والحياة.

 

 

تنتقل نايلة في الحوار إلى طفولة رولان طنب الذي عاش في منطقة الطيونة، حين كانت حيّاً مختلطاً يجمع مختلف الطوائف. يصف تلك الفترة بسعادةٍ دافئة، مستذكراً كيف كان يرتاد السينما في الحمرا، حيث وُلد شغفه بالثقافة والفن. لكنّه لا ينسى الجدران التي شُيّدت بعد الحرب، والتي فصلت بين الناس والمناطق، معتبراً أن ما يؤلمه ليس فقط الدمار المادي، بل الحواجز النفسية التي بقيت.

 

وعن اختياره دراسة الطب، يضحك البروفيسور قائلاً إنه لم يكن قراراً مدروساً بل مصادفة طريفة، لتشاركه نايلة الضحك وتتحوّل اللحظة إلى حوار مليء بالعفوية. أما عن تعلّقه بلبنان، فيؤكد أنه لم يفكر يوماً بالهجرة رغم الأزمات، قائلاً: "من واجبي أن أبقى إلى جانب أهلي وشعبي، فالطبيب لا يترك مرضاه في العاصفة".

 

يشدّد طنب على أن أهم ما في الطب هو الإنسانية في التعامل مع المريض وعائلته، فالعلاج لا يقتصر على الوصفات الطبية، بل على الإصغاء والتفهّم. وعن موضة الأطفال ومستحضرات العناية بالبشرة التي تجتاح مواقع التواصل، يعلّق بابتسامة ناقدة: "النصيحة الأهم هي عدم المبالغة، فالبساطة هي أساس الجمال." ويذكّر الشباب بأن الوقاية أهم من العلاج، وأن الوعي هو خط الدفاع الأول عن الصحة.

 

وحين تتطرّق نايلة إلى انفجار بيروت، يقول بصوت متأثر: "ما جرى أصابنا جميعاً، لكنه زادني إصراراً على البقاء والعمل كي تبقى هوية لبنان مميزة"، ويخصّ جريدة النهار بالشكر على دورها في حماية هذه الهوية الثقافية والفكرية عبر تاريخها الطويل. ويكشف أنه أحب عالم الكتابة قبل دخوله الطب، ولا يزال متمسّكاً بالكتاب الورقي رغم سهولة القراءة عبر الإنترنت، لأن الورق بالنسبة له "يحمل دفء الفكر والروح". ويوجّه طنب رسالة إلى طلاب لبنان قائلاً: "البلد لا يعطيك، بل أنت تعطي نفسك والبلد والآخرين".

 

وقبل أن تختم نايلة الحلقة، يشكرها قائلاً إنه لم يتوقّع أن يكون البودكاست بهذا القرب والعمق، ويصفها بأنها "شخص مريح يجعل ضيفه يشعر كأنه في منزله يتحدث إلى صديق قديم". وفي نهاية اللقاء، يترك البروفيسور رولان طنب انطباعاً صادقاً لرجل لا يكتفي بأن يكون طبيباً ناجحاً، بل إنسان مثقف يرى في الطب والفكر معاً طريقاً واحداً نحو خدمة الإنسان وحماية لبنان الذي يؤمن به حتى النهاية.

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 10/22/2025 3:51:00 PM
لا يمكن اعتبار هذا التراجع "انهيارًا" أو حتى "تصحيحًا"، نظرًا لارتفاع الأسعار الكبير. لا تزال المعادن تحقق أرباحًا جيدة هذا العام، حتى بعد التراجعات الأخيرة
لبنان 10/20/2025 8:03:00 PM
تتشكل هذه السحب العدسية عادة على ارتفاع يتراوح بين 2000 و5000 متر فوق سطح البحر، عندما يتدفق هواء رطب ومستقر فوق الجبال
لبنان 10/22/2025 7:56:00 AM
صحيفة "جيروزاليم بوست": الطريق إلى النزع الكامل لسلاح حزب الله لا يزال طويلاً