الحب في زمنين: كيف تغيّرت العلاقات بين الماضي والتكنولوجيا؟

لايف ستايل 11-08-2025 | 09:20

الحب في زمنين: كيف تغيّرت العلاقات بين الماضي والتكنولوجيا؟

 تغيّر الزمن وفرض علينا عادات حبّ جديدة، تفاعلت معها التكنولوجيا بشكل خاص، حتى أصبح الحب يعيش اليوم في عالم موازٍ، تحكمه الإشعارات والرسائل الفورية،
الحب في زمنين: كيف تغيّرت العلاقات بين الماضي والتكنولوجيا؟
الحب في زمنين
Smaller Bigger

أتذكّر يوم جلست مع والدتي نتحدّث عن الحب والذكريات، وكأنها تسرد لي مشاهد من رواية قديمة أو فيلم أبيض وأسود. كانت كاسيتات عبد الحليم وأم كلثوم آنذاك رسائل العشّاق، وكانت الشرفات مسارح الانتظار، حيث يطلّ المحبّون بلا موعد ولا ساعة محدّدة، أو يجلسون على مقاعد الحدائق، وتُكتب الوعود على جذوع الشجر.

ومع كل كلمة كانت ترويها لي، كنت أرى بعينيّ ملامح ذلك الزمن الجميل: البساطة في الملبس، والطمأنينة في العيش، والحب الذي لم تُقيده شاشة صغيرة تُبقيك متاحاً طوال اليوم. ربما كانت الروابط حينها أعمق، وأصدق، وأبقى في الذاكرة.

لكن تغيّر الزمن وفرض علينا عادات حبّ جديدة، تفاعلت معها التكنولوجيا بشكل خاص، حتى أصبح الحب يعيش اليوم في عالم موازٍ، تحكمه الإشعارات والرسائل الفورية، وتتقلّب فيه المشاعر بين حضور دائم وشوق متناقص.

في هذا السياق، تؤكد الإختصاصية النفسية أليسا رشدان لـ"النهار" أنّ جوهر الحبّ — أي الحاجة الإنسانية العميقة إلى التواصل، والحميمية، والانتماء — لايزال حاضراً بلا شك. غير أنّ طرق التعبير عنه، وكيفية البحث عنه، هي التي تبدّلت بفعل عوامل كثيرة، أبرزها التكنولوجيا، والثقافة، والقيم الاجتماعية السائدة حالياً، إلى جانب أنماط حياتنا المتسارعة.

 

توضح رشدان أنّه "في الماضي، كان التعرّف إلى الشريك يتم غالباً عبر الأصدقاء والعائلة والأماكن التي يرتادها الناس، أما اليوم فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة جزءاً أساسياً من الحكاية. هذا التطوّر سهّل أحياناً خطوات التعارف والمغازلة، لكنه جعل في المقابل الروابط العاطفية عرضة للسطحية والارتباك".

ومن الأمثلة على ذلك، كثير من العلاقات التي تبدأ بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتبادل الطرفان رسائل وصوراً ولحظات يومية طوال الوقت، فتذوب فكرة الشوق والانتظار، ويتحوّل الحميمي إلى روتين ممل. ومع تسارع الإيقاع، يتراكم سوء التفاهمات بسبب الرسائل المقتضبة والتفسيرات الخاطئة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى انتهاء العلاقة قبل نضوجها، رغم بداياتها الواعدة.


أما عن الضغط الاجتماعي، فتقول رشدان إنّ النساء في الماضي كنّ يخضعن لتوقّع الزواج المبكر كمعيار شبه ثابت، في حين أن الحرية الشخصية أصبحت اليوم أولوية أكبر. وتضيف: "المرأة باتت تبحث عن الاحترام والنضج العاطفي أكثر من أي وقت مضى، بعدما كان التركيز في الماضي على امتلاك الرجل بيتاً أو مكانة مادية. تغيّر مفهوم الشريك المثالي ليشمل الانسجام الفكري والعاطفي، لا فقط الظروف المادية".
وعن أدوار الجنسين، تلاحظ رشدان أنّ في الماضي كان الرجل مطالباً بتأمين الدخل، والمرأة برعاية المنزل والأبناء، أما اليوم فقد باتت الأدوار أقرب إلى التوازن، في ظلّ مشاركة أوسع في المسؤوليات والطموحات، وهو ما يخلق ديناميكية جديدة للعلاقات.



يختلف زمن الحبّ من حقبة إلى أخرى، فبينما كان في الماضي يعتمد على التأني والانتظار وبناء الشوق تدريجاً، جاء العصر الحديث ليقدم سرعة التواصل وسهولته، وهو ما فرض تحديات جديدة على العلاقة العاطفية.

كما أشارت ا رشدان، الى أن الحب لا يقاس بعدد الرسائل أو سرعة الرد، بل بمدى قدرة الطرفين على بناء مساحة آمنة للحوار والثقة والدعم المتبادل.
وبذلك، يبقى التحدي أمام الأجيال الجديدة أن تحافظ على عمق المشاعر وسط إغراءات السرعة، وأن تتعلم كيف تستثمر التكنولوجيا لتعزيز الروابط بدلًا من أن تسرّع تآكلها.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً. 
مجتمع 11/21/2025 8:31:00 AM
تركيا وسواحل سوريا ولبنان وفلسطين ستكون من بين المناطق المستهدفة بالأمطار بعد إيطاليا