"أبوها"... فلسفة كوريّة تحتفي بجمال اليوم العادي

في عالم يزداد تسارعاً وضجيجاً، تخرج كوريا الجنوبية بفلسفة جديدة تدعو إلى التمهّل واكتشاف الجمال في تفاصيل الحياة اليومية.
تُعرف هذه الفلسفة باسم "أبوها"، المأخوذة من عبارة كورية تعني "اليوم العادي"، وهي دعوة إلى احتضان البساطة والابتعاد عن الضغط اليومي لإنجاز الأعمال.
"أبوها" سكينة كوريا اليومية
يقوم مبدأ "أبوها" على فكرة الاستمتاع بلحظات صغيرة، مثل المشي مع غروب الشمس، حياكة الصوف، أو شرب فنجان شاي بهدوء.
للمزيد: وجهات سياحية وجلسات عافية ترافق المرأة في مرحلة انقطاع الطمث
تبدو هذه اللحظات عابرة، لكنها بالنسبة إلى الكوريين تحوّل إلى مصدر صفاء في عالم يطالب دوماً بالمزيد. إنها استراحة من ضغط العمل الطويل والمنافسة المستمرة، ورسالة بأن الحياة العادية تحمل في طيّاتها كل المعنى من دون حاجة إلى استعراض.
مساحات "أبوها" الفعلية في كوريا
يمتد هذا النهج إلى المنازل والمدن في كوريا. فتصاميم البيوت تُهيّأ للراحة عبر الإضاءة الدافئة والزوايا الهادئة، فيما تولي المدن اهتماماً أكبر بالحدائق والمساحات الخضراء التي تمنح فسحة للتأمّل وسط صخب الشوارع. حتى أبسط التفاصيل، كاختيار بطانية دافئة أو تصميم ركن هادئ، تصبح وسيلة لتعزيز العافية.
"أبوها" تُبعد شبح الاستهلاك اللاواعي
فلسفة تعكس روح كوريا وثقافتها
تستند هذه الفلسفة إلى عمق ثقافي في كوريا، فهي تلتقي مع مفهوم "سوهواكهاينغ" الذي يحتفي بـ"المتعة الصغيرة"، لكنها تذهب أبعد بتركيزها على الصحة النفسية وقبول إيقاع الحياة البسيط. فهي بطبيعة الحال، تمرّد هادئ على الإنهاك الجماعي، وخيار يمنح الأولوية للسكينة في مجتمع يُقاس فيه النجاح غالباً بالإنجاز والسرعة.
اقرأ أيضاً: أكثر من مليار حالة اضطراب نفسي في العالم ومنظمة الصحة العالمية تتدخل
"أبوها" فلسفة تتخطّى الحدود
في الواقع، لا يقتصر صدى "أبوها" على كوريا وحدها، بل يلتقي مع توجهات عالمية مثل "هيغيه" في الدنمارك و"وابي- سابي" في اليابان، التي تثمّن البساطة والجمال غير المتكلّف.
وفي عالم يزداد تسارعاً، تقدّم الحياة بحسب معايير "أبوها" دعوة إلى الموازنة بين متطلّبات الحاضر وحاجتنا إلى الصفاء الداخلي. ويمكن أن تدخل تفاصيل "أبوها" إلى حياتنا يومية عبر لحظات صغيرة، مثل:
- الجلوس بصمت بعد نهار طويل
- الاستراحة بلا شعور بالذنب
- إنجاز عمل واحد بتركيز بدل التشتّت في مهام عدّة