لايف ستايل 31-08-2025 | 10:42

هل انتهى زمن "أفضل وقت للسفر"؟

أحد المسافرين: "فوجئت بارتفاع الحرارة. كنت قد حزمت معي معاطف وثياباً شتوية فقط، ولم يكن بحوزتي أيّ ملابس صيفية". 
هل انتهى زمن "أفضل وقت للسفر"؟
تعبيرية (أ ف ب)
Smaller Bigger

كانت نصيحة "أفضل وقت للزيارة" تقليدياً تعني موسم الذروة، الذي يجمع ما بين الطقس المثالي والتجارب السياحية. لكن هذه القاعدة لم تعد ثابتة. فالنصائح السياحية اليوم باتت أكثر تفصيلاً: فقد يقترح دليل السفر إلى إيطاليا نيسان/أبريل وتشرين الأول/أكتوبر لتفادي الازدحام، أو شباط/فبراير لكرنفال البندقية، أو كانون الثاني/يناير للتزلج في جبال الدولوميت.

 

سحر، التي تسافر كل عام في كانون الثاني/يناير إلى باريس لزيارة عمل، تشهد على هذا التحوّل: "لطالما كان الطقس في باريس خلال هذا الشهر بارداً وشتوياً. لكنني، في يناير 2024، فوجئت بارتفاع الحرارة. كنت قد حزمت معي معاطف وثياباً شتوية فقط، ولم يكن بحوزتي أيّ ملابس صيفية".

 

هذه المفاجآت لم تعد استثناءً، بل جزء من واقع جديد يعيشه العالم ويضرب مباشرة صورة السفر التقليدية.

 

فوضى مناخية… الفصول تفقد هويتها
يصف خبير الطقس علي جابر هذا التحول بمصطلح "الفوضى المناخية"، موضحاً أننا "لم نعد نشهد الفصول التقليدية بدرجات الحرارة المعتادة. نحن نعيش تطرفاً مناخياً يجعلنا تحت تأثير منظومة جوية مضطربة عالمياً. لم يعد بوسعنا القول إننا نملك فصولاً ثابتة".

 

ويُرجع هذه الفوضى إلى ممارسات بشرية: التلوث، الغازات الدفيئة، قطع الأشجار، وتوسّع ثقب الأوزون، ما أدى إلى فقدان التوازن البيئي.

 

ويحذّر  من "أننا أمام فقدان السيطرة على الطبيعة: حرائق استثنائية، سيول، أعاصير غير مسبوقة، وحرارة متطرفة حتى في بلدان لم تعتد عليها. العالم يسير نحو التصحر واختفاء الوجهات المعتدلة".

 

أشخاص يرتدون أغطية واقية من المطر ويكافحون ضد الرياح القوية أثناء ركوبهم دراجة نارية في مدينة فينه، فيتام (أ ف ب)
أشخاص يرتدون أغطية واقية من المطر ويكافحون ضد الرياح القوية أثناء ركوبهم دراجة نارية في مدينة فينه، فيتام (أ ف ب)

 

وجهات تتلاشى وأخرى تولد... كيف يغيّر المناخ مسارات السفر؟
في ظل الاحتباس الحراري، تشهد وجهات سياحية عريقة تحولات صيفية جذرية، أوروبا تحديداً، التي تعد الأسرع ارتفاعاً في درجات الحرارة، تعيش صيفاً غير مسبوق:

  • انخفاض عدد زوار الشواطئ الإيطالية بنسبة 25% في حزيران/يونيو وتموز/يوليو هذا العام.
  • إغلاق الأكروبوليس في أثينا خلال الساعات الأكثر حرارة.
  • خطط استباقية في باريس لمواجهة احتمال وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية، بحسب مجلة "التايمز".

 

هذه التغيرات دفعت السياح إلى إعادة التفكير في وجهاتهم. الوجهات الباردة أو المهملة سابقاً، مثل جبال روكي في أميركا أو مناطق في أوستراليا، بدأت تجذب مزيداً من الزوار.

 

توضح هايدي دورفلينغر، الرئيسة التنفيذية لشركة "أي اف وورد جورنيز" أنه "عندما تكون هناك تغيّرات شديدة في بعض مناطق العالم، ينجذب المسافرون إلى وجهات أكثر برودة قليلاً. إنهم إما يسافرون إلى أماكن ليست حارة في ذروة الصيف، وإما يختارون خارج موسم الذروة وجهات أكثر راحة".

 

تعبيرية (انترنت)
تعبيرية (انترنت)

 

فجوة معلومات تُربك المسافرين... التكيّف هو كلمة السر
التحدي لا يقتصر على الطقس. تشير جوليانا شريستا، المؤسسة المشاركة لشركة  "دولوا أوتدورز"، إلى مشكلة في تدفق المعلومات: "في شركات السياحة الكبيرة، قد يبيع الموظف رحلة إلى مكان لم يزره من قبل. لذلك، التفاصيل المهمة مثل الطقس أو حتى نصائح أساسية كإحضار كمامة بسبب التلوث، قد لا تُذكر إطلاقاً.

 

هذا الإغفال يضر بالجميع: يصل المسافرون غير مستعدين، تتأثر تجاربهم، وتتضرر سمعة الشركات. وتفاقم وسائل التواصل الاجتماعي هذه الفجوة، إذ تعرض صوراً مثالية من دون أي إشارة إلى الموسم أو الظروف الحقيقية، فيما يحجز الناس رحلاتهم قبل أشهر طويلة من موعدها من دون الاطلاع على المستجدات المناخية".

 

تضيف لموقع "بي بي سي" إن الحل ليس في اللوم بل في التكيّف. "على الشركات أن تحدّث قوائم الأمتعة لتناسب الطقس المتقلب، تقدم توقعات واقعية، تشجع على التأمين الشامل، وتضع خططاً بديلة".

في شركتها، يعتمد الفريق على الخبرة المحلية، بحيث يكون المرشد قد زار الوجهة مؤخراً ليزوّد السياح معلومات حديثة. وتضيف: "لا نؤمن بالإجابات المطلقة مثل ’أيلول/سبتمبر هو أفضل وقت للزيارة‘. الظروف لم تعد ثابتة كما في السابق".

 

 

العالم أمام مشهد طبيعي جديد: صيف أطول، شتاء أقصر، وتقلبات غير متوقعة. فإذا كان الماضي يفرض على المسافر اختيار "أفضل وقت للزيارة"، فإن الحاضر يفرض عليه مهارة أخرى: القدرة على التكيّف مع المفاجآت المناخية، حيث الحقيبة لم تعد تكفي وحدها، بل أصبح لزاماً أن يحمل معها خططاً بديلة وصبراً مضاعفاً.

 

رأي
فاطمة عباني
لبنان... العالم في بلد واحد
عيش لبنان
 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟