هذا الأسبوع، استضافت نايلة تويني الموسيقي والمنتج اللبناني روجيه سعد، المعروف باسم DJ Rodge، في "بودكاست مع نايلة"، لتكشف عن جوانب من حياته ومسيرته الفنية التي تتجاوز حدود الموسيقى والاحتفالات، لتصل إلى شغف ورسالة عميقة. يصف Rodge نفسه بالقول: "أنا شخص يحب الموسيقى كثيراً، مغرم بها إلى حدّ الهوس، وأبحث دائماً عن التفوق على نفسي".

بدأت علاقة Rodge بالموسيقى في سن مبكرة جداً. كان يبلغ ست سنوات حين حمل أول أشرطته وجرّب خلط الأغاني. وفي وقت كان جيله يترعرع وسط أصوات القذائف، وجد هو ملاذه في النغم. "الموسيقى كانت دائماً أقوى من القنابل"، يقولها بثقة، مؤكّداً أن الصوت الذي أنقذه من صعوبات الحياة ظل ملاذه الأول والأخير. لم يتصوّر يوماً أنه سيصبح DJ أو أن يؤسّس إذاعة، بل كان يعتقد أن مستقبله سيكون في إدارة المعلوماتية. لكنه تخرّج، وبدلاً من أن ينخرط في وظيفة مكتبية، أسّس إذاعة Mix FM التي تحوّلت إلى واحدة من أنجح المحطات وتصدّرت مؤخراً نسب الاستماع في لبنان.

نايلة تويني وضيفها DJ Rodge.

الفرح رسالة شخصية
رغم أن شغفه تحوّل إلى عمل، بقي Rodge يعتبر أن الموسيقى رسالة فرح. "حين أعزف الموسيقى، أكون أؤدّي عملي، لكن فرحتي تكمن في أنني أفرّح الناس." وخلال جائحة كورونا، لم يستسلم للعزلة، بل كان من أوائل من أطلقوا بثاً مباشراً عبر الإنترنت ليبقى على تواصل مع جمهوره. في تلك الفترة، احتفل معهم بعيد الميلاد ورأس السنة والفالنتاين، محوّلاً العزلة إلى مساحة أمل وتواصل.

لبنان الحب الأول والأخير
لبنان بالنسبة له ليس محطة عابرة. إنه بيته الحقيقي. يقول: "أحب لبنان ولا أتصور أن أغادره. وإذا رزقت بابنة فسأسميها بيروت". ارتباطه بمدينته بلغ ذروته بعد انفجار الرابع من آب الذي دمّر بيته والاستوديو الخاص به. ورغم الصدمة، لجأ إلى الموسيقى مجدداً، فأطلق مع الشاب خالد أغنية "Elle s’appelle Beirut". بالنسبة له، كانت الأغنية أكثر من عمل فني، كانت صرخة حب ووفاء: "لا توجد قوة أكبر من لبنان".

رغم الصعوبات، بقي Rodge وفياً لرسالته. والده لم يكن مؤيداً لمشواره الفني، معتبراً أن النجاح الحقيقي هو في الطب أو الهندسة. لكن دعم والدته وخطيبته رولا وأصدقائه وجمهوره جعله يتابع المسيرة بلا تردّد. وهو يختصر سر نجاحه بجملة واحدة: "لم أنظر إلى غيري ولم أنسخ أحداً، ركزت على نفسي وطوّرت موسيقاي".

بين الذكاء الاصطناعي والإنسان
اليوم، مع تسارع حضور الذكاء الاصطناعي، لا ينكر Rodge أن التكنولوجيا قد تغيّر ملامح المشهد. لكنه يصرّ على شيء واحد: "قد يتم استبدال الـ DJ بروبوت في بعض الأماكن، لكن التواصل البشري لا يمكن أن يعوّضه أي ذكاء اصطناعي." بالنسبة له، الموسيقى ليست مجرّد صوت، بل تفاعل إنساني وجسر يصل بين القلوب.

رسالة إلى الجيل الجديد
للشباب الراغبين في دخول هذا المجال، يوجه نصيحة صريحة: "عليك أن تسبق نفسك دائماً وتتحدّاها. والأهم أن تتحلّى بالصبر. إذا لم تكن شغوفاً بالموسيقى، فلا تدخل هذا المجال". وهو يصف نفسه بالـ "مدمن على العمل"، معتبراً أن الاجتهاد هو الطريق الوحيد للنجاح.

وراء الأضواء، Rodge إنسان بسيط، يكره النفاق والخطأ، ويقدّر الأشخاص "الأوادم" والصدق، ويقول ضاحكاً: "قهوَتي مرة، لكن الحياة حلوة رغم كل مصاعبها". وبالنسبة له، الموسيقى لم تكن يوماً مجرد مهنة، بل هي كانت حبّه الأول وستكون حبّه الأخير، ووسيلة لمداواة الجراح ونشر الأمل.