ضياء العزاوي في "بودكاست مع نايلة": رحلة فنان لا ينسى وطنه

ثقافة 09-10-2025 | 19:03

ضياء العزاوي في "بودكاست مع نايلة": رحلة فنان لا ينسى وطنه

“الألم يخلق التحدي، ويصنع القناعة بضرورة إنتاج الجمال، لأن الجانب الآخر من الألم هو الشفاء"
ضياء العزاوي في "بودكاست مع نايلة": رحلة فنان لا ينسى وطنه
نايلة تويني وضيفها ضياء العزاوي (النهار)
Smaller Bigger

في لقاء جديد من "بودكاست مع نايلة"، تأخذنا الإعلامية نايلة تويني إلى عالمٍ تتداخل فيه الألوان بالذاكرة، والرمز بالموقف. ضيفها هذه المرّة هو الفنان التشكيلي العراقي ضياء العزاوي، أحد أبرز رواد الفن العربي المعاصر، الذي يعيش في لندن منذ أكثر من خمسين عاماً، من دون أن تنقطع جذوره عن أرضه الأولى أو عن الهمّ العربي الذي ظلّ حاضراً في أعماله ووجدانه.

تستهلّ نايلة الحديث بالإشارة إلى معرضه الأخير في بيروت، الذي استغرق خمس سنوات من التحضير. عودةٌ فنية إلى المدينة التي احتضنته مطلع التسعينيات، يقول عنها العزاوي: “أردت أن أستعيد التجربة التي عشتها عام 1991، حين كانت بيروت تخرج من الحرب وتبحث عن حياة جديدة. كنت أراها مدينة تشبهني: حرّة، قلقة، لكنها قادرة على النهوض دائماً".

 

 

المعرض الذي حمل عنوان "شهود الزور" جاء كتوثيق فنيّ لمرحلتين مفصليتين من التاريخ الحديث. القسم الأول يستحضر رواية "شهود الزور" الذين استخدمتهم القوى الغربية لتبرير غزو العراق بذريعة امتلاك أسلحة دمار شامل، فيما يستعرض القسم الثاني انتفاضة الشباب العراقيين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بالحرية والعدالة، فواجهوا الرصاص. وفي واحدة من أكثر لوحاته تأثيراً، دوّن العزاوي أسماء 730 شاباً وشابة سقطوا في تلك الاحتجاجات، لتتحوّل اللوحة إلى أرشيفٍ للذاكرة وموقفٍ ضد النسيان.

وعن رسالته من هذا العمل، يقول الفنان إن ما حدث في العراق ليس سوى نموذج لتدميرٍ ممنهج للمنطقة تحت شعارات الديمقراطية والحرية، التي يصفها بأنها “كذبة غربية كبرى”. ورغم مرور أربعة عقود على مغادرته العراق، لا يزال يحمل صورته الأولى في قلبه، مؤكداً: “لم أزر العراق منذ أربعين عاماً لأنني لا أريد أن أُمحو من ذاكرتي صورة الوطن الذي أحببته".

يؤمن العزاوي بأن الفن ليس ترفاً ولا زينة للحياة، بل فعل مقاومة ضد التلاشي. لذلك حملت أعماله، عبر مسيرته الطويلة، رسائل سياسية وإنسانية امتدت من المأساة العراقية إلى جراح لبنان وسوريا. ومع ذلك، يرى أن الجمال لا ينفصل عن الألم، قائلاً بابتسامة: “قهوته مرّة وحلوة... وكذلك الحياة، لكن الجانب الحلو فيها يستحق أن يُعاش".

في حديثه عن البدايات، يعود إلى طفولته في بغداد، حيث كان مولعاً بالتفاصيل الصغيرة، يرسم الناس والطبيعة من حوله. ومع دراسته للآثار والتاريخ في الجامعة صباحاً، والفن الأوروبي مساءً في معهد الفنون الجميلة، تبلورت رؤيته القائمة على الموازنة بين التراث والحداثة. يقول: “كنت أتعلم كيف أكون حراً، وكيف أرى العالم بعينٍ لا تخاف من الاختلاف".

وعن العلاقة بين الألم والإبداع، يوضح: “الألم يخلق التحدي، ويصنع القناعة بضرورة إنتاج الجمال، لأن الجانب الآخر من الألم هو الشفاء". أما عن أحلامه اليوم، فيقول بثقة هادئة إنه راضٍ عما حقّقه، ويتمنّى بعد مئة عام أن يُذكر كفنانٍ صادق مع نفسه ومع فنه.

وحين سألته نايلة عن المنفى، أجاب: “لا أشعر أنني في منفى. أعيش كإنسان لا كمهاجر. المنفى حالة نفسية، وأنا تجاوزتها". ثم يوجّه نصيحة للأجيال الجديدة قائلاً: “اختاروا العلم قبل الأدب، فبدون العلم لا يمكن أن نستمتع بالفن".

قبل نهاية اللقاء، استعاد العزاوي ذكرياته مع "دار النهار" حين رسم إحدى قصائد نادية تويني، مشيراً إلى أن الشعر كان ولا يزال مصدر إلهامه الأعمق. وفي ختام حديثه، يوجّه رسالة إلى لبنان قائلاً: “أتمنى أن يعود لبنان كما عرفته: فضاءً ثقافياً خلاقاً، جميلاً بكل تفاصيله، قادراً على أن يكون نموذجاً يُحتذى في المنطقة".

 

نايلة تويني وضيفها ضياء العزاوي (النهار)
نايلة تويني وضيفها ضياء العزاوي (النهار)

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/7/2025 2:40:00 PM
ضابط سوري سابق: "بدا الأمر كأنه معدّ مسبقاً. لكنه كان مفاجئاً لنا. كنّا نعرف أن الأمور ليست على ما يرام، لكن ليس إلى هذا الحد"...
سياسة 12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً
سياسة 12/7/2025 12:00:00 PM
الأسلحة الأميركية للجيش تشمل مركبات وأسلحة متوسطة دفاعية لا هجومية ضمن المساعدات الدورية...